مدونات المبتعثين السعوديين.. أرشيف الحياة اليومية والتعليمية في الخارج

نشاط في مشاركاتها عبر شبكات التواصل الاجتماعي بالسعودية

TT

ارتبطت المدونات الشخصية في السعودية، بتدوين أحداث الحياة الواقعية، والمشاهدات اليومية، لا سيما في مرحلة الابتعاث التي تعتبر فترة ذهبية لبدء التدوين اليومي للبعض، بالمذكرات والصور والكتابة في مدونات إلكترونية تحتضن إبداعهم، وتسهل مشاركته مع الجميع عبر شبكات التواصل الاجتماعي في السعودية.

فما إن تطأ أقدام المبتعثين السعوديين أراضي الغربة، حتى يشعروا بالرغبة في البوح عن مشاعرهم وأحاديث احتبست في صدورهم؛ فتتلقف لوحات المفاتيح البارزة أمام شاشات الكومبيوتر المضيئة ذلك الشغف بالكتابة، ليهيموا بنقرهم عليها ويسجلوا في كل مرة ولادة قصة جديدة.

عبد الرحمن الخريجي عشق التدوين والكتابة منذ أن كان طالبا بمرحلة البكالوريوس بجامعة الملك سعود، وامتد هذا الشغف حتى مرحلة ابتعاثه للدراسات العليا في مدينة بربزن بأستراليا والتي كانت نقطة تحول في تغير منحى كتابته وأسلوبه. يقول عبد الرحمن: «بعد الابتعاث قررت الكتابة بشكل مفصل عن الحياة هناك وكانت الظروف تجبرني أيضا على الكتابة وخاصة في بداية الأيام، فقررت الكتابة في بادئ الأمر عن يومياتي والأحداث والمواقف التي تحصل سواء لي شخصيا أو من ملاحظاتي وانطباعاتي عن الشعب الأسترالي. استمررت في الكتابة في هذا الشأن إلى أن تجاوزت مرحلة اللغة في المعهد وبدأت الدراسة في الجامعة، وقتها لم أستطع لضغط الحياة الجامعية والمتطلبات في تلك الفترة».

ويضيف الخريجي: «قبل عودتي إلى السعودية قمت بنشر تدوينات، قسمتها على أربعة أجزاء اشتملت على فكرة الابتعاث بكاملها بمراحلها الدراسية، ومرحلة ما بعد الانتهاء من الماجستير، حاولت قدر المستطاع تقديم بعض النصائح لمن ينوي على السفر لأجل الدراسة».

وامتد تأثير مدونة عبد الرحمن الخريجي على أصدقائه من حوله ومتابعيه، بشكل جعلهم يشجعونه من خلال الرسائل والتعليقات على المدونة، بإكمال التدوين واستكمال الأجزاء وعدم قصرها على الجزء الرابع، ولكنه ارتأى التوقف خوفا من التكرار والإيغال في تفصيل بعض المواقف. ويقول: «أتذكر جيدا أن شخصا قابلني وأنا في أستراليا ولم يكن بيني وبينه تواصل مباشر، أبدى إعجابه في الأجزاء وذكر لي أنه وأصدقاءه من المتابعين للمدونة، التي كانت أجزاؤها متداولة عن طريق البريد الإلكتروني، وهذا بحد ذاته أعطاني دافعا وأوضح لي مدى انتشارها وتأثيرها على المحيطين بي».

وأردف بالقول: «مع انتشار المدونات في الفترة الأخيرة ومشاركتها من خلال الأصدقاء أصبح من السهل الوصول لها وقراءتها، ومن خلال اطلاعي على بعض مدونات الطلاب المبتعثين أستطيع القول إن أغلبها يصب في نفس الكأس، وهي مواضيع عن مواقفهم اليومية أو مما يطرحونه من الفروقات الثقافية أو الاجتماعية بين الدولة نفسها وموطنهم السعودية».

ويرى عبد الله الحربي أن مدونته التي سجل فيها أحداث رحلته لدراسة اللغة في الولايات المتحدة الأميركية، كانت تحوي ضروبا من المبالغات الساخرة في بعض المواضيع التي تحمل مشاهداته الشخصية، بينما ابتعد عن الذاتية واقترب أكثر من الموضوعية في التدوينات التي كانت تحمل جانبا توثيقيا.

الحاجة للكتابة هي ما دفع عبد الله الحربي لفكرة إنشاء مدونة شخصية، رغم معاهدته لنفسه بالتفرغ تماما للدراسة، إلا أن الحنين للكتابة زاد بعد شهرين من وطأة الغربة، الأمر الذي دفعه للكتابة لسنة كاملة. يقول عبد الله: «كنت أشعر بفوضى مزاجية، فتختلف المواضيع التي أتناولها في مدونتي بحسب الحالة المزاجية؛ فأحيانا أسهب في كتابة يوميات سطحية لا تحمل أي قيمة بالنسبة لي، وأحيانا أخرى أختصر فكرة التقطتها في جملة واحدة، وأحيانا أخرى أدفع الواقع بكلتا يدي الافتراضيتين، وأبحث عن فكرة لا تمت لي بصلة، وأسترسل كي أخلق فيها قيمة تأخذني بعيدا».

تجربة التدوين قد تأخذ المدونين نحو آفاق أبعد من بقائها حبيسة صفحات المواقع الإلكترونية، ليدونوا أحداثهم ومشاهداتهم ضمن روايات، أو قصص تطرح في كتب مطبوعة، كتجربة الروائي السعودي محمد الداوود الذي دون تجربته ضمن رواية «أوراق طالب سعودي في الخارج»، وبالعودة لعبد الله الحربي فقد ذكر أن أحد أصحابه اقترح عليه طباعة المدونة ضمن إطار القصص القصيرة الواقعية للأحداث اليومية، إلا أنه لم يتحمس كثيرا للفكرة وفضل بقاءها إلكترونيا ليستفيد منها المبتعثون الجدد.