متخصصون: 70% من الطلاب العرب بمعزل عن الأعمال التطوعية في الإجازات

قالوا إن ابتعادهم يضعف القيمة الفعلية للمؤسسات الحكومية

فوجود مئات المتطوعين في مراكز التطوّع لا يشكّل إلا الجزء اليسير جدا من حاجة كل مجتمع للعمل الخيري التطوعي
TT

قال متخصصون في المؤسسات التطوعية إن 80 في المائة من الطلاب العرب يجهلون قيمة العمل التطوعي في الإجازات، وإن ابتعادهم عن المجال التطوعي هو السبب الرئيسي في الضغط على المؤسسات الحكومية وهو مما يربك سير عملها في مختلف البلدان العربية.

وأشار الدكتور حمدان الشهري، مؤسس جمعية «ميلاد» للعمل التطوعي المعني بمأسسة حقيقية تعنى بنظافة الأماكن العامة في السعودية، إلى أن 70 في المائة من أبناء الوطن العربي لا يترجمون ثقافة العمل التطوعي في تدعيم ركائز المؤسسات الحكومية وهو ما أفضى إلى أن غالبية الأعمال التطوعية في الوطن العربي تواجه صعوبات جمة وكبيرة، وتؤثر بشكل مباشر في عدم إثراء الموهبة العربية.

وأفاد الشهري بالقول: «لا يحتاج المجتمع إلى شيء في مجال العمل التطوعي بقدر حاجته إلى ثقافة هذا العمل وانتشاره بين الناس واقتناعهم به، فوجود مئات المتطوعين في مراكز التطوّع لا يشكّل إلا الجزء اليسير جدا من حاجة كل مجتمع للعمل الخيري التطوعي، فيما لو كانت تلك الثقافة مترسخة في المجتمع وتشكّل مفهوما ثابت الملامح متطوّر الأهمية، لامتلأت المراكز الاجتماعية والدينية والصحية والإغاثية والخيرية وغيرها، بآلاف مؤلفة من المتطوعين، بحثا عن الأجر والرضا والسعادة، وأملا في التواصل المثمر والإيجابي». وأظهرت دراسة حديثة أن عدد الجمعيات التطوعية في كندا يبلغ 161 ألف جمعية، يعمل فيها مليونا موظف، يساندهم 12 مليون متطوع، من أصل عدد سكان كندا البالغ 34 مليون نسمة.. أي إن أكثر من 35 في المائة من سكان كندا متطوعون في أعمال خيرية متنوعة، فيما تصل النسبة إلى أكثر من 41 في المائة كعاملين ومتطوعين في القطاع الخيري والإغاثي والإنساني، والتنصيري أيضا. وكما يورد الأستاذ أبو غدة، فإن 19 في المائة من الجمعيات في كندا ينصب اهتمامها بالجانب الديني (التنصيري)، لتحل بالمرتبة الثانية في سلم عدد الجمعيات الخيرية. فيما يبلغ تمويل الأعمال الخيرية في كندا 112 مليار دولار.

بدوره قال محمد عودة العنزي، أحد المهتمين بمجالات التطوّع، «إن التطوع يرتبط بالإطار الثقافي للمجتمع وبمدى رسخ ثقافة التطوع فيه، والتي تعني مجموعة من القيم والاتجاهات والممارسات التي تحث على التطوع وتدعمه وتعلي من قيمة السلوك التطوعي»، ويضيف بالقول: «ثقافة التطوع بهذا المعنى تعد محصلة لعملية تنشئة اجتماعية طويلة تتم عبر الوسائل المختلفة كالأسرة والتعليم ووسائل الإعلام والمؤسسات الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني».

