دراسة تربوية تحدد 13 توصية لتطوير التعليم في السعودية

دعت إلى الاستفادة من دول العالم الأول ودمج كامل المناهج تقنيا

جانب من برنامج «موهبة» الصيفي التدريبي في جازان
TT

حددت باحثة تربوية 13 توصية لتطوير التعليم في السعودية؛ أهمها: إلزامية التعليم الابتدائي، ودمج المناهج الدراسية كاملة بالتقنية، بالإضافة إلى فتح قنوات اتصال مباشرة مع دول العالم الأول للاستفادة من التجارب الناجحة في سياساتها التعليمية.

وقالت الباحثة زهرة بنت عبد الله الزهراني في دراسة قدمتها تحوي مقترحات تطوير لواقع التعليم السعودي، وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها: «إنه ينبغي الحفاظ على الفلسفة التربوية التي يقوم عليها النظام التعليمي في السعودية، والتأكد من تطبيقها في الممارسات التربوية المدرسية وغير المدرسية».

وأشارت الزهراني إلى «ضرورة ألا تكون السياسة التعليمية ثابتة لا تتغير، بل لا بد من التقويم والتعديل المستمرين لها، والنظر في مدى تفاعلها مع المشاكل والقضايا المستجدة. فالعالم اليوم أصبح معقدا ومتغيرا ومتجددا بسرعة كبيرة نتيجة للثورة العلمية والتكنولوجية، وتطور نظم ووسائل الاتصال والانتقال، ومشكلات البيئة، والانفجار السكاني، والتنمية والمنافسة الاقتصادية، والعولمة بجميع أشكالها، والعنف والتطرف والإرهاب - فكل هذه العوامل تجعل المجتمع في حالة تغير سريع وتحول دائم للانسجام مع الأوضاع الجديدة المتجددة».

وأشارت الزهراني إلى أنه «يجب عند مراجعة سياسة التعليم الاطلاع على السياسات التعليمية الناجحة في دول العالم، وكذلك التقارير والدراسات المقارنة، والأخذ في الاعتبار توصيات المجالس المتخصصة، وتعزيز المشاركة الاجتماعية، وإشراك الخبرات والمؤسسات التعليمية وكل من له صلة بالعملية التعليمية، ففي اليابان تم استعارة بل نقل وتقليد الأنظمة التعليمية الناجحة في كثير من الدول المتقدمة، إلا أنها أحدثت توازنا في ذلك، فلم تفرط في قيمها الأخلاقية أو هيكلها الاجتماعي في سبيل التنمية الاقتصادية والتقنية، مما جعل لعلمها طابعا خاصا يميزها عن غيرها».

وأشارت الباحثة التربوية إلى التأكيد على ربط السياسة التعليمية بالتخطيط طويل الأجل، والتأكيد على تكاملها وانسجامها مع قطاعات المجتمع الأخرى وتلبيتها لاحتياجات سوق العمل. ويتطلب تحقيق ذلك إدراك احتياجات التنمية وسوق العمل الحكومي والخاص، واستخدام مفهوم «شبكة التعليم» كاتجاه شامل في التخطيط، ومن ثم إعادة صياغة وبناء السياسة التعليمية في ضوء ذلك.

وأفادت في السياق ذاته بأهمية التأكيد على التحول من التعليم الاعتمادي إلى التعلم الذاتي، والتأكيد على التعليم المستمر وإتقان مهاراتهما، على أن يتيح نظام التعليم من خلال صيغه وأشكاله المتعددة إمكانية التعليم المستمر والتعلم الذاتي، حيث يتطلب ذلك تحديث المناهج ووسائل التعليم والتقويم.

وشددت الزهراني على أهمية الـتأكيد على تعليم ما قبل المدرسة وزيادة الوعي الاجتماعي بأهميته، وتوفيره في جميع مدن وقرى المملكة حتى تستفيد منه جميع فئات المجتمع، وحل المشاكل التي يعانيها حتى يؤدي دوره بالشكل المطلوب، وتضمين السياسة التعليمية قانون إلزامية التعليم ومد فترة الإلزام لتشمل التعليم الابتدائي، وإعطائه الأولوية المطلقة في السياسة التعليمية ونشره بمختلف الطرق تبعا للاحتياجات والإمكانيات.

