دراسة أكاديمية: 28% من المراهقات في السعودية يتشاجرن مع والديهن

14% منهن لا يجدن من يستمع لهن داخل أسرهن

الدراسة كشفت أن هناك حلقة مفقودة للتواصل بين الوالدين والمراهقة
TT

أوضحت دراسة أكاديمية بعنوان «مشكلات المراهقات النفسية والاجتماعية والدراسية» أن 28 في المائة من الفتيات السعوديات يعانين من شجار أسري مع الوالدين، وأن 14 في المائة من الفتيات لا يجدن من يستمع لهن داخل أسرهن، وأن شريحة واسعة منهن يتأثرن تأثر مباشرا بصديقاتهن.

وقالت الباحثة خولة السبتي، أكاديمية سعودية، من خلال أطروحتها لدرجة الماجستير والتي انبثقت من جامعة الملك سعود، وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها، إن الأسرة السعودية تتميز بالاستقرار والترابط الأسري، وإن نسبة المراهقات اللاتي يعانين من مشكلة الشجار الأسري بلغت 28.2 في المائة. وهذه النسبة تمثل أكثر من ربع العينة لذلك يتوجب الاهتمام بها من خلال إيجاد حلول فعالة للقضاء عليه.

وكشفت السبتي، في عينة مختارة من مدارس الرياض، أن الأسرة السعودية تتمتع بقوة العلاقات بين أفرادها، ويتضح ذلك من خلال ارتفاع نسبة المراهقات اللاتي يجدن آذانا صاغية لحديثهن، حيث بلغت نسبتهن 72.9 في المائة، وهذه النسبة المرتفعة تدل على ارتفاع مستوى الوعي عند الوالدين اللذين يتيحان الفرصة لبناتهما للتعبير عن ذواتهن وما يجيش في داخل أنفسهن، كما يتيحان لهن الفرصة للتحدث عما يواجهنه من مواقف مختلفة تمر بهن، وهذا الحوار الأبوي يتيح الفرصة للوالدين للتعرف على اتجاهات وأفكار ومشاعر وحاجات بناتهن وبالتالي توجيههن وتلبية حاجاتهن بما يتناسب معهن. أما نسبة المراهقات اللاتي لا يجدن من يستمع لهن في أسرهن فقد بلغت 14.9 في المائة.

وأضافت الباحثة السعودية بالقول «تستمتع المراهقات بالجلوس مع صديقاتهن، حيث بلغت نسبتهن 83.3 في المائة، لذلك لا بد من اختيار الصحبة الصالحة وتقنين علاقة الصداقة بحيث لا تكون هي العلاقة الوحيدة في حياة المراهقة، فتنوع العلاقات القوية في حياة المراهقة بين علاقات أخوية وعلاقات أبوية يتيح الفرصة للمراهقة لاكتساب مفاهيم واتجاهات مختلفة».

وقالت السبتي إن 35.3 في المائة من المراهقات يقتنعن بآراء صديقاتهن، وهذه النسبة متوقعة لما للصديقة من تأثير على صديقتها، لذلك يتوجب على الوالدين تحديد الوقت الذي تقضيه ابنتهما مع صديقاتها بحيث لا يكون معظم وقتها مع الصديقات، كما لا بد أن يكون هناك وقت محدد للأسرة لتبادل الأحاديث والمشاركة في اتخاذ القرارات وإتاحة الفرصة للاستشارات الأسرية.

وأوضحت الدراسة ارتفاع المستوى الأخلاقي والتربوي عند المراهقات، فـ 77 في المائة منهن لا يخالفن الأنظمة والتعليمات، أما نسبة اللاتي يجدن متعة في عدم الالتزام بالأنظمة ومخالفة التعليمات فقد بلغت 14.5 في المائة. ولا ترى المراهقات أن تدخل والدتهن في طريقة اختيارهن لملابسهن مشكلة، حيث بلغت نسبتهن 50.6 في المائة. أما نسبة المراهقات اللاتي يجدنها مشكلة فقد بلغت 23.8 في المائة، لذلك على الأم أن تدرك أن ابنتها في حاجة للشعور بالاستقلالية والرغبة في أخذ القرار بنفسها، فعليها أن تختار الطريقة المناسبة لمشاركة ابنتها في قراراتها من دون أن تضايقها.

واستطردت السبتي بالقول «يحتاج المجتمع السعودي إلى الخدمة الاجتماعية كطريقة مهنية تستخدم أساليب متنوعة في إحداث التغيير المرغوب فيه على ضوء سياسة المجتمع وثقافته، كما أن للخدمة الاجتماعية دورا أساسيا في مواجهة المشاكل والتعامل معها، وبذلك تتضح أهمية هذه الدراسة بالنسبة للمجتمع العربي السعودي، الذي يستطيع أن يستفيد من نتائجها في التعرف على مشكلات المراهقات، فالمراهقات يشكلن فئة مهمة من فئات المجتمع، يقع على كاهلهن عبء تربية الأطفال ومسؤوليات الحياة، حيث دخلت المرأة السعودية في الوقت الحالي مجالات العمل، فالمراهقة أم المستقبل، وهي المعلمة، والمديرة، والموظفة، لذا فإن بناء شخصيتها بناء سليما يساعد على تنمية المجتمع والنهوض به».

