السعودية: كل المؤشرات «إيجابية» على نجاح تجربة تعميم الإنجليزية في الصفوف الدنيا

«التربية والتعليم» لـ «الشرق الأوسط»: القرارات بنيت على دراسات مستفيضة

تعليم الإنجليزية أحدث جدلا واسعا في الميادين التعليمية في السعودية
TT

اعتبرت جهات تعليمية وتربوية في السعودية أن تدريس اللغة الإنجليزية في مرحلة الرابع الابتدائي (9 سنوات)، أمر لا يؤثر على اللغة الأم (العربية)، استنادا إلى التقديرات الأولية، والإحصاءات الرسمية التي كلف بها خبراء متخصصون في اللغات والألسن.

وأعلن متخصصون في تدريس اللغة الإنجليزية أن قرار مجلس الوزراء القاضي بالبدء في تطبيق تعليم اللغة الإنجليزية، بدءا من الصف الرابع الابتدائي في المدارس الحكومية، هو أمر بني على دراسات استقصائية وميدانية أثبتت بالأرقام والأطروحات جدوى وفاعلية تقديمه لمرحلة الرابع الابتدائي.

وأكد مهدي معارضي، رئيس شعبة اللغة الإنجليزية في تعليم جدة، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن الاستراتيجية الجديدة التي أقرها مجلس الوزراء السعودي، والكفيلة بتوطين منهج اللغة الإنجليزية في مرحلة الرابع الابتدائي، هي استراتيجية مدروسة ومقننة، عمل عليها خبراء متخصصون في مجال اللغة وأقروا بفاعليتها، حيث تعد اللغة الإنجليزية لغة ديناميكية حية، تحتاجها جميع دول العالم وتقرها في مراحل التعليم المبكر.

وحول مدى استعداد وزارة التربية والتعليم، للبدء في تنفيذ المشروع في ظل نقص الكوادر التعليمية لمعلمي اللغة الإنجليزية، أجاب المعارضي بـ«أن الأعداد متوفرة وموجودة، وكل شيء تم إعداده بشكل متكامل».

وقال معارضي: «قد يكون هناك عجز لكن لن يكون كبيرا، فنصاب الحصص المدرسية في المراحل الابتدائية لن يكون كبيرا كنصاب غيرها من المراحل، فالأمر سيقتصر على ثلاث حصص أسبوعية لا أكثر، والوزارة نحت هذا الجانب وفي إدراكها بواطن وحيثيات المرحلة».

وحول قابلية تأثر اللغة الأم لطالب الرابع الابتدائي، أفصح رئيس شعبة اللغة الإنجليزية عن أنها لا تؤثر مطلقا، والدراسات والأطروحات التي تناولت هذه الجوانب أكدت براءة اللغة الإنجليزية من عملية إحداث خلل لغوي في اللغة الأم، مستدركا أن تعليم اللغة الإنجليزية في الصف السادس الابتدائي أثبت نجاعته في تأسيس مبادئ اللغة الإنجليزية في المراحل المبكرة في التعليم.

وأضاف معارضي أن تعليم اللغة الإنجليزية في المراحل المبكرة يزيد من مدارك الطالب العقلية، ويستحث الدافعية نحو التعلم بشكل أكبر، بل يسهل كثيرا من العقبات التي تعتري طلاب وطالبات اللغة الإنجليزية في مراحل متقدمة من التعليم.

واستشهد في السياق ذاته بعدم تأثر طلاب وطالبات المدارس الخاصة، التي منهجت تعليم اللغة الإنجليزية في صفوف مبكرة من مدارسها، كالروضة، والصفوف الثلاث الدنيا، والصفوف الثلاث العليا في المرحلة الابتدائية، وأثبتت التجارب أن تعليم اللغة الإنجليزية في هذه الأثناء كان عاملا مثريا ومساعدا بشكل فعال.

وعن مدى تدعيم مناهج المرحلتين المتوسطة والثانوية خاصة بعد إقرار تعليم اللغة الإنجليزية في الصف الرابع، قال معارضي: «بدء تعليم اللغة الإنجليزية في مرحلة مبكرة تعتبر سلسلة متلاحقة، يتم تأسيس الطالب عليها ليصل إلى مراحل متقدمة في المرحلة المتوسطة والثانوية، مكتسبا تأسيسا عاليا في تعلم مبادئ اللغة في وقت مبكرة في حياته التعليمية».

وأبان معارضي أن وجود البيئة المدرسية الفاعلة والبيئة الصفية الفاعلة، يساعد على تدريس اللغة الإنجليزية وغيرها من المناهج التعليمية الأخرى، ومدارس المملكة بيئتها الصفية ممتازة ومهيأة، و90 في المائة إلى ما يقارب 100 في المائة من المدارس في السعودية فيها تنوع في مصادر التعلم، ولديها شاشات ومبتكرات تعليمية متقدمة، كفيلة بنجاح تعلم أي لغة، لا سيما اللغة الإنجليزية.

