مؤسسات تعليمية دولية: العالم العربي يخصص 5% فقط من إنتاجه المحلي للإنفاق على التعليم

تربويون لـ «الشرق الأوسط»: البلدان العربية تحتاج إلى مسارات جديدة في إصلاح أنظمتها التعليمية

TT

حذرت مؤسسات تربوية دولية من خطورة استمرار تخلف التعليم في العالم العربي، موضحة أن العالم العربي يخصص فقط 5% من إجمالي ناتجه المحلي للإنفاق على التعليم، وهو ما اعتبرته دلالة واضحة على التقصير الواضح في المعالجة.

وقال التقرير إن مستوى التعليم في الوطن العربي متخلف بالمقارنة بالمناطق الأخرى في العالم، ويحتاج نظام التعليم العربي إلى إصلاحات عاجلة لمواجهة مشكلة البطالة وغيرها من التحديات الاقتصادية، رغم أن معظم الأطفال في الكثير من الدول العربية استطاع الاستفادة من التعليم الإلزامي، وتقلصت الفجوة بين تعليم الجنسين؛ إلا أن الدول العربية ما زالت متخلفة عن كثير من الدول النامية في هذا المجال.

وأشار التقرير إلى أن الدول العربية خصصت 5% فقط من إجمالي الناتج المحلي، و20% من إجمالي الإنفاق الحكومي على التعليم خلال الأربعين سنة الماضية، وهو ما يعني وجود فجوات كبيرة بين ما حققته الأنظمة التعليمية في العالم العربي، وما تحتاجه المنطقة في عملية التنمية الاقتصادية.

وكشف التقرير عن أن أحد أسباب ضعف العلاقة بين التعليم وضعف النمو الاقتصادي هو انخفاض مستوى التعليم بشكل كبير، وذكر التقرير أنه على من الرغم من كل الجهود العربية للقضاء على الأمية، فإن معدل الأمية في الوطن العربي ما زال يماثل المعدل في دول شرق آسيا وأميركا اللاتينية.

وخلص التقرير إلى أن جميع البلدان العربية تحتاج إلى مسارات جديدة في إصلاح أنظمتها التعليمية؛ من أجل الحوافز والمساءلة العامة، إلى جانب اتخاذ الإجراءات الفاعلة لتحسين مستويات المخرجات التعليمية إلى سوق العمل.

الدكتور خالد الكريم، أكاديمي سعودي متخصص بالدراسات والبحوث التعليمية قال: لـ«الشرق الأوسط»: «السبب يعود إلى قصور الجامعات في البحث العلمي، وإلى عدم تخصيص ميزانية مستقلة ومشجعة للبحوث العلمية، إضافة إلى أن الحصول على منحة بحثية يستغرق إجراءات طويلة ومعقدة، مع قلة في الجهات المانحة. كما أن معظم الجامعات في الدول النامية تركز على عملية التدريس أكثر من تركيزها على البحوث العلمية لأسباب عدة». كما أن الدول المتقدمة ترصد الميزانيات الضخمة للبحوث العلمية لمعرفتها بالعوائد الضخمة التي تغطي أضعاف ما أنفقته، في حين يتراجع الإنفاق على البحوث العلمية في الدول العربية بسبب النقص في التمويل الذي تنفق نسبة كبيرة منه على الأجور والمرتبات، ولقد أنفق العالم في عام 1990م مبلغ 450 مليار دولار على البحث العلمي والتطوير، وكان إسهام الدول النامية أقل من 4.

وأضاف الكريم: «يغلب على التعليم الطابع النظري، والاستمرار في تصميم المناهج وإعداد الكتب والمواد التعليمية بالأساليب التقليدية التي تكرس حفظ المعلومات واسترجاعها في عمليتي التعليم والتقويم، مما يقلل من الاهتمام بالمهارات التعليمية العليا وتعويد الطلاب حل المشكلات ومواجهة المواقف المستجدة وتشجيعهم على المبادرة وتحمل المسؤولية، وما ينتج عن ذلك من ضعف في كفاءة النظام التعليمي وارتفاع نسبة الهدر فيه، فالتعليم في كل مستوياته لا يزال مبنيا على استراتيجية تذكر المعرفة، وليس إنتاج المعرفة، فالتعليم العربي خاصة في مستوياته العليا لم يهتم كثيرا ببناء مهارات التفكير والتدبير، لا سيما تعلم الكفايات العقلية العليا والتحليلية والتطبيقية والتركيبية، التي تؤكد وتبني جوانب الإبداع والابتكار في ذهن المتعلم، ومن جانب آخر فإن مخصصات البحث العلمي في الدول المتقدمة تزداد عامًا بعد آخر، إذ تتضاعف كل ثلاث سنوات تقريبا، وتتجاوز نسبة مخصصات البحث العلمي في بعض الدول المتقدمة 4 من إجمالي الناتج القومي».

على ذلك، أشارت الدكتورة نورم محمد، مستشارة في جمعية «تربية» للعلوم والمناهج، في حديثها لـ«الشرق الأوسط»، إلى تدني نوعية التعليم العربي، وضعف الطالب والمدرس على السواء، مفيدة بأن المقصود هنا بنوعية التعليم ضعف القدرات التي يبنيها التعليم في عقل وشخصية التلميذ، حيث تظل مسألة نوعية التعليم أقل بكثير من دول العالم، خاصة الصناعي منه، فالتعليم لا يزال يهتم بالكم ويهمل النوعية والكيف.

وأضافتقالت الدكتورة نورة محمد إلى ذلك «نمطية التعليم حيث لا يخرج التعليم عن فرعي الآداب والعلوم، وهذه التقسيمات الأكاديمية تتناسب وحقيقة المجتمع في الماضي، أما الآن فهناك ضرورة لتنويع شعب التعليم الثانوي وأقسام الجامعات بحيث تستجيب للتطور الاجتماعي والاقتصادي والتكنولوجي الحاصل في المجتمع العربي، فالتقسيمات الأكاديمية قديمة وكانت تتناسب مع بساطة المجتمع، أما الآن بشكل أو آخر فقد تطورت الحياة في المجتمع وبنيته الاقتصادية، لذلك لا بد أن تؤسس شعب وتقسيمات أكاديمية جديدة تستجيب لبنية المجتمع الاقتصادية، ويمكن في ذات الوقت أن توفر أيديا عاملة للتخصصات وتقسيمات العمل الجديدة التي ظهرت في الحياة العربية المعاصرة».