خبراء مناهج لـ «الشرق الأوسط»: 5 دول عربية ستدخل تطبيقات التعليم الإلكتروني بحلول 2016

قالوا إن العرب منذ عهد المأمون ترجموا 100 ألف كتاب وهو ما تترجمه إسبانيا في عام واحد

التعليم الإلكتروني في الوطن العربي يفتقر للتخطيط بعيد المدى
TT

رشح خبراء متخصصون في المناهج والتعليم الإلكتروني، دخول خمس دول عربية لدائرة تطبيقات التعليم الإلكتروني بشكلٍ كامل بحلول 2016، معتبرين أن تلك الدول بدأت فعليا في مأسسة أدوار تقنية متميزة في التعليم العام والجامعي على حد سواء.

وقال الخبراء إن المناهج الورقية ستصبح عما قريب أثرا بعد عين، وسيتعين على وزارات التعليم العام والعالي التفكير مليا في توسيع نطاق التعليم الإلكتروني بما يضمن تدعيم أجيال ستتعامل مباشرة مع وسائل التكنولوجيا المختلفة.

وأوضح فهد الخالدي، أستاذ المناهج في جامعة أم القرى لـ«الشرق الأوسط»، أن دولا عربية مرشحة للدخول في التعليم الإلكتروني بشكل كامل في جميع جامعاتها ومدارسها، وسيتم الاستغناء عن التعليم الورقي في 2016، حيث تقود كل المؤشرات نحو تطبيق مفاهيم حاسوبية كاملة من خلال الواقع التعليمي.

ورشح الخالدي دخول السعودية والإمارات وقطر والأردن وعمان نحو تطبيق مفهوم التعليم الإلكتروني بكل أبعاده وذلك من خلال تأسيس شبكات متكاملة للإنترنت ستقود لتحقيق التكاملية البحثية والمنهجية.

وأفاد الخالدي أن نظم التعليم الإلكتروني قد تساهم - إذا ما أحسن استخدامها – في حل جزء كبير من المشكلات التي تواجه النظام التعليمي في المنطقة العربية، بشقيه المدرسي (الموجه لفئة الأطفال)، والعالي (الموجه لفئة الشباب)، مشيرا إلى أن استخدام ما تتيحه الثورة المعلوماتية من إمكانات هائلة، سيؤدي إلى تعزيز قدرات المتعلمين والمعلمين ورفع مستوى معارفهم، بما توفره من ثروة معرفية متنامية في جميع الجوانب الحياتية المختلفة، ولخصائصها المتمثلة في السرعة الفائقة في استدعاء البيانات واستخراجها بشكل ملائم.

الباحثة الأكاديمية أسماء العقاد، أستاذ علوم الحاسب من جامعة بيرزيت كلية تكنولوجيا المعلومات قالت في دراسة حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها إنه في ظل التطورات التي يشهدها العالم اليوم لا بد للطالب العربي أن يسأل نفسه أين موقعه في خضم هذه الثورات العلمية والصناعية، فما زال العالم العربي يعتمد أساليب التدريس التقليدية التي لا تتوافق مع الحياة العصرية وتفكير الطالب والمعلم في عصر التكنولوجيا والتطور.

كما أن التعليم التقليدي في الوقت الراهن لم يضف الجديد على المحتوى التعليمي للأجيال لأنه وحده لا يستطيع مواكبة الفكر العصري، كما أن العالم العربي يحتاج لنقلة بالكم والنوع لطلاب القرن الحادي والعشرين، حيث إن مستوى التعليم متدنٍ جدا مقارنة بالدول العالمية.

وتساءلت الباحثة: هل يجدر بالمرء استثمار وقته وماله في التعليم الإلكتروني في الوطن العربي؟ هناك الكثيرون ممن يعارضون ذلك، كما يوجد بعض المعلمين والعاملين بالمجال الأكاديمي والذين يساورهم الشك بشأن القيمة التي يساهم فيها التعليم الإلكتروني في مجال التعليم.

