«التربية والتعليم» لـ «الشرق الأوسط»: 6% فقط نسبة الأمية لدى الكبار في السعودية

تعليم الكبار من أبجديات محو الأمية إلى همة الدراسات العليا

أحد كبار السن يجري اختبارا مع طلاب الصف الثالث الثانوي في الطائف («الشرق الأوسط»)
TT

أكدت وزارة التربية والتعليم في السعودية انحسار الأمية لدى الكبار إلى نسبة 6 في المائة، مؤكدة استمرار محاربتها بغية السعي لمحوها لأنها معوق مباشر للتنمية الشاملة للأفراد والمجتمع.

وأكد الدكتور ماجد الحربي، مدير عام تعليم الكبار في وزارة التربية والتعليم في السعودية لـ«الشرق الأوسط»، أن تعليم الكبار يعد من أساليب التعليم النظامي والهادف لتنمية الوعي للدارسين.

وقال إن السعودية من الدول الرائدة في تعليم الكبار، حيث حصدت بذلك العديد من الجوائز العالمية في هذا الشأن، وكذلك حصلت على اعتراف المنظمات الدولية بتقدمها في محو الأمية وتعليم الكبار، مبينا أن نسبة محو الأمية لدى الذكور وصلت إلى 6 في المائة، وهو مؤشر إيجابي يدفعهم لبذل المزيد من الجهود في برامج مثل برنامج مجتمع بلا أمية، وبرامج محو الأمية.

وشدد مدير تعليم الكبار بوزارة التربية على أنه من الظلم لهؤلاء الدارسين أن يتوقف تعليمهم عند مراحل معينة من التعليم، فلديهم احتياج لمواصلة التعليم وخوض برامج تدريبية وتخصصية من شأنها تحقيق التنمية المستدامة التي يهدف لها في السعودية.

وقال أيضا إنه في مجال محو الأمية في السعودية تقوم الوزارة بحملات صيفية لمن يوجدون خارج النطاق العمراني في البوادي والهجر والذين يتنقلون بصفة دائمة، حيث تستمر الحملة 60 يوما وانطلقت قبل عشرة أيام في عدد من المناطق والمحافظات بمشاركة من عدة وزارات حكومية، ويقدم في هذه الحملات التعليم وإثارة الوعي والتثقيف الديني، وكذلك يتم توعيتهم بأهمية التوطين والعيش في الهجر أو المراكز التي تتوفر فيها الخدمات.

وذكر عبد العزيز السعدي مدير تعليم الكبار في الإدارة العامة للتربية والتعليم بمحافظة الطائف، بأن حكومة خادم الحرمين الشريفين سعت لمحاربة الأمية والجهل في المجتمع السعودي ونجحت في ذلك نجاحا باهرا، وأصبحت تضاهي الدول التي سبقتها بسنوات عديدة في هذا المجال، أي العلم والتعلم وتطورت النظرة لدى المواطنين لتواكب النهضة التي نعيشها في بلادنا الحبيبة.

وأبان السعدي أن الدارس كان في السابق يطلب التعلم لمعرفة القراءة والكتابة والحصول على الشهادة والترقية بها في مجال عمله أو طلب الوظيفة، أما اليوم فقد أصبح من يسعى للتعلم من كبار السن أو المتأخرين في الدراسة بشكل جاد جدا لمحو الأمية في مجالات عديدة كأمية الحاسوب والتقنية الحديثة، ليطور نفسه في استخداماته الشخصية أو في مجال العمل الذي يمارسه، ويندرج كثير من المتعلمين من كبار السن في دورات تدريبية وهم على رأس العمل.

وذهب عبد العزيز السعدي مدير تعليم الكبار في الطائف إلى أن الملاحظ بما لا يدعو للشك عودة الكثيرين ممن تسربوا من الدراسة أو لم يحالفهم الحظ في التعلم في سنوات مضت إلى العودة لمقاعد التعليم كدارسين بحماس يفوق أحيانا زملاءهم من الشباب.

