مبتعثات يواجهن عوائق الانخراط في المجتمعات خارج السعودية

صعوبات بالجملة في التأقلم مع بيئات خارجية

TT

خلال فترة الابتعاث تواجه السعوديات عقبات في التأقلم مع المجتمعات خارج السعودية، للعيش بها والاستقرار طوال فترة الدراسة، فلا تلبث أن تصل لبلد الابتعاث إلا وتطفو على السطح صعوبات متعددة، لا سيما المتعلقة بالجانب الديني، والمجتمعي.

وتتلاشى هذه الصعوبات تبعا لاستقرار المبتعثة ببلد الابتعاث، وعزيمتها الجادة في الوصول لهدفها رغم المعوقات التي تحدها من بلوغه. وتجد بشاير الزايدي المبتعثة لإكمال دراساتها العليا في كندا، أن من أبرز الصعوبات التي واجهتها إبان ابتعاثها، صعوبة الانخراط في الحياة اليومية والتغلب على النظرات المستهجنة للحجاب واللغة العربية، والصعوبة في التأقلم على العيش لنحو نصف سنة بالتعرف على صديقات جديدات ببلد الاغتراب، والتعرف على أنظمة المواصلات بكندا، وكذلك صعوبة التعود على العيش وحدها مع أخيها الذي أتى كمرافق لها في الفترة الأولى لابتعاثها. وتجد بشاير أن إيجاد المحرم، الرجل المرافق للمبتعثة، وإبقاءه معها يعد معضلة لأي مبتعثة سعودية.

وحول الصعوبات الأكاديمية فقد واجهت الزايدي مشكلة في التأقلم مع أسلوب الحياة الأكاديمية بالخارج، فضلا عن صعوبة اختيار التخصص الصحيح والمناسب.

وبحسب النقاش الذي دار ضمن صفحة «Saudis in USA» (سعوديون في أميركا) على الشبكة الاجتماعية «فيس بوك»، فإن المرأة المبتعثة في الولايات المتحدة قد تواجه بعض نظرات الاستهجان والاستغراب إن كانت منتقبة، وتتلاشى جزئيا إن كانت محجبة، مع سؤال المارة الدائم عن سبب تمسكهن بالحجاب، حيث ترى إحدى المشاركات أن التعصب الديني ضد الإسلام أصبح قضية شخصية في أميركا ولم يعد عاما ومنتشرا، ومن وجهة نظرها فإن من أهم أسبابها تزايد الطالبات المبتعثات ومساهمتهن في تحسين صورة الحجاب.

وترى المبتعثة نورة الشقير أنه من إحدى الصعوبات التي تواجه السعوديات المبتعثات للدراسة خارج المملكة، تشدد المحرم المرافق لهن في عدم اختلاطهن بالرجال داخل الفصول الدراسية أو بالممرات، حيث يعمد إلى إجبارهن على الجلوس في مكان منزو ليبقيهن بعيدين عن التواصل مع الرجال، فتقول نورة: «طريقة حياتنا المنفصلة بين الرجال والنساء تؤثر بشكل غريب ومربك بيننا كسعوديين بالخارج، فيصبح داخلنا صراع داخلي بين التعامل بشكل طبيعي بيننا كزملاء، واعتبار ذلك مخالفة لعادات مجتمعية تجعل الفتاة السعودية في موضع الريبة، ولكن كل تلك الشكوك تنجلي عند تعاملي مع الأجنبي غير السعودي».

نورة الشقير التي تكمل دراستها العليا في مجال الفنون الجميلة، في تخصص فن الاستوديو بالولايات المتحدة الأميركية، وجدت عدة صعوبات بالعيش كمواطنة سعودية خارج بلادها، أولاها كانت التأقلم على طبيعة الحياة الأميركية بالعمل من الصباح وحتى المساء، والاعتماد الكامل على النفس في تأمين احتياجاتها، وخدمة نفسها مما جعلها محط سخرية من زميلاتها. تقول نورة: «في أسلوب حياتنا كسعوديات اعتدنا على أن يوجد من يخدمنا داخل المنزل سواء من الأهل أو الخدم، لكن هنا تعلمت أن أعمل وأعتمد على نفسي بالكامل، وتبعا لذلك انعدمت الحياة الاجتماعية بالنسبة لي مما أثر علي من الناحية النفسية».

وعلى الرغم من صعوبة الانخراط بالحياة الاجتماعية، لكن عزيمة نورة الشقير لم تنثن لبدء أنشطة مجتمعية كمشاركتها مع مجموعة من المبتعثين في تأسيس «نادي الطلاب السعوديين بأورلاندو»، والإشراف عليه كنائب رئيس في تنظيم أنشطته، حيث بدأت الفكرة من نقطة صعوبة القبول بجامعات أورلاندو فلا يستقر بالمدينة إلا قلة من السعوديين، فبادرت إحدى المبتعثات السعوديات لدراسة الدكتوراه إلى معاهد اللغة لتفقد صعوبات ومشاكل العيش بالنسبة للسعوديين، التي كانت شرارة الانطلاقة نحو تأسيس النادي. ويعتبر الجانب الأهم في تأسيس النادي والانضمام إليه بالنسبة للمبتعثة نورة هو تعلم مهارة إدارة الوقت بين الدراسة الجامعية والنادي وتعلم قيادته.

وقدمت نورة الشقير بحكم تخصصها بالفنون أعمالا فنية مختلفة لكل منها فكرة معينة تمثل مجتمعها وهويتها، كفيديو بأسلوب فن العرض (بيرفورمر)، مثلت به كسعودية نهضة البترول، وكذلك اشتركت بعمل رسومات فنية بأسلوب الرسم على الجدران (الجرافيتي) بأسماء الله الحسنى، وأنجزت كتابا مصورا عن مشاهير سعوديين وعرضت هذه الأعمال إلى جانب رسوماتها بمعرضين داخل جامعتها ومعرض خارجها.