واستطردت بالقول: «علينا النظر إلى الوضع الراهن للتعليم ولماذا نحتاج إلى هذا التغيير، لنلقي نظرة على الحلقة التي تتكرر عبر الأجيال والتي تتمثل بالمراحل التالية: التعليم المدرسي الذي يقوده المعلمون، الجامعي الذي يكمل المسيرة ويخرج أجيالا إلى المجتمع لينتجوا ويبدعوا كل في تخصصه، لكن للأسف ما إن يتخرج الطالب حتى يتحول إما إلى شخص عاطل عن العمل، أو إلى شخص لا يمكن توظيفه أساسا لعدم قدرته على الإنتاج وخدمة المجتمع، لذا كان لا بد لنا أن نلقي الضوء على هذه السلسلة ونعمل على إصلاح الخلل فيها والذي ينتج من عملية التعليم بشكل أساسي؛ حيث إن بناء أفراد مبدعين منتجين للمجتمع يبدأ منذ أول مرحلة تعليمية، وبهذا فإن العمل على تغيير وتطوير التعليم ومواكبته للثورة العلمية هو الاتجاه الذي علينا السير به لنسمو بالمجتمع لأرقى المستويات».

واختتمت العقاد بالقول: النشاط الثقافي في الوطن العربي محدود نسبيا، إذ إن متوسط معدل الأمية يعادل نحو 40% بشكل عام في الوطن العربي ويتجاوز 50% بين النساء و27% بين الرجال، ومن زاوية أخرى هناك قلة في عدد القراء في الدول العربية وهذا بدوره ينعكس على عدد الكتّاب وترجمة الكتب الأجنبية حيث يبلغ متوسط عدد الكتب العلمية التي تترجم إلى اللغة العربية 330 كتابا سنويا وهو خمس ما يترجم إلى اليونانية مثلا، وفي مقارنة أخرى فإن عدد الكتب المترجمة إلى العربية منذ عصر المأمون حتى وقتنا هذا لا يتجاوز المائة ألف كتاب وهو يعادل ما تترجمه إسبانيا إلى الإسبانية في العام الواحد. بالتالي فإن قلة ما يترجم يؤدي إلى قلة وضعف ما ينشر إلكترونيا وهذا بدوره يقلل من المحتوى الرقمي التعليمي على حساب المحتويات العربية الأخرى من مواد ترفيهية واجتماعية وهذا بدوره يؤثر سلبا على التعليم الإلكتروني.

إبراهيم الهجري، باحث متخصص من جامعة صنعاء قدم دراسة لواقع التعليم العربي أمام التحديات التكنولوجية، قال إن أهم التحديات التي تواجه التعليم الجامعي في الوطن العربي هو تحدي العولمة والمنافسة العالمية، حيث أدت العولمة إلى تغيير مسار حركة التعليم الجامعي نتيجة للشروط الجديدة التي فرضتها على كل الدول ومنها أهمية إبراز منتج يستطيع المنافسة في السوق العالمي، بالإضافة إلى تحدي النهوض بالتعليم لتحقيق حاجات ومتطلبات المجتمع، وتحدي الثورة المعلوماتية وبما قدمته من منجزات علمية وتكنولوجية كان لها أثر كبير في تزايد الفجوة بين دول الشمال والجنوب.

وأوضح أن التعليم العالي يواجه تحديا يتعلق بتمويله حيث إن الاعتمادات المالية الحكومية المتاحة تتجه نحو النقص وذلك بالمقارنة بحجم الطلب عليه، ويعزى ذلك إلى النمو السكاني السريع حيث تتزايد أعداد الطلاب في سن التعليم العام، ومن ثم يرتفع عدد الراغبين في الالتحاق بمؤسسات التعليم العالي، هذا فضلا عن ارتفاع تكلفة الطالب في المرحلة الجامعية مقارنة بتكلفة أي مرحلة أخرى.