أميركا: انتشار الإحباط بين الآباء بسبب زيادة مصروفات المدارس الحكومية

TT

دفعت التخفيضات في ميزانية المدارس وارتفاع النفقات والطموحات الكبيرة لأنشطة الطلبة إلى زيادة تكلفة إرسال الأطفال إلى إحدى المدارس الحكومية في مدينة نيويورك. ففي وقت سابق في فصل الربيع الحالي، طلبت مدونة (SchoolBook) من أولياء الأمور إطلاعه على نفقاتهم المدرسية. تتبع الصحافيون مئات من الردود التي تلقوها، مما ترتب عليه سلسلة من التقارير على صفحة (SchoolBook) في صحيفة «نيويورك تايمز» وإذاعة «دبليو إن واي سي».

تتذكر إلين غولدشتاين، والدة لتوأم في الصف الأول في المدرسة الحكومية رقم 130 في بروكلين، بنوع من الحنين بعض الأشياء التي قام ولداها بصنعها في المدرسة وأرسلوها إلى بيتها في العام الماضي، حيث قاما بصنع كتاب خاص بكافة المعلومات حول الأسماك وإطارات لصور مصنوعة من المصاصات وزهرتين مصنوعتين من المناديل الورقية في عيد الأم. لا تنسى غولدشتاين (46 عاما) أيضا في حقائب ولديها وجود عدد لا ينتهي من طلبات الحصول على المال والأشياء الأخرى التي كانت ترسلها مدرستهما الصغيرة التي تقع على الحدود بين منطقتي كنسينغتون ويندسور تيراس.

تقول غولدشتاين إن الأمر قد بدأ في شهر سبتمبر (أيلول)، عندما بدأت هي وولداها اللذان يبلغان من العمر 6 سنوات في حمل حقائب مدرسية يوجد بداخلها ورق مقوى وبطاقات مفهرسة وأقلام تعليم وتلوين التي طلبها المدرسون في المدرسة. وأكدت أنها بدأت لاحقا في تلقي بعض الكتيبات والإخطارات المدرسية التي تطالبها بدفع مبالغ تتراوح بين 5 - 7 دولارات للقيام برحلات إلى صالات البولينغ ومحلات البيتزا. قامت المدرسة أيضا بتنظيم معرضين للصورة، بما في ذلك أحد المعارض التي تلقت فيه سلاسل مفاتيح أو بعض الأشياء الأخرى مع وجود صور أبنائها عليهم.

لم تكن غولدشتاين قادرة على الرفض، لذا قامت بدفع ما يقرب من 90 دولارا، إضافة إلى 90 دولارا أخرى في المعرض الأول.

تتوقع غولدشتاين وصول إجمالي المصروفات المدرسية التي ستدفعها بنهاية العام الدراسي إلى 700 دولار.

أضافت غولدشتاين: «أنا أقدر تماما سبب قيامهم بهذه الأمور، ولكنني مندهشة حقا من مطالبتنا بدفع الكثير من الأموال».

يختلف الكثير من أولياء أمور طلاب المدارس الحكومية في مدينة نيويورك على الكثير من الأشياء، مثل مزايا المدارس الممولة من الحكومة (charter schools) ومزايا برامج الموهوبين والمتفوقين وأساليب التعامل مع المدارس الفاشلة. وبينما يقترب عام دراسي آخر من نهايته، هناك أمر يبدو أن الكثيرين يتفقون عليه، فنتيجة لسنوات طويلة من تخفيض الميزانية والطموح المتزايد لرابطة الآباء والمعلمين (PTA) والأفكار المختلفة حول من يجب عليه تسديد فاتورة التعليم العام، فإن وجود أحد الأطفال في المدارس الحكومية في الوقت الراهن ينطوي على تحمل الآباء للكثير من التكاليف، التي تزداد كل عام نتيجة المطالبات الاقتصادية.

