أميركا: برامج طلابية جديدة للمحافظة على البيئة في الإجازات

كيف تصنع قادة للعمل البيئي مستقبلا؟

TT

سابيلو أيلاند، جورجيا - لم تكن قدما جوشوا ماكلاود، البالغ من العمر 16 عاما، قد وطأتا مياه المحيط على الإطلاق، ولكن أخيرا تمكن هذا الشاب الخجول، المقبل من مدينة أتلانتا والذي يعشق العلوم، من مشاهدة العجائب الموجودة في البحر في ظهيرة هذا اليوم الحار.

قام طلاب برنامج «قادة العمل البيئي من أجل المستقبل» بالحصول على بعض العينات وتوثيق عينة من المحار البحري لتعلم المزيد عن المحافظة على البيئة.

كان جوشوا واحدا من بين 6 مراهقين ينتمون إلى المناطق الحضرية والذين كانوا في زيارة لهذه الجزيرة النائية لبضعة أيام في الأسبوع الماضي. وعلى الرغم من أن هؤلاء الشباب لا يمتلكون أي خبرة بالحياة البرية، إلا أن مستقبل العلوم البيئية ربما يقوم على أكتافهم في يوم من الأيام. يأتي هؤلاء الشباب الستة من بين 100 طالب اختارتهم «وكالة المحافظة على البيئة» من 22 ولاية لحضور معسكر صيفي مكثف لمدة شهر للعمل في الهواء الطلق.

لا يعد هذا البرنامج مثل كل البرامج الأخرى التي يقوم فيها بعض الشباب الفقراء المقبلين من المدن بالذهاب إلى إحدى المزارع لمدة أسبوع للتعرف على طبيعة الحياة هناك، كما لا يعد وسيلة أيضا لمعالجة الحالة التي تعرف بـ«اضطراب نقص الطبيعة» والذي يقال إنه يصيب الأطفال في العصر الرقمي، وإنما يعد مجرد محاولة لخلق علماء ومهندسين في المستقبل لا يشبهون كثيرا نظراءهم في هذه المجالات.

ولا يخفى على أحد أن معظم علماء البيئة وأعضاء المنظمات الكبرى للمحافظة على البيئة من البيض، أما عدد طلاب الأقليات الذين يحصلون على شهادات جامعية في المصادر الطبيعية والإدارة الزراعية أو المجالات الأخرى ذات الصلة بالبيئة فيبلغ حول 10 في المائة تقريبا من إجمالي الطلبة، وذلك وفقا لـ«المركز الوطني للإحصائيات التعليمية» و«إدارة التقارير الزراعية».

أما الأشخاص المهنيون البارزون في هذا المجال فهم نادرون للغاية، فعندما قام الرئيس الأميركي باراك أوباما باختيار ليزا جاكسون لتكون أول رئيسة سوداء لـ«وكالة حماية البيئة»، كانت هذه اللحظة شديدة الأهمية. فلطالما دفعت الكثير من الجماعات، مثل «شبكة العدل البيئية الوطنية للسود»، والتي أكدت مرارا أن القضايا البيئية تؤثر على الأقليات على نحو غير متناسب، من أجل المزيد من التنوع في هذا المجال.

يقول تايسون لورد جراي، الذي يدرس للحصول على درجة الدكتوراه في الأخلاقيات البيئية في جامعة فاندربيلت والذي كان واحدا من بين اثنين من المراقبين البالغين الذين قاموا بالإشراف على المجموعة في جورجيا: «هناك سوء فهم سائد مفاده أن الأميركيين ذوي الأصول الأفريقية والأقليات ليسوا منخرطين في العمل البيئي لأنه ليس لهم وجود في الجماعات الكبرى للمحافظة على البيئة أو المهنة ككل».

كان جد جراي يعمل مزارعا في جورجيا، ومثله مثل الكثير من الأشخاص في مجال حماية البيئة، يؤكد أن اهتمامه بالطبيعة بدأ في فترات عمره الأولى عندما كان في فترة المراهقة.