كما ترجع أهمية هذه الدراسة أيضا للمراهقة، حيث تكشف عن بعض مشكلاتها النفسية الاجتماعية والدراسية، مما يسهم في وضع حلول واستراتيجيات للتصدي لهذه المشكلات والتعامل معها. وتستطيع الأجهزة التربوية والاجتماعية وعلى رأسها الخدمة الاجتماعية المدرسية الاستفادة من هذه الدراسة، لأنها كشفت لها عن بعض المشكلات التي تواجه الطالبات وبالتالي ترسم خططها العلاجية وفقا لتلك المشكلات.

وقالت إن مشكلة البحث تكمن في مرحلة المراهقة حيث تعتبر من الفترات المهمة الحساسة في حياة الإنسان، وذلك لأنها تمثل فترة نمو جسمي وعقلي ونفسي مهمة. وقد أجمعت أكثر الدراسات الحديثة على اعتبار المراهقين فئة حساسة يجب العناية بها صحيا وعقليا ونفسيا. وأشارت إلى أن مرحلة المراهقة تزخر بكثير من الأزمات النفسية والمشاكل السلوكية، التي من أخطرها التمرد والعدوان، وللتمرد صور مختلفة: كالتمرد على تقاليد الأسرة، أو أنظمة المدرسة، والتهريج في الفصل، والعناد، والتحدي، وتخريب أثاث المدرسة والفصل، وعدم الانتظام في المدرسة، واستعمال الألفاظ البذيئة، كما أن الانسحاب والهرب المادي، أو النفسي، إما بالانطواء على الذات، أو الاستغراق في أحلام اليقظة، من المشاكل الخطيرة في مرحلة المراهقة، فقد يتحول الانسحاب والانطواء إلى مرض نفسي، وقد تظهر مشكلات المراهقة في شكل مخاوف أو خجل شديد، أو قد يعاني المراهق من سوء العلاقات الأسرية، أو مشكلات متعلقة بجماعة الرفاق، أو تمرد على السلطة، مما يشكل عائقا في تكيف المراهق وتوافقه الاجتماعي، كما قد يكون التأخر الدراسي إحدى مشاكل هذه المرحلة.

واستنادا لأهمية هذه المرحلة باعتبارها مرحلة تتأثر بما قبلها من مراحل، وتؤثر في المراحل التي تليها، فإن هذا الدراسة كما تقول السبتي «قامت بالتحقق من وجود بعض المشكلات الاجتماعية والنفسية والدراسية (التأخر الدراسي) للمراهقات: (العلاقات الأسرية، العلاقات مع جماعة الرفاق، التمرد على السلطة، الخجل، العدوانية، الخوف، الانطواء، صعوبة المواد الدراسية، الحصول على درجات ضعيفة)، باعتبارها مشكلات تم التعارف عليها من خلال الكتب والمراجع بأنها مشكلات تظهر في فترة المراهقة».

وأشارت الباحثة كذلك إلى تشابك العوامل التي تسبب المشكلات للمراهقات نظرا أولا لطبيعة مرحلة المراهقة كمرحلة انتقالية، تتعرض فيها المراهقات للتغيرات الفسيولوجية، والنفسية، والاجتماعية، والانفعالية، التي تعدهن للمرحلة التي تليها (مرحلة الشباب)، ولصعوبة إرجاع المشكلات التي تعاني منها المراهقات لسبب أو عامل واحد.

وأفادت الباحثة نستطيع الجزم بأن مشكلة الخجل التي تعاني منها المراهقة تعود أساسا لطبيعة المرحلة التي تمر بها، فقد تكون لها أسباب وعوامل أخرى. لذلك فإن هذه الدراسة سعت إلى توحيد المرحلة العمرية لعينة البحث، بحيث تتأكد من أن المشكلات التي سوف تتناولها هي مشكلات ترجع في أغلبها إلى طبيعة مرحلة المراهقة. وبما أن الفتاة المراهقة قد تتعرض لمشكلات من نوع خاص قد لا تفصح عنها، أو تفتقر لصراحة عند سؤالها، لذا فإن هذه الدراسة حددت بعض المشكلات التي رأت الباحثة أن المراهقة قد تدلي برأيها فيها من دون أن يخالجها الخوف أو الخجل أو الإحساس بالذنب، فالمشكلات التي تم تناولها مشكلات اجتماعية: (العلاقات الأسرية، العلاقات مع جماعة الرفاق، التمرد على السلطة)، ومشكلات نفسية: (الخجل، الخوف، العدوانية، الانطواء)، ومشكلات دراسية (التأخر الدراسي، صعوبة المواد الدراسية، الحصول على درجات ضعيفة).