السعودية تحتاج إلى 6 تخصصات لـ«جسرنة» وصولها نحو الاقتصاد المعرفي

خبراء يؤكدون أنها كفيلة بتقويض حجم البطالة وانحسارها

سوق العمل تفرض التوجه نحو تخصصات جديدة في الجامعات السعودية
TT

أوصى خبراء متخصصون بأن سوق العمل في السعودية تحتاج لتخصصات عاجلة أهمها التسويق والاستثمار وإدارة الموارد البشرية والتجارة الإلكترونية وتقنية المعلومات وهندسة المشاريع الصناعية.

وقال الدكتور محمد اليزيد، المتخصص في مجال إدارة الموارد البشرية، لـ«الشرق الأوسط»، إن «المجتمع السعودي منذ فترة يعيش حالة من التغيرات والتطورات، التي شملت معظم أوجه الحياة. وقد احتوت هذه التطورات المجالات الصناعية، والتعليمية، والإعلامية، والصحية، هذا بالإضافة إلى كثير من المشاريع الكبرى الاقتصادية. وقد قابلت هذا التطور حاجة قوية وملحة للقوى العاملة التي تلبي متطلبات هذا التوسع الكبير». وأفاد اليزيد بأن المجتمع السعودي كما يشاع عنه فإنه يتسم بالعديد من الأمور، منها أنه مجتمع «مدمن» على العمالة الأجنبية، وأنه كذلك مجتمع غالبية مواطنيه من الشباب.

من جهته، أشار حمد العبد اللطيف، صاحب أحد مواقع التجارة الإلكترونية، لـ«الشرق الأوسط»، بأن المجتمعات المعرفية تتركز اهتماماتها حول الطاقة والمعلومات والتجارة الإلكترونية وهندسة المشاريع الصناعية، وهو ما يعطي بعدا استراتيجيا لمعرفة متطلبات السوق في الأيام القادمة.

وقالت دراسة تربوية انبثقت من جامعة الملك عبد العزيز إن الإحصاءات تؤكد على شبابية المجتمع السعودي، فالعديد من الدراسات تشير إلى أن ما يقرب من نسبة 60 في المائة من الشعب السعودي هم في سن الشباب، مما يعني أنها قوى عاملة تتناسب مع احتياجات سوق العمل. لكن في المقابل فإن هناك 7 ملايين أجنبي يعملون في السعودية في مجالات العمل المختلفة.

وأضافت الدراسة «من هذا نستنتج أن ارتفاع نسب الشباب في المجتمع السعودي يعني أن هناك قوى عاملة متوافرة لتلبية احتياجات سوق العمل. لكن في الوقت نفسه فإن وجود 7 ملايين عامل أجنبي يدل على أن هناك نوعا من الخلل في عملية ملاءمة القوى العاملة السعودية لاحتياجات سوق العمل. وهذا ما يمكن أن نطلق عليه مصطلح البطالة بين أفراد المجتمع السعودي».

وقالت الاستطلاعات إن هذه القضية قد شغلت جميع أوساط المجتمع السعودي، وأثير الجدل عن الجهات المسؤولة عن هذا الوقع، فهناك تهم موجهه للمؤسسات التعليمية بأن خريجي هذه المؤسسات غير ملائمين لسوق العمل، وأن المؤسسات التعليمية لا تأخذ بعين الاعتبار حاجات سوق العمل وتبني سياستها بناء على ذلك. وفي الجانب المعاكس فإن المؤسسات التعليمية ذاتها تتهم قطاع الأعمال بعدم جديتها في توظيف خريجي مؤسساتها، وأنها تبحث عن العمالة رخيصة الأجر والتضخيم من أرباحها على حساب سعودة القوى العاملة لديها.

وحسب الدراسات التي قامت بها مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات مؤخرا، فإن نسبة البطالة بين المواطنين السعوديين بلغت 9.1 في المائة للذكور، و26.3 في المائة للإناث. وكذلك حسب الدراسات على القطاع الخاص تحديدا بلغت نسبة السعوديين العاملين 11.30 في المائة مقابل 88.70 في المائة لغير السعوديين.

