السعودية تقدم برامج تربوية لشحن طاقات الطلاب في الشهر الأول دراسيا

86% من مخاوف المستجدين مرتبطة بالمدرسة

الطلاب المستجدون يواجهون مخاوف من الالتحاق بالمدارس في الأسابيع الأولى
TT

قدمت كثير من المدارس في السعودية برامج داعمة لاحتواء الطلاب والطالبات في الشهر الأول من العودة للمدارس، وذلك من أجل خلق بيئات تعليمية جاذبة ومحفزة للمشهد التعليمي وذلك بحقن برامج التهيئة النفسية والتحضيرية للسنة الدراسية، لتحفيز الطلاب لبدء العام الدراسي بجد ونشاط، بعد عطلة صيفية امتدت قرابة الأربعة أشهر.

وتهدف خطط التهيئة الدراسية إلى شحن طاقات الطلاب وقابليتهم للتعلم، وكذلك مساعدة الطلاب الجدد أو المنتقلين من مدرسة لأخرى بالتكيف مع الجو العام للمدرسة، وتوفير فرصة للمعلم والتربوي للتعرف على طلابه واكتشاف الحالات الخاصة ومعالجتها مبكرا، كالخوف والعدوانية والتعامل معها مبكرا بأسلوب تربوي مناسب.

وبعيدا عن التشنجات والتوتر في الأسابيع الأولى دراسيا ذكرت سلمى الصبار مرشدة النشاط الطلابي بمدرسة أجيال الثقافة للبنات، أن الأسابيع الأولى تشمل تحضيرا أوليا للطالبات من جهة وللمعلمات من جهة أخرى، على الرغم من وجود نسبة كبيرة من الغياب وعدم المواظبة على الحضور في أول أسبوع دراسي. وأشارت الصبار في حديثها مع «الشرق الأوسط» إلى أن الأسبوع الأول يختتم من دون دراسة فعلية، وعوضا عن ذلك تركز المعلمات جهودهن في التعرف بشكل أكبر على طالباتهن، لا سيما في المرحلة المتوسطة والثانوية لتبصيرهن بلمحة بسيطة عن المناهج وطبيعة المواد الدراسية، أما المرحلة التمهيدية والابتدائية فهي تشمل ترفيها تعليميا بأركان للأعمال الفنية، وجولة حول المدرسة لإزالة الرهبة من طالبات الصفوف الأولية.

وطبق المعلم مساعد القباني لطلبته بالمرحلة الابتدائية بمدارس الفرسان، برنامجا تحضيريا لأسبوع تمهيدي متكامل، يساعد بمجمله على تسريع تكيف الطفل مع مجتمعه المدرسي من زملائه والمعلمين، يشاركهم فيه عمل التمرينات الصباحية معلم التربية البدنية، ثم يتناول فيه الطلاب وجبة الفطور، ويشاركهم في عمل مسابقات وألعاب مختلفة في كل يوم، ثم عمل جولة على مرافق المدرسة بصحبة المعلم أو رائد الفصل، وبنهاية الأسبوع الدراسية توزع الكتب المدرسية مع هدايا للطلاب.

ولفت القباني إلى أن عدم إلحاق الطفل بالصفوف التمهيدية، يعد من قبيل الأخطاء التي يقع فيها الوالدان وتسهم في زيادة تخوفه من المدرسة في المرحلة الابتدائية، لوجود انطباع جيد بين أقرانه عن المرحلة التمهيدية التي تحضره للانتقال للمدرسة الابتدائية بيسر، مشيرا إلى أن استخدام العقاب بمعالجة الخوف للذهاب إلى المدرسة خطأ؛ حيث يعالج هذا الخوف بالمواجهة التدريجية بتعريض الطفل للمشكلة المسببة للقلق مع إعطائه معززات إيجابية، للإسهام تدريجيا في علاج هذه الحالات لافتا إلى عدم الإسراف في تقديم الهدايا لدعم الذهاب للمدرسة التي قد يعتمد عليها الطفل مستقبلا ويربط ذهابه إليها بحصوله على الهدايا.

وينبغي على الوالدين عند الرغبة في إلحاق الطفل للمدرسة، التغلب على مشكلة تعلق الطفل الشديد بهما، بالخروج اليومي من المنزل، وتكوين طفلهما لصداقات جديدة بأماكن اللعب العامة، وعدم المبالغة في الاستجابة لمخاوف الطفل بالذهاب إلى المدرسة، علاوة على عدم مناقشة الجوانب السلبية عن الدراسة أمام الطفل.

ويتوجب على المربين بناء على آراء التربويين مراعاة الاختلافات الشخصية بين الأطفال، كعدم مقارنة مقدار استجاباته ومخاوفه مع أخيه الأكبر عند دخوله للمدرسة؛ حيث يتطلب الأسبوع الأول للتهيئة الدراسية التواصل بين المربين والمعلم بشكل مكثف في رعاية الطفل وتحضيره للمدرسة من البيت، كتعويده على مسك القلم والكتابة على ورقة، وجلب الكتب المصورة لجذبه لتصفح الكتب، والاطلاع على محتواها.

علي هشبول، كاتب سعودي، أوضح أن الخوف من المدرسة يأتي كبيئة جديدة على قائمة مخاوف الطفل في هذه المرحلة، ويعتبر من المشكلات عالية الخطورة على حياة الطفل التعليمية والاجتماعية والنفسية. حيث تذكر نتائج البحوث العلمية أن معظم المخاوف المرضية المنتشرة بين الأطفال ترتبط بالمدرسة بنسبة (86 في المائة). كما تثبت بعض الدراسات أن للإرشاد النفسي دورا في التخفيف من تلك المخاوف بنتائج على درجة عالية من الوثوق. وبما أن الالتحاق بالمدرسة أمر حتمي فلا بد من اتخاذ أسلوب توفيقي بين المدرسة والأسرة يشجع الطفل على الخروج إلى المدرسة في ظروف آمنة. وفي هذا الصدد فإن من الأخطاء التي يجب أن ينبه إليها أولياء أمور الأطفال ويحذرون منها، هو موافقة الطفل على المكوث في البيت ورفض المدرسة لأن ذلك يعد اعترافا ضمنيا من الأسرة بأن المدرسة مكان مخيف، وإن قالت تلك الأسرة للطفل عكس ذلك.

وفي المقابل ولكي نساعد الأطفال ليندمجوا في البيئة الجديدة فإنه من المحتم علينا أن نجعل من يوم الذهاب إلى المدرسة يوما سعيدا، ويجب عمل كل ما من شأنه ترغيب الأطفال في المدرسة بالأساليب الإرشادية النفسية التربوية المناسبة، لتجنيبهم الآثار السلبية الآنية والمستقبلية إذ يضعون أقدامهم الغضة بخطواتهم الأولى على الطريق الطويل.

إن هذه القلوب الصغيرة الخافقة بالخوف تعد مصدرا من مصادر الضيق للأسرة والمدرسة أحيانا، ولكنها تبقى في أمس الحاجة إلى الرعاية والتهيئة، وعندما تسعى هاتان المؤسستان المهمتان في التربية (الأسرة والمدرسة) إلى التغلب على خوف الأطفال (الطلاب) من المدرسة، فعندئذ يمكن أن تمر هذه الفترة بسلام.