ويرى زبن السبيعي مشرف تعليم الكبار في محافظة الخرمة «شرق شمال الطائف» أن مظلة التعليم في السعودية شملت جميع المواطنين من شباب وبنات أصحاء ومعاقين وكبار السن والمتأخرين عن الالتحاق بالتعليم، حيث أتيحت لهم الفرص السانحة ليلتحقوا بقطار التعليم ويعوضوا ما فاتهم منه ووضع القائمين على التربية في السعودية برامج خاصة دائمة ومؤقتة وفق حاجات المتعلمين. وأضاف السبيعي أنه بعد مرور هذه السنوات على الاهتمام بتعليم الكبار والجهود التي بذلت من قبل الحكومة السعودية في نشره وحث الأفراد على الالتحاق به أخذت ملامح هذا العلم تتحدد وبرزت أهميته بالنسبة للأفراد والمجتمعات، واتسعت مساحة الأهداف التي يسعى تعليم الكبار إلى تحقيقها، وتنوعت الاستراتيجيات التي يسير وفقا لها في سبيل تحقيق الأهداف المرجوة، وبذلك زادت فرص العمل والتدريب وتحسين أوضاع المتعلمين ومساعدتهم على رفع مستوياتهم الشخصية والمعيشية.

وقال السبيعي إنه قد جاء الوقت الذي تحصد فيه النتائج بتحول المتعلمين من كبار السن من طالبي تعلم ومحو أمية إلى طالبي ترقية وتقدم مهني وطالبي انتساب في الجامعات، حتى أصبح هناك شغف كبير لدى كبار السن في المجتمع التعليمي بالسعودية بعضهم تجاوز العقد الخامس والسادس من العمر لإكمال تعليمهم وتحدي أبنائهم في المستوى العلمي.

وقال السبيعي إنه يلاحظ منذ عدة سنوات حرص كبار السن في الحصول على الشهادة العلمية إما للترقي بها في المهن والأعمال بالإدارات الحكومية والقطاعات العسكرية، أو لتكملة التعليم العالي في الجامعات إما بالانتساب وهو الهدف الذي يعانون من صعوبة تحقيقه لعدم شمولية الانتساب في جميع الجامعات فهو حصري لبعضها دون الأخرى، مطالبا بأن تفتح وزارة التعليم العالي الفرصة لهؤلاء الذي لم يدركوا أهمية التعليم إلا بعد تأخر في الزمن والعمر كما فتح لهم الفرصة في مراحل التعليم العام.

وأفاد رجاء غازي السبيعي، مدير مدرسة ليلية في محافظة الخرمة بأنه لوحظ في الفترة الأخيرة اهتمام الدارسين وخاصة الثلاث السنوات الأخيرة على اكتساب النسب العالية وذلك للالتحاق بالتعليم العالي وإكمال الدراسة الجامعية، عكس ما كان سائدا منذ سنوات بحرصهم على الحصول على اسم الشهادة فقط دون اهتمام بالنسبة، وقال السبيعي بأن كثيرا من طلابه المنتسبين في الليلي ومنهم كبار سن دخلوا هذا العام اختبار القياس من أجل استكمال الشروط المطلوبة من الجامعات، وهذا مؤشر جيد ومفرح بالنسبة لهم كتربويين.

ويقول ماجد معيد الخالدي 35 عاما طالب في الصف الأول ثانوي ليلي إنه موظف في قطاع حكومي ولم يعد يرضيه تواضع مستواه التعليمي، فالمجتمع تقدم علميا ومعرفيا ولذلك يريد تحقيق طموح يراوده منذ زمن بالانتساب في كلية للشريعة وتعلم العلم الشرعي.

أما محمد عيد العتيبي 49 عاما طالب في الصف الثالث فيعمل في قطاع عسكري حقق عدة ترقيات بالشهادة وحاليا يأمل في تكملة الجامعة في تخصص الإدارة الاقتصادية لانجذابه لهذا العلم ولقرب تقاعده المبكر، وشارك زميله عيد البقمي 43 عاما موظف مدني بقوله إنهم لم يدركوا أهمية التعليم إلا بعد الالتحاق بالوظيفة حيث لا يرقى إلا حامل الشهادة، ولا يلتحق بالدورات إلا الذي لديه شهادة ثانوية، فأصبح لديهم شغف بالتعلم لتحسين الوضع المهني والحرص وإذا تحقق له فرصة في تعليم جامعي أو انتساب سيبادر في الالتحاق دون تردد مع صعوبة ذلك لعدم تقديم الجامعات الفرعية في المحافظات لتلك الفرص التي لا تكلفها شيئا سوى الاعتماد والإتاحة.