ووفقا لتعميم سابق لوكيل وزارة التربية والتعليم للتطوير التربوي الدكتور نايف الرومي، الموجه لإدارة تعليم جدة، فقد تم اختيار تعليم جدة لتطبيق التجربة في مدارسها، وقامت شركة متخصصة بإعداد منهج اللغة الإنجليزية الجديد وستتولى تدريب المعلمين والمشرفين على المنهج الجديد، كما ستقوم بتوفير كل ما يتعلق بالكتب والمنتجات التعليمية المساعدة على نفقتها.

من جانبها، قالت عائشة الحساني، مشرفة لغة إنجليزية، إن لدى الأطفال قابلية قوية لتعلم اللغات واستيعابها في سن مبكرة جدا. وهي قابلية لا بد من استغلالها وخاصة في إثراء المعرفة اللغوية لدى الطفل وتحديدا في لغته الأم، فيتعين على المربي أن يحرص على تطوير مهارات اللغة العربية عند الطفل، مما يساعد على تطوير حس الانتماء الثقافي والوطني، كما ينبغي تشجيع الطفل على استخدام لغته الأم استخداما صحيحا.

وأضافت: «في حالة اللغة العربية، على المربي أن يحرص على تنمية الاعتزاز باللغة الفصيحة، واستخدامها والتمكن منها، حتى لا تطغى اللهجات العامية أو اللغات الأجنبية على الفصيحة، وخاصة أن لوسائل الإعلام التأثير الأكبر في اكتساب اللغات الأخرى نتيجة الاتصال التقني والثقافي. إضافة إلى ذلك، على المربي أن يشجع الطفل على نشر لغته، وتعريف الآخرين بها، دونما الحاجة إلى تعلم لغة أخرى (بديلة) للغته الأم، إلا أن ذلك لا يلغي تعليم الأطفال لغات أخرى.. لكن لا بد أن يتم ذلك بعد أن يتقن لغته الأم».

خالد الشهري، أحد معلمي اللغة الإنجليزية، أوضح أن الإنجليزية ضرورية وعملية ويجب أن نتعلمها بمعزل عن إعجابنا بمن يتحدثها، والإنجليزية أصبحت ملك من يتحدثها ويستخدمها بغض النظر عن جنسيته، ناهيك بأن تعلم الإنجليزية لا يتناقض مع أي منطق لكونها تلبي حاجات كثيرة.

وأضاف الشهري: «الإنجليزية طريقة تفكير باعتبارها تمثل وسيلة الاتصال مع الآخر والتعرف علي ثقافته، فهي تشكل مفتاح الثقافة الأجنبية، حيث تعتبر إجادة اللغة الأجنبية كالإنجليزية نوعا من أنواع الذكاء، ألا وهو الذكاء اللغوي، بحيث إن الإنجليزية تشكل رصيدا مهما يضاف إلى مخزون الفرد الذهني، واللغة تعتبر أداة التواصل بين الشعوب والثقافات، ومن يمتلكها يمتلك هذه الأداة ويستطيع الاتصال مع الآخر والتلقي من الآخرين والتأثير في الثقافات الأخرى، وتعلم الإنجليزية يساعدنا في الاستجابة لتحديات العالم والمعرفة التكنولوجية التي تغزونا في عقر دارنا في عصر العولمة وشمولية الثقافة».

وأفاد معلم اللغة بالقول: «بعدما أصبحنا في القرن الحادي والعشرين وأصبحت العولمة التي جعلت العالم كله كقرية صغيرة من تبادل سلع ومعلومات والاختلاط بين اللغات المختلفة والشعوب الأخرى، من الأهمية تعليم اللغة الإنجليزية لأنها ذات أهمية عظيمة في العالم كله، وهنا ندرس لماذا اللغة الإنجليزية ذات أهمية؟ وهل هناك فوائد تعود علينا تدفعنا إلى تعلم اللغة الإنجليزية (لغة العالم كله)؟

وطرح الشهري تساؤلا: لماذا اللغة الإنجليزية ذات أهمية عظيمة؟ ليجيب: «تعتبر اللغة الإنجليزية من أهم اللغات شأنا ومكانة من دون لغات العالم الأخرى لأنها أصبحت اللغة العالمية الأولى والمنتشرة في العالم كله، على الرغم من اختلاف اللغات والجنسيات، وقد أصبح الكل باختلاف الجنسيات والدول والديانات، يسعون لتعليم هذه اللغة في بلادهم حتى الأوروبيين والفرنساويين وغيرهم من الدول المتقدمة والدول النامية، بما فيها معظم الدول العربية».