السعودية: «الشورى» يقترح إنشاء «بيت الحكمة للترجمة والتعريب» في جامعة الملك عبد الله

يهدف لتعزيز القواسم المشتركة بما يخدم السلم والأمن الدوليين

جامعة الملك عبد الله مثال للمشاريع الناجحة والمتميزة («الشرق الأوسط»)
TT

اقترح مجلس الشورى السعودي إنشاء مشروع دار الحكمة للتعريب والترجمة، في جامعة الملك عبد الله، ليكون أداة للتواصل والتعرف والمثاقفة بين الأمم متعددة الأعراق والثقافات واللغات.

وبرر الدكتور سعود بن حميد السبيعي، عضو مجلس الشورى السعودي، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، الهدف الأساسي لإنشاء بيت الحكمة بأنه يتمثل في تفعيل آليات حوار الثقافات والأديان بين الشعوب والأمم والذي دعا إليه خادم الحرمين الشريفين، كذلك تأييد رؤية الملك عبد الله في جائزته العالمية للترجمة لتكون آلية للتعاون، وتعظيم الاستفادة من النتاج العلمي والفكري بين الثقافة العربية الإسلامية والثقافات الأخرى، والالتقاء حول القواسم المشتركة بما يخدم السلم والأمن الدوليين، ويرسي قواعد التعايش السلمي بين أعضاء الأسرة الإنسانية.

وأضاف السبيعي أن الترجمة هي حجر الزاوية لمعرفة ما توصل إليه الآخرون في ميادين المعرفة المختلفة، وذلك بغية استيعابها وتمثلها تمهيدا لتوطينها ومن ثم الإبداع فيها وإضافة الجديد إليها، مؤكدا أنه في عصرنا الراهن تزداد الحاجة إلى الترجمة يوما بعد يوم، هذا العصر الذي يتميز بالتفجر المعرفي الهائل والتقدم العلمي المتسارع والمثقل بالاختراعات والإبداعات التقنية وما يصاحبها من مصطلحات جديدة، إذ يتولد كل عام قرابة 8000 مصطلح جديد، غالبا ما تكون باللغة الإنجليزية، فالترجمة هي السبيل إلى معرفة ما توصلت إليه الأمم الأخرى في ميادين العلم والمعرفة.

وحول مبررات المشروع قال رئيس اللجنة الأمنية بمجلس الشورى «تعد الترجمة أداة للتواصل والتعرف والمثاقفة بين الأمم متعددة الأعراق والثقافات واللغات، فهي الوسيلة الأقدم للتفاهم بين الجماعات التي تتكلم بلغات مختلفة، وكانت ولا تزال ضرورة لا غنى عنها أوجدها تعدد اللغات هذا لتسهيل حوار الحضارات الذي دعا إليه خادم الحرمين الشريفين. وقد أدرك أجدادنا في عصر نهضتنا الأولى أن قراءة واستيعاب معارف وعلوم الحضارات التي سبقتهم لا يمكن أن يتما إلا باللغة الأم، مما أدى إلى إنشاء بيت الحكمة في عهد المأمون، لأن لغة الشعوب هي أداة المعرفة، وهذه الشعوب لا تتقدم ولا تبدع إلا بلغتها الأم».

وقال عضو مجلس الشورى السعودي «إنه تماشيا مع الدور الذي تضطلع به السعودية في العالمين العربي والإسلامي بهدف الحفاظ على الهوية والتراث ولتمكين جميع شرائح المجتمع من التعامل مع المعلومات والمعرفة بيسر وسهولة ولردم الفجوة الرقمية، فإن هذا يتطلب أن تكون اللغة العربية سيدة الموقف». وأشار السبيعي إلى أن غياب جهة متخصصة للترجمة على مستوى المملكة تعمل على تنسيق جهود الترجمة في المملكة وتوجيهها ووضع معايير لها أدى إلى ضعف حركة الترجمة في السعودية، وجعلها محاولات وجهودا عشوائية غير خاضعة للتنظيم، وهذا بدوره جعل نشاطات الترجمة في البلاد ضئيلة بالنظر إلى إمكاناتها وحجمها السكاني والاقتصادي، وتاريخها الثقافي.

وحول واجبات بيت الحكمة للترجمة والتعريب بين السبيعي أنه يتوجب على هذا البيت إذا أراد تحقيق أهدافه أن ينهض بمهام عديدة، منها دراسة حاجات التعريب المراد تحقيقه وما يحتاج إليه من المراجع والكتب والدراسات والبحوث وتأمينها ترجمة، وأن يحكم التعاون مع الجامعات والمعاهد العليا والمتوسطة في البلدان العربية، ومع اتحاد الجامعات العربية ومراكز البحوث العلمية ومجامع اللغة العربية والمؤسسات الثقافية المتخصصة في المجال.

وأفاد السبيعي بأن المشروع يعنى بترجمة المؤلفات الأجنبية والموسوعية والمرجعية الأساسية في مختلف العلوم والآداب والفنون إلى العربية وفق الاحتياجات الفعلية ونشرها. كذلك يقوم البيت بتنظيم الندوات والمؤتمرات المتخصصة ويشارك في الندوات التي تعقد حول هذا المجال، ويقيم علاقات وطيدة مع المؤسسات والهيئات العلمية ذات الصلة بأهدافه في الوطن العربي، وأن يصدر مجلة دورية محكمة تنشر الدراسات اللغوية والأعمال المعربة والعلمية أو مستخلصاتها.

وفي إطار النتائج المستهدفة للمشروع، أشار السبيعي إلى أنه «سيتم استحداث مركز للمعلومات تابع للبيت تتجدد فيه المعلومات بصفة مستمرة من خلال التعاون مع اللجان الوطنية للتربية والثقافة والعلوم في البلدان العربية، حيث ستتوافر في هذا المركز معلومات حول الكتب والمراجع العلمية التي اقترحت ترجمتها بعض الجامعات في الوطن العربي، ويتضمن كذلك أسماء المترجمين العرب الذين يهتمون بالترجمة في مجال اختصاصهم». وأكد عضو الشورى السعودي أن «المكان المناسب لبيت الحكمة للتعريب للترجمة هو جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية، وذلك لاعتبارات عدة، منها أن جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية تتميز بإجراء أحدث البحوث الأساسية والبحوث الموجهة نحو تحقيق أهداف محددة في مجال العلوم والتقنية كعلوم الحاسب الآلي.

واستدرك السبيعي بالقول «بيت الحكمة للتعريب والترجمة يستحق أن يتمتع بالشخصية الاعتبارية ويقوم بتحقيق أهدافه وأداء مهامه في إطار مستقل خدمة للقضايا العلمية. لذلك يجب أن تخصص له الميزانية الملائمة التي تمكنه من تحقيق أهدافه ومهماته. لهذا السبب فإن جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية هي المكان المناسب لهذا البيت».