وخلصت إلى «أهمية تضمين السياسة التعليمية مبدأ تنمية السلوك الديمقراطي، وتأصيل مبادئ حقوق الإنسان لدى الطالب، فالطالب السعودي لديه قلة وعي واهتمام في مبادئ مهمة مثل احترام الغير وتقبل وجهات النظر المختلفة والتسامح والتعايش مع الآخرين، والمحافظة على الممتلكات العامة، وترشيد الاستهلاك في مختلف الجوانب، وحماية البيئة، واحترام النظام، فهذه المبادئ يجب أن تستوعبها السياسة وتتأكد من تضمينها في المناهج».

واستطردت الباحثة التربوية بالقول: «يجب أن تستوعب سياسة التعليم في المملكة التغيرات والأحداث التي تطرأ على المجتمع السعودي بشكل خاص والعالم بشكل عام؛ مثل: ظهور أزمة التطرف الديني والإرهاب والمفاهيم الثقافية والفكرية المناوئة للإسلام، وتأثير الاتصالات على الأخلاقيات والعادات، وتعدد الملهيات الترفيهية، وظهور الكثير من القضايا السياسية والاجتماعية والاقتصادية، فلا بد من تفهم أبعادها وأثرها على الأمة العربية والإسلامية وعدم الاكتفاء فقط بالمعلومات الجغرافية أو التاريخية عن العالم».

وشددت على أهمية ودمج التقنية بالتعليم باعتبارها مكونا أساسيا في العمل التربوي، والاهتمام بالتعليم من أجل الإبداع والابتكار، وذلك باستخدام الأساليب العلمية والتقنية. كما أن هناك الكثير من التطورات العالمية والظواهر الجديدة التي ينبغي أن تواجهها وتتطرق لها الوثيقة لأهمية ذلك في الألفية الثالثة، ولعل أبرزها ظاهرة العولمة، الثورة التقنية الهائلة في مجال الإلكترونيات الدقيقة والحاسبات الآلية والإنسان الآلي وصناعة المعلومات والاتصالات والطاقة النووية وتكنولوجيا الفضاء.

وقالت إنه ينبغي تضمين سياسة التعليم مبدأ تنويع التعليم، وإتاحة الفرصة للطلاب وأولياء الأمور لاختيار نوع التعليم الذي يرغبون فيه لأبنائهم. ولا سبيل لتحقيق ذلك إلا بتوسيع مفهوم التعليم وتعدد مجالاته وتخصصاته لتتضمن التخصصات ذات الطابع الاقتصادي والتقني والعلمي والاجتماعي والسياسي والفني، والتنسيق بينها ليستفيد منها المتعلمون. إضافة إلى ذلك، التأكيد على تمهين التعليم العام وفتح مسارات متبادلة بين التعليم الثانوي العام والثانوي الفني وإتاحة فرص متكافئة لخريجي كل منهما للالتحاق بالجامعة أو بسوق العمل.

وجنحت الزهراني نحو التأكيد على متابعة أداء المعلم وتحسينه وإعداده ضمن برنامج ثقافي وعلمي ومهني متوازن يتناسب مع الدور الكبير الذي يؤديه في تربية الأجيال، ويتناسب كذلك مع الثورة العلمية والتكنولوجية التي تفرض على المعلم أعباء جديدة. فتدريب المعلم لا يكون قبل الالتحاق بمهنة التدريس فحسب، وإنما يتصل ويتواصل ليكون أثناء الخدمة أيضا، فيجب ألا يكتفى بالتوسع الكمي كما ركزت على ذلك سياسة التعليم السعودية، بل أن يرافقه توسع كيفي.

وواصلت الباحثة منهجها نحو أهمية التأكيد في الوثيقة على استقلالية الإدارة المدرسية وتفويضها باختصاصات وصلاحيات جديدة تمكنها من القيام بالتخطيط والتنظيم والإشراف والتقويم والتطوير والتجديد والمشاركة في البحوث والدراسات واتخاذ القرارات التعليمية المهمة وتأكيد دور الآباء في هذه الإدارة لضمان حسن الأداء.