وأضاف أن الأعمال التطوعية لا تنحصر في مجال معيّن، بل هي مختلفة ومتنوعة، كالعمل التطوعي في التعليم والتدريب، والصحة والتغذية، والإغاثة والحوادث، والأمن والنظام، والتثقيف والتوعية، وبالمال والعمل البدني، وغيره. ولها آثار اجتماعية ونفسية عظيمة على المحتاجين. وقال حصة اليوسفي، ناشطة تطوعية، إننا بحاجة إلى إعداد وثيقة شاملة في العمل التطوعي تبني الحقوق والواجبات والميادين ونحوها، لكن باختصار شديد أرى أن من أولى أولويات الحقوق: تعزيز الثقة بالعمل التطوعي وبالمتطوعات والمتطوعين، لأن بعض وسائل الأعلام تغلب أحيانا جانب الاتهام، وتتعامل مع بعض الأخطاء بمنطق التعميم والجرح. وكذلك الاحتفاء بالمتطوعات والمتطوعين والتعامل معهم على أنهم يقومون بخدمة رئيسية نبيلة وليس عملا شكليا ثانويا. ولا بد أن تجد المتطوعة المؤسسات المأمونة التي تعزز ثقة الأهالي بالبيئة التي تعمل فيها. وأن تجد المتطوعة الفرصة الكافية للتدريب والتوجيه الذي يعزز كفاءتها، ويرفع من قدرتها الإنتاجية. وأن تجد المتطوعة الأنظمة المرنة التي تقدر واقعها الاجتماعي وتعمل بمصداقية وجدية معها.

وأضافت اليوسفي: «وسط حاجة المجتمع الإسلامي عموما والسعودي خصوصا لزيادة عدد المتطوعين في الأعمال الخيرية والإغاثية والدعوية وفي مراكز تحفيظ القرآن ومراكز الأحياء وغيرها، نحتاج إلى أن نطّلع على تجارب الذين خبروا العمل التطوعي ممارسة، وأفكار الذين لا يزالون بعيدين عنه فكرا وعملا».

وعن سائل تحفيز وتنمية الانتماء للعمل التطوعي، أجاب محمد السماعي، المشرف على جمعية البر غرب الرياض، بتكليف المتطوع بأعمال تتفق وإمكاناته وقدراته وتعريف المتطوع بالفوائد التي سيحققها من عمله التطوعي (راحة نفسية، استثمار مواهبه، القدرة على التعامل مع الآخرين، استمتاعه، توسيع مداركه، صداقات جديدة)، وصرف مكافآت مالية كحوافز للمتطوعين (العاطلين عن العمل، محدودي الدخل) خاصة أن الظروف الاقتصادية والاجتماعية تحول دون انخراط الشباب في الأعمال التطوعية. وساق أمثلة تحفز الأعمال التطوعية كإيجاد حوافز وظيفية للمتطوعين من موظفي الدولة (تعويض الإجازة، العلاوة السنوية، الترقية، الخدمة)، إيجاد حوافز إيمانية من خلال تعريف المتطوع بالأجر المترتب على عمله التطوعي، وتنظيم التشريعات القانونية لجعل العمل التطوعي جزءا من وسائل تخفيف الأحكام القضائية ومراعاة رغبات المتطوع وظروفه الخاصة في تحديد وقت وزمن التطوع، وإيجاد نظام خاص بالمتطوعين (لائحة) وإبراز التجارب التطوعية المميزة في العديد من المؤسسات الخيرية والتركيز في الأنشطة التطوعية على البرامج والمشروعات التي ترتبط بإشباع الاحتياجات الأساسية للمواطنين الأمر الذي يساهم في زيادة الإقبال على المشاركة في هذه البرامج، وإتاحة الفرصة للمتطوع للمشاركة في صلب عمل المؤسسة وليس على هامشها.

وأضاف أن الشفافية ضرورية في عمل المؤسسة وألا يكون لها أهداف سرية أو غير معلنة والاعتراف الدائم بإنجازات المتطوع وعطاءاته من خلال خطابات الشكر والتقدير، والثناء المباشر في المناسبات العامة، وإتاحة الفرصة للمتطوع للاندماج في المؤسسة فيما لو رغب ذلك، وإشراك المتطوع في إدارة المؤسسة من خلال استشارته وإتاحة الفرصة لإبداء رأيه، وإزالة العقبات الإدارية والفنية التي من الممكن أن تعيق المتطوع عن أداء عمله، ووضوح الواجبات والمسؤوليات المطلوبة من المتطوع، المساندة والإرشاد والتوجيه للمتطوع أثناء عمله.