يقول جراي: «لا أعتقد أنه توجد حالة من عدم الاهتمام بين المجتمعات الملونة بخصوص المسائل البيئية. الأمر وما فيه هو أن هذا الموضوع كان مرتبطا دوما بمستوى معيشة الأفراد وحماية الأحياء». تكمن الفكرة وراء هذا البرنامج، «قادة العمل البيئي من أجل المستقبل»، المعروف اختصارا بـ«إل إي إيه إف»، في نقل الطلبة الواعدين المنتمين إلى الأقليات والذين لديهم ميل طبيعي للطبيعة إلى المهن التي تهتم في المقام الأول بحماية البيئة والمصادر الطبيعية. وتأتي معظم الأموال المخصصة لهذا البرنامج من مؤسسة تويوتا الولايات المتحدة الأميركية.

ينتمي غالبية الطلاب إلى العائلات البيضاء والسوداء والآسيوية من الطبقة المتوسطة. يعيش كل الطلبة في المدن الكبيرة وجميعهم حاصلون على درجات مرتفعة في المدارس الثانوية التي تتركز مناهجها الدراسية حول المواضيع البيئية.

يحصل الطلبة على الحد الأدنى من الرواتب لقضاء بعض الوقت في مجموعات صغيرة في الكثير من المشاريع التي يجري تنفيذها في شتى أنحاء البلاد. ففي ولاية نيوجيرسي، قام الطلبة بتجميع بعض طيور العقاب، بينما قامت مجموعة جورجيا بتجميع الكثير من أنواع النباتات الغازية واتباع بعض المسارات المحددة للبحث عن السلاحف المهددة بالانقراض والقيام بإحصاء المحار الموجود على الشواطئ التي تتعرض للتآكل.

ويقول براندون لاتوري، الذي يبلغ من العمر 16 عاما ويدرس في «المدرسة الثانوية للدراسات البيئية في مانهاتن» والذي جاءت عائلته من جمهورية الدومينيكان: «في الحقيقة، نحن مثل العلماء الصغار».

التحق تيري ديفيس، الذي يبلغ من العمر 17 عام ويدرس في مدرسة «آرابيا ماونتن» الثانوية التي تقع بالقرب من أتلانتا، بهذا البرنامج نظرا لاهتمامه الكبير بالطبيعة والذي يرجع إلى قيام والديه بإبقائه خارج المنزل طيلة اليوم. فعندما يكون أصدقاؤه منهمكين في لعب كرة السلة، يخرج هو للبحث عن الحشرات.

وخلال الأسابيع الأربعة التي قضاها في البرنامج، زاد تقدير ديفيس للحياة النباتية بصورة كبيرة. وعلى الرغم من أنه يريد أن يصبح محاميا عندما يكبر، يعتقد ديفيس أنه سيتمكن من العثور على طريقة ما لإدخال البيئة في مستقبله المهني.

يأمل جوشوا ماكلاود، الشاب الصغير الذي وضع قدميه في مياه المحيط للمرة الأولى، أن يصبح مهندسا صناعيا، وربما يتمكن من نقل الرسالة التي تعلمها هنا إلى أصدقائه.

يقول ماكلاود: «في الواقع، لا يهتم المراهقون ممن هم في مثل عمرنا بالبيئة، ولكننا تعلمنا هنا أن كل القرارات التي تتخذها في الوقت الراهن سوف تؤثر عليك في المستقبل إما بالسلب أو بالإيجاب».

تعلم الشباب أيضا الكثير من المعلومات عن بعض الأشياء التي ربما لم يريدوا معرفة شيء عنها، مثل كم سيبدو عنكبوت الموز كبيرا عندما يهبط على صدرك عن طريق الخطأ أو كيف ستبدو عينا أحد الحيوانات صفراء في غابة مظلمة في منتصف الليل أو حتى إلى أي مدى تكون أسراب البعوض في جورجيا مقرفة في الصيف.

ثم يأتي بعد ذلك موضوع براغيث النمل، التي أخذت تقرص بيتر تشان في قدميه بصورة سيئة للغاية حتى أصيب بالعدوى. كانت هذه المخاطر بعيدة كل البعد عن مانهاتن، حيث يلتحق تشان، البالغ من العمر 16 عاما، بمدرسة «ستايفسنت» الثانوية. يقول تشان: «لم أكن حتى أعلم بوجود شيء اسمه براغيث النمل قبل القدوم إلى هنا، ولكنني لست سعيدا الآن لمعرفة ذلك».

* خدمة «نيويورك تايمز»