تعلم اللغات.. خيار استراتيجي في ظل المتغيرات الثقافية بالسعودية

حجوزات الطلاب في الصيف مؤكدة

مجاميع طلابية واسعة تفضل تعلم اللغات في بلدان مختلفة
TT

لم يعد تعلم أبجديات اللغة الإنجليزية رفاهية في ظل المتغيرات الثقافية التي تشهدها السعودية اليوم، فأضحى تعلم اللغة الإنجليزية هو الخيار الأول والأساسي للطلاب، لا سيما خريجي الثانوية العامة وطلاب الجامعات للحصول على أفضل الفرص الوظيفية في المستقبل.

ويعتبر الدافع الرئيسي لإتقان اللغة الإنجليزية عن غيرها من اللغات، استخدامها على نطاق واسع في بعض التخصصات الجامعية في الجامعات السعودية الحكومية والخاصة على حد سواء، علاوة على الفرص الوظيفية التي أصبحت اللغة الإنجليزية في صلب الشروط المطلوبة لشغل العمل فيها.

وتعد فترة الإجازة الصيفية هي الأنسب لتعلم اللغة، لتفرغ الطالب من العبء الدراسي لما يزيد على ثلاثة أشهر، أو الجمع بينهما في حالات نادرة، كأن تكون دراسة اللغة مسائية لبضعة أيام في الأسبوع.

ويسعى الدارسون إلى إيجاد بيئة تعليمية مناسبة للدراسة وتطبيق اللغة، فيلجأ البعض إلى الدراسة الذاتية من الكتب أو البودكاست (البرامج الإذاعية المسجلة)، أو من خلال مشاهدة القنوات التعليمية بوسائل البث والوسائط المتعددة، كذلك برامج التعليم على الأجهزة الذكية، إضافة إلى التعليم عن بعد بأدوات التواصل الاجتماعي على الإنترنت.

ويعود البعض للجلوس على مقاعد الدراسة، من خلال الدورات المكثفة التي تقدمها المعاهد المنتشرة في أرجاء السعودية، رغبة منهم في التعلم الأكاديمي البحت، خصوصا في المستويات الأولية التي تتطلب إتقانا لمهارات أساسية، كالقواعد والمحادثة والقراءة، فضلا عن أهمية الاعتماد الأكاديمي لدورات اللغة الإنجليزية لدى الدارسين الراغبين في إكمال الدراسات العليا.

وذكرت سلافة حفظي، مسؤولة بمعهد «وول ستريت» لتعليم اللغة الإنجليزية لـ«الشرق الأوسط»، أن المعهد يهتم بإعطاء المزيد من الفوائد للطلبة، كمنحهم أوقاتا أكثر خلال فترة الصيف من أجل إنهاء المستويات المحددة لهم، أيضا لإعطائهم فرصا أكثر لممارسة اللغة الإنجليزية. وتقول حفظي: «يسجل بالمعهد ما يقارب 3000 إلى 4000 طالب وطالبة، بعض الطلاب يستغلون فترة الإجازة الصيفية في أخذ الدورات القصيرة المكثفة التي تستمر قرابة الشهرين، ولاحظنا أن الكثير منهم يسجلون في فترة الصيف ويستمرون لمدة 6 أشهر أو سنة بسبب استفادتهم من الدورات المقدمة لهم، كما نحفزهم في استثمار أوقات فراغهم في التعليم، كجهاز (الآي باد) على سبيل المثال في حال التسجيل لفترة زمنية معينة أو مدة زمنية تفوق المدة التي سجلوا فيها لإكمال مستوياتهم».

وأشارت حفظي إلى استخدامهم ما يعرف بالتعليم المدمج ويشمل التعليم بواسطة الكومبيوتر والوسائط المتعددة، بالإضافة إلى الأنشطة والفعاليات وحصص المحادثة لترسيخ المعلومة بشكل أفضل، بالإضافة إلى منهج صيفي جديد لتمكين الطلاب من تطوير مهارات لغة الأعمال والتخاطب الاحترافية.

ويحزم بعض الطلاب حقائبهم للدراسة في المعاهد خارج السعودية، لتعلم الإنجليزية في عقر دارها، كالولايات المتحدة وبريطانيا. حيث أشارت إحصائيات «دانة نجد» أحد المكاتب المتخصصة في تسهيل دراسة اللغات في الخارج، إلى أن دراسة اللغة الإنجليزية هي الخيار الطاغي لدى غالبية الشبان والشابات، لا سيما الراغبين منهم في الدخول ضمن برامج البعثات الخارجية، ويرى المدير التنفيذي لأحد مكاتب الخدمات التعليمية، الذي فضل عدم ذكر اسمه، أن من يرغب في تعلم لغات أخرى غير الإنجليزية، غالبا ما تكون حالات فردية ونادرة ولأهداف معينة خاصة بدراسة أو تخصص معين.

وأوضح المدير التنفيذي من خلال حديثه مع «الشرق الأوسط» أن اللغات الآسيوية كاليابانية والصينية لا تهدف إلا لأغراض معينة، كالدراسة في اليابان التي تعتبر الأكثر تكلفة على مستوى البعثات، فضلا عن صعوبة وتعقيد بعض التخصصات التي لا يبدع فيها إلا القليلون، أما لغة الماندرين الصينية فلا يسعى لتعلمها إلا من رغب في التعامل التجاري والصناعي مع الصينيين.

وأبان أن رغبة الشباب في الدراسة في بريطانيا، الرائدة في التعليم، تصطدم مع صعوبة الاستقرار والعيش المكلف في أغلب مقاطعاتها ومدنها، ما يجعل الخيار يتجه نحو الولايات المتحدة وكندا وأستراليا ونيوزيلندا كخيار متساو في نسبة الإقبال عليها. وتطرق إلى المشكلات التي تواجه أغلب الدارسين اليافعين في نقص الإرشاد من بعض المكاتب، إضافة إلى الجهل بقوانين البلد الذي يدرس به.

ويرى الشاب نايف أحمد من منظوره أن تعلم اللغات يحتاج للمزيد من العلم والمهارة، ومتى ما اجتمعا أصبح هناك إتقان للغة، ويعتقد أن طلاب المدارس والجامعات يواجهون عائقا عند تعلم لغة جديدة بافتقاد البيئة الملائمة لها، فتتلاشى شيئا فشيئا بمرور فترة بسيطة. ويجد نايف أن الخيار الأفضل لتعلم اللغات لمن هم في المرحلة التعليمية هو بلا شك تعلم اللغة في الخارج، لأنها تساعد في إتقانه لها بمدة قصيرة، مقارنة بما يقتضيه تعلمها داخل السعودية. ويشير إلى أن البيئة المهنية بعكس الدراسة تتيح للفرد التحدث باللغة الإنجليزية، وتمكنه من إجادة بعض المصطلحات المهنية الأساسية من خلال الاختلاط بزملاء أجانب يتقنونها.