السعودية: تتابع الإجازات سبب رئيسي في إرباك الخطط المدرسية

كولومبيا وماليزيا وسلوفاكيا من أقل البلدان عالميا في منح الإجازات

تتابع الإجازات من أهم الأسباب التي تربك اليوم الدراسي
TT

حذر عدد من المختصين والتربويين من فترة الانقطاع لطلاب وطالبات التعليم في السعودية مؤكدين أن تتابع الإجازات سبب مباشر في إرباك سير الخطط التربوية والتعليمية على حد سواء.

ووصف عدد من المهتمين بالتربية والتعليم بأن تلك الفترة يتم فيها تغييب كامل لما تحصل عليه الطلاب والطالبات، لذلك يجد المعلمون صعوبة بالغة في إعادة المناهج والدروس التي تحصل عليها الطلاب في السابق، ما لم يكن للبيت دور مهم في جعل جزء من أيام الإجازة للاستذكار والمراجعة، وعلق آخرون على أن معظم الأسر لا تتمكن من الاستفادة من الإجازات القصيرة إما بالسفر للخارج أو الخلود التام للراحة.

وقال في هذا الجانب قال محمد العبسي، خبير تربوي: هناك تصاعد أيام الإجازة وبالذات في الخمس سنوات الماضية، حيث أصبح من السهل منح الإجازة وتعطيل الدراسة بناء على تغيرات الطقس والأجواء، من أمطار أو غبار أو غير ذلك، فضلا عن الإجازات الرسمية للأعياد وبين الفصلين، مشيرا إلى أننا بذلك نتجاوز الكثير من الدول في نسبة التمتع بالإجازات.

وضرب العبسي أمثلة على دول لا تعير الإجازات اهتماما كبيرا، مبينا أن أقل معدل في العالم استحوذت عليه كل من كولومبيا، بـ18 يوما سنويا، تليها ماليزيا بـ16 يوما ثم سلوفاكيا بـ15 يوما فقط، ولفت إلى أن كثيرا من الطلاب يضيفون لتلك الإجازة العارضة يوما أو أكثر قبل وبعد العودة، مما يجعل الأيام الأخيرة التي تسبق أي إجازة تتحول إلى أيام لا فائدة فيها تذكر.

وأضاف محمد العبسي: الوزارة في أوقات سابقة شكلت فرق عمل خاصة لحل تلك الإشكالية، التي يتفق الكثير من التربويين على وجودها وتأثيرها السلبي على تحصيل الطلاب والطالبات.

وأضافت موضي العصيمي مشرفة تربوية بتعليم الطائف أن الإجازات ليست سلبية على تحصيل الطلبة إذا صاحبها تخطيط جيد من قبل المدرسة والأسرة، مبينة أن الفصل الدراسي لدينا يقارب 17 أسبوعا، وهذه فترة كافية لتعليم المهارات الأساسية وتأصيل القيم التربوية في نفوس الناشئة ولا شك أن هذه الفترة لو استثمرت الاستثمار الأمثل في تنفيذ المنهج وفي نوعية التعليم وفي استخدام التقنيات الجيدة، وتفعيل الأنشطة اللاصفية على النحو المطلوب، وذلك من بداية الفصل الدراسي وحتى آخر يوم فيه فلن يكون هناك أي تأثير سلبي على النواحي التعليمية والتربوية للطلاب والطالبات، وتؤكد العصيمي أن الإجازة لها تأثير كبير من الناحية الإيجابية متى ما التزم المعلم والطالب وكذلك الأسرة بالأدوار المناطة بهم لما من شأنه أن يخدم مسيرة التعليم ويحقق الأهداف المطلوبة، وتشير موضي العصيمي إلى أن الإجازة ووقتها مناسبان جدا وما يحدث من بعض السلبيات فهو بسبب ضياع أيام في بداية العام الدراسي ونهايته لا يستفاد منها الاستفادة المثلى في ظل غياب التخطيط الجيد والمتابعة المستمرة.

وأفاد خالد بن محمد القحطاني معلم مرحلة ثانوية بتعليم الرياض أن الإجازات القصيرة تربك الطلاب وخاصة في المرحلة الثانوية، وتجعلهم أكثر تشتيتا، وأبان بأن الطالب في تلك المرحلة يكون مشغولا بكيف يقضي الإجازة وكيف يقتص من الأيام التي تسبقها والتي تعقبها، مما يؤثر بشكل مباشر على تحصيله العلمي وبالذات الذي ينقطع لأكثر من يوم قبل أو بعد الإجازة، وقال القحطاني إن من الحلول التي يتخذها كمعلم لضبط طلابه قبل الإجازات تكليفهم ببحث يأتي به بعد الإجازة القصيرة وكذلك اختبارات قصيرة قبل الإجازة للحد من مشكلة الغياب الذي يكون في آخر الأيام، كما أنه يستخدم محفزات أخرى بالتعاون مع زملاء المدرسة في برامج جاذبة ومحببة لنفوس الطلاب.

ومن جانبه أوضح أحمد الجعيد، مرشد سياحي، أن للإجازات القصيرة جوانب مشرقة وجميلة لكنها غير مفعلة في السعودية بالشكل الأفضل فالإجازات القصيرة تساعد على التنمية السياحية والبيئية داخل المملكة، حيث تعد فرصة رائعة للاجتماعات العائلية، وممارسة الهوايات الفردية، وكسر الروتين، مع عدم إغفال الهدف الرئيسي من الإجازة في الاسترخاء وأخذ الراحة الكافية للجسد والاستعداد بالشكل الجيد للعودة للدراسة والعمل بشكل جاد، ويرى الجعيد أن هناك خطأ يرتكب من بعض الأسر وذلك بالسفر في أوقات الإجازات القصيرة للخارج مما يجعل أطفالهم في هوة وبون شاسع بين مكتسبات الوطن من مناطق سياحية وأثرية لم يطلعوا عليها ولا يعرفون عنها أي شيء وبين الثقافات التي تنتظرهم في الخارج مع التحفظ على كثير منها، وقال الجعيد بأن خروج سياح سعوديين للخارج في إجازة قصيرة يتكلف حسب بعض الإحصائيات بما يقارب 6 مليارات ريال لو صرفت على الداخل لكانت أنفع وأفضل بالذات للأسرة والطفل الذي نريد أن يعرف كل ما يحويه وطنه من مناطق وآثار.