أميركا: الأسبوع الأول في الدراسة.. تذكرة الوصول لعام دراسي مميز

المعلمون: ماذا نفعل بالضبط في اليوم الأول من الدراسة

TT

اصطف طابور من طلاب الصف الخامس، البالغين من العمر 10 سنوات، يوم الاثنين الماضي خارج الغرفة «رقم 12» في مجمع «جون بوروز» التعليمي الواقع شمال شرقي العاصمة الأميركية واشنطن في صمت، حيث كانوا يشعرون بالخجل في أول أيام الدراسة.

قامت المدرسة الجديدة هوب هاورد بإلقاء تحية الصباح على الطلبة «صباح الخير». يكمن التحدي الحقيقي الذي يواجه المدينة في تغيير النظام التعليمي المتعثر الذي تنتهجه المدارس منذ وقت طويل. وللقيام بذلك، يراهن مديرو المدارس بشكل كبير على المدرسين المخضرمين، أمثال هاورد التي تتمتع بخبرة 11 عاما في مجال التدريس، والتي يؤكدون أنها أحد أفضل المدرسين في المنطقة. يتمثل التحدي الذي يواجه هاورد هذا الصباح في البدء في خلق عالم جديد داخل فصلها يمكن هؤلاء الصبية من التعلم.

وعلى الرغم من حجم المسؤولية الكبيرة الملقاة على عاتقها، تقول هاورد إنها لم تعد تشعر بالتوتر الذي يصاحب أول أيام الدراسة.

تشير عقارب الساعة الآن إلى الثامنة وخمس وأربعين دقيقة صباحا، وهو الوقت الذي يسبق عودة الطلاب إلى فصولهم مرة أخرى للجلوس على مقاعدهم منتظرين بشغف ماذا سيحدث، وشاعرين بقليل من الإحراج عندما تتراجع الأهداف السامية - التي تلهم الأطفال طريقة التفكير بصورة مستقلة والتعبير عن آرائهم، وقبل كل شيء تنمي فيهم حب القراءة - خلف أشياء أكثر دنيوية. وبالنسبة لهؤلاء لأطفال، فقد يبدو هذا اليوم مثل سلسلة سريعة من المقدمات النارية أو تحطيم الجليد. ولكن في الواقع، الأمر كله يتعلق بالأعمال اليومية الروتينية في المدارس - بداية من دخول الفصل الدراسي ووضع حقائب الظهر والذهاب إلى الحمام والتنقل عبر الفصل والقيام بالواجبات المدرسية والانضمام إلى مناقشات جماعية واستخدام الأقلام وعبوات الغراء المشتركة - والتي سيقوم بها الطلبة قريبا بصورة تلقائية.

تقول هاورد «لا تهدف هذه الأنظمة إلى تقييد الأطفال، وإنما فقط إلى مساعدتهم على فهم كيفية التنقل في عالمهم الخاص وداخل الفصل الدراسي أيضا، وهو بالضبط كل ما ينبغي عليهم التركيز عليه أثناء مرحلة التعلم. لا ينبغي عليهم الحرص الشديد على عدم ارتكاب أخطاء أو القيام بشيء غير سليم».

بعد خمس سنوات من تولي العمدة أدريان فينتي المسؤولية عن مدارس العاصمة الأميركية واشنطن، ارتفعت النتائج التي حققها الطلبة بصورة كبيرة، وتم تجديد أكثر من 12 مبنى متداعيا - بما في ذلك 3 مبان تم تحديثها في العام الحالي في منطقة «وارد 8»، مما وفر الكثير من الأماكن الجديدة والبراقة للطلبة.

وعلى الرغم من ذلك، فلا يزال أقل من نصف عدد طلاب المدارس العامة في المنطقة أكفاء في الرياضيات والقراءة، فضلا عن أن الملامح المستقبلية للتعليم العام في المدينة لا تزال غير مؤكدة بعد. ولطالما أكدت المستشارة التعليمية كايا هندرسون أن هذا النظام الذي يضم 45.000 طالب لا يستطيع الاستمرار في تشغيل كل هذا العدد الكبير من المدارس الصغيرة أو التي تشهد انخفاضا في معدلات التحاق الطلبة بها، حيث إن هناك أكثر من 40 مدرسة يقل عدد الطلبة في كل واحدة منها عن 300 طالب، فيما تستعد الأحياء لغلق هذه المدارس.

هناك الكثير من الشكوك التي تحيط بكيفية تحقيق التوازن الأمثل بين المدارس التقليدية في الأحياء وقطاع المدارس الخاصة سريع النمو في ما يتعلق بما سيكسبه أو يخسره اتحاد المعلمين في الجولة القادمة من المفاوضات التعاقدية، وما إن كانت الفضائح السياسية التي تحيط بالعمدة فينسنت غراي سوف تؤدي إلى إفشال أو عرقلة هذه الإصلاحات أم لا.

لكن في الوقت الذي قام فيه الأطفال بوضع حقائبهم المدرسية على ظهورهم متجهين إلى مدارسهم يوم الاثنين، واجه معلموهم موضوعا أكثر إلحاحا: ماذا نفعل بالضبط في اليوم الأول من الدراسة؟

يقول فرايزر أوليري، الذي عمل لفترة طويلة كمدرس للغة الإنجليزية في برنامج التعيين المتقدم (Advanced Placement) في مدرسة «كاردوزو سينيور» العليا «ربما يكون الأسبوع الأول من الدراسة هو الأكثر أهمية، حيث إنه يحدد أساليب العمل بصورة كبيرة». وينصح أوليري بالاستغناء عن الرسميات في اليوم الأول للدراسة.

وعند دخول الأطفال إلى الفصل الدراسي، يقوم أوليري بإعطاء كل طفل نسخة من قصة قصيرة من تأليف إدوارد جونز تدور حول اليوم الأول في الدراسة لإحدى الفتيات الصغيرات. وعلى الفور، يبدأ الأطفال في قراءة القصة القصيرة، ويدرسون الأساليب البلاغية التي استخدمها الكاتب، ثم يقومون بكتابة نظرتهم الخاصة على القصص التي تحدث في أول أيام الدراسة.

معظم هؤلاء الأطفال في السنة الأخيرة لهم في المدرسة، لذا يريد أوليري تعليمهم مدى قيمة وأهمية الوقت. يقول أوليري «أريد أن أسمعهم يقولون (هل تقصد أنه يتوجب علينا العمل من أول يوم في الدراسة؟)». ويراقب الأطفال المدرسين عن كثب في أول أيام الدراسة، حيث يقومون بتكوين انطباعاتهم الأولى التي ستشكل حجر الأساس في الأشهر التسعة المقبلة، مثل: هل هذا المدرس منصف أم دقيق أم صارم أم سهل؟

تقول إميلي لوسون، المديرة التنفيذية لمدرسة «دي سي» الإعدادية، وهي واحدة من أفضل المدارس الخاصة في المنطقة، إن إداريي المدرسة يقضون أوقاتا أطول في الفصول في بداية العام الدراسي، حيث يقومون بتقديم المساعدة عندما يواجه المدرسون صعوبة في توضيح أمور محددة أو في محاولة إحكام سيطرتهم على الفصول. تقول لوسون «نحاول التأكد من أنهم لا يواجهون أي مواقف محرجة يصعب الخروج منها».

ويظل التركيز الأكبر منصبا على تحديد الروتين اليومي الذي يسمح للفصول الدراسية بالعمل بسلاسة، مما يترك بعض الوقت والمساحة للتفكير والتعلم.

• خدمة «نيويورك تايمز»