وطبقا لعشرات من المقابلات والمعلومات الواردة من أكثر من 400 من أولياء الأمور، الذين لديهم أطفال في المدارس الحكومية، إلى مدونة (SchoolBook)، وهي المدونة التعليمية الخاصة بصحيفة «نيويورك تايمز»، فقد تتكلف مصاريف الفصل نحو 400 دولار، بينما قد تصل مصاريف التخرج الخاصة بالصف الخامس إلى 95 دولارا، في حين تصل قيمة الكتب السنوية في المدارس الابتدائية إلى 30 دولارا. وفي بعض مدارس مانهاتن، لم يعد من المستغرب قيام أولياء الأمور بإعطاء أحد المدرسين بطاقة هدايا بقيمة 1000 دولار كوسيلة للتعبير عن الشكر في نهاية العام الدراسي، على الرغم من أن لوائح إدارة التعليم تحظر على المدرس قبول أي هدايا شخصية.

لقد ولت أيام الرحلات المدرسية المجانية بصورة أو بأخرى، فقد تتكلف رحلة لليلة واحدة إلى مخيم قريب زهاء 120 دولارا، وبالنسبة إلى طلاب المدارس الثانوية الذين يرغبون في الانضمام إلى زملائهم في الفصل أو لأحد المدرسين في مدرسة بعيدة، فلم يعد مبلغ 3.500 دولار أمرا غير عادي.

تؤكد تينا مانيس، وهي أم لطالب في الصف السادس في مدرسة «الأصوات الجديدة في الفنون الأكاديمية والإبداعية» التي تقع في صانسيت بارك، بروكلين والتي أنفقت 400 دولار كمصاريف دراسية في العام الحالي، على الحاجة لتقديم المزيد من المساعدات لأولياء الأمور.

تقول مانيس: «على الرغم من أنها مدرسة حكومية، لا يوجد بها مساطر أو حتى شرائط لاصقة».

وقالت ديدريا ميلر، المتحدثة باسم وزارة التعليم، إن الآباء في المدارس الحكومية ظلوا يدفعون كافة الرسوم لسنوات وإن المساعدة مستحقة فقط لغير القادرين على دفع الرسوم. مع ذلك قال الآباء إنهم لاحظوا خلال السنوات القليلة الماضية زيادة كبيرة في عدد الطلبات والدولارات المتوقعة منهم. وقال جوناثان زيمرمان، أستاذ التربية والتاريخ في جامعة نيويورك، إن المعلمين والإداريين، بطلبهم المزيد من الأموال من الآباء لدعم مجلس الآباء والمعلمين بالمدينة، يغيرون عن عمد مبادئ راسخة منذ زمن بشأن مجانية التعليم الحكومي. وقال: «لا أحمل ضغينة تجاه من يقومون بذلك، لكن ما يتحدثون عنه الآن هو نوع من المصروفات المقترحة».

لم تعد كثير من المدارس تقيم فاعلية تصوير واحدة، بل اثنتين أو ثلاثا على مدى العام الدراسي من أجل جمع الأموال. وتستعين بعض المدارس مثل المدرسة الحكومية 41 في غرينويتش فيليدج، بخدمات المصورين الفوتوغرافيين المحترفين الذين يتلقون أجرًا مرتفعًا ويطلبون منهم تصوير الأسر كوسيلة لجمع الأموال، حيث تبلغ سعر الصورة 150 دولارا.

أنفقت ناعومي كوهن، والدة طالبة في السنة النهائية من المرحلة الثانوية في مدرسة «هانتر» الثانوية التي تقع في أبر ويست سايد، مبالغ كبيرة من المال في المدرسة، حيث تجاوزت نفقات السنة الدراسية النهائية في المرحلة الثانوية 580 دولارا، 112 دولارا منها مخصصة للهدايا التي تمنحها المدرسة للطلبة، و230 دولارا للسيارة الأجرة والفستان والكتاب السنوي والشهادة، و140 دولارا مقابل تذكرة دخول حفل التخرج، و100 دولار مقابل توصيل ابنتها وأصدقائها بالحافلة إلى مكان الحفل. عندما حان وقت رد المحامية، التي لا تعمل منذ عامين، على التبرع المقترح من قبل مجلس الآباء والمعلمين والذي يبلغ 1200 دولار، منحتهم مبلغ أقل دون أدنى شعور بالذنب. وقالت: «ربما أكون حساسة أكثر من الآخرين، لكن عندما تلقيت تلك الخطابات، شعرت بشعور سيئ».

* خدمة «نيويورك تايمز» خاص بـ«الشرق الأوسط»