وتسعى هذه الدراسة لبحث ظاهرة انخفاض نسبة العاملين من مخرجات المؤسسات التعليمية في المملكة وتزايد نسبة البطالة وعدم توافر التخصصات المطلوبة في سوق العمل، ناهيك عن عدم ملاءمة التخصصات العلمية المتوافرة في الجامعات والكليات السعودية لتأهيل خريجي الجامعات السعودية لتلبية احتياجات سوق العمل، وانخفاض نسب توظيف مخرجات المؤسسات التعليمية في المملكة العربية السعودية من السعوديين.

وكان هدف البحث هو التعرف على واقع بيئة التعليم الجامعية في الجامعات والكليات السعودية ومدى ملاءمة مخرجاتها لاحتياجات سوق العمل، من خلال دراسة فروض البحث، وقد أظهرت النتائج أن العينة عشوائية في ما يخص المتغيرات التالية في ملاءمة التخصصات المتوافرة في الجامعات والكليات السعودية لاحتياجات سوق العمل، وامتلاك الجامعات والكليات السعودية للكفاءة اللازمة في تأهيل الخريجين لسوق العمل، وتمتع أعضاء هيئة التدريس بالكليات والجامعات السعودية بالمهارات الأخلاقية اللازمة لتأهيل الخريجين، وتمتع أعضاء هيئة التدريس بالكليات والجامعات السعودية بالمهارات الفنية اللازمة لتأهيل الخريجين.

وقالت الدراسة إن تركيز المقررات الدراسية الجامعية في المملكة يجب أن يكون على المواد النظرية وأيضا على المواد التطبيقية المهنية، لضعف مقررات التدريب الميداني العملي لطلاب الجامعات والكليات السعودية في مرحلة ما قبل التخرج، ولا بد من مواكبة المناهج الدراسية في الجامعات والكليات السعودية لأحدث التطورات العلمية العالمية، ومواكبة أعضاء هيئة التدريس في الجامعات والكليات السعودية لأحدث التقنيات المتبعة في تسهيل العملية الدراسية.

وأفادت الدراسة بأن الجامعات والكليات السعودية تعاني من النقص في أعضاء هيئة التدريس، وعدم امتلاك خريجي الثانوية العامة القدرات المناسبة لاختيار التخصص المناسب لهم في مرحلة الدراسة الجامعية، وعدم التزام خريجي الجامعات والكليات السعودية بعد تخرجهم عند العمل بأداء عملهم على أكمل وجه.

وعن التوصيات، فقد أوصت الدراسة نحو التوجيه لوزارة التربية والتعليم بعمل برنامج تثقيفي لتأهيل الطلبة خريجي الثانوية العامة بالمعارف الكافية لجعلهم قادرين على اختيار التخصص الذي يتناسب مع إمكاناتهم في الجامعة. نظرا لما أظهرته النتائج من ضعف في قدرة الطالب خريج الثانوية العامة في اختيار التخصص المناسب لإمكاناته، والتوصية للجامعات والكليات السعودية بضرورة دراسة واقع البرامج التعليمية التي تقدمها وتطويرها بما يتلاءم واحتياجات سوق العمل.

وقالت الدراسة إنه يجب تكثيف المقررات التي تركز على الجانب التطبيقي العملي الذي يسهم في إخراج طالب ملامس لواقع سوق العمل، وتقليل نسبة من المقررات النظرية البحتة، والتطوير الدائم للمناهج التعليمية بما يتواكب مع التطورات في المعارف العلمية المختلفة، والاهتمام بتطوير العلاقة بين مؤسسات القطاع الخاص والمؤسسات التعليمية السعودية، لمساعدة الجامعات والكليات السعودية على تفهم احتياجات سوق العمل. ويجب ألا يقتصر دور الجامعة التعليمي على تقديم المعارف والمعلومات والجوانب التطبيقية لها وإنما أيضا لا بد من تزويد الطالب بمهارات عن أخلاقيات العمل وتحمل المسؤولية في بيئة العمل الفعلية، وتوصية القطاع الخاص بمراعاة التخصصات الأكاديمية في استقطاب خريجي المؤسسات التعليمية للعمل لديهم.