توقعات بزيادة استيعاب «التعليم الأجنبي» للطلاب لمواكبته متطلبات سوق العمل

المدارس العالمية في السعودية تحقق نموا في استقطاب أولياء أمور الطلاب

عشرات المدارس الأهلية التي تطبق التعليم العام قامت بمخاطبة الوزارة للتحول إلى مدارس عالمية («الشرق الأوسط»)
TT

في الوقت الذي يسعى فيه الفرد السعودي إلى تطوير مهاراته التعليمية والحصول على أفضل الشهادات التي تمنحه القبول في سوق العمل، توجه عدد من الأسر السعودية لإلحاق أبنائهم إلى سلك التعليم الأجنبي من خلال المدارس العالمية والتي بدأت بالنمو مؤخرا في السنوات الماضية وقبول الطلاب السعوديين، بعد أن كانت محصورة وبشروط تعوق دخول الطالب السعودي فيها مقابل قبولها للمقيمين في البلاد.

ويرى عدد من أولياء أمور الطلاب أن متطلبات العمل دفعت بهم إلى الخروج من نمط التعليم التقليدي الذي يتطلب حينها خبرات وممارسة اللغة الإنجليزية حيث تجعل المسافة طويلة بين دراسة الطالب والوظيفة، لذلك فإن دفع مبالغ قد تكون عالية جدا مقابل أن يخرج الأبناء بمهارات عالية، وخصوصا إجادة اللغة الإنجليزية التي هي أول وأهم شروط التوظيف لدى العديد من الجهات الحكومية والأهلية وبرواتب يطمح إليها الطالب.

خضر بن سعد، أحد الآباء الذين وضعوا أبناءهم تحت مظلة المدارس العالمية، يقول «لم أتردد على الإطلاق في إلحاق الأبناء في التعليم الأجنبي بالمدارس العالمية فقد أثبتت من خلال أمثلة مقربة لي ضمان مستقبل الابن في إحدى الجهات التي تتكفل بدفع رواتب محفزة حين قبول الطالب للوظيفة بعد تخرجه لإدراكهم مدى مهاراتهم في التحدث باللغة الإنجليزية».

وزاد أن «المدارس العالمية نافذة على المستقبل، خصوصا في ظل ضعف مناهج التعليم العام في مدارسنا، فالرغبة في تعلم اللغة الإنجليزية أمر مهم، ولكن ليس على حساب اللغة العربية ومواد الدين، فقد بحثت عن العديد من المدارس ووجدت مدارس معتمدة ومتوافقة مع مناهج وزارة التربية والتعليم».

وأوضحت مها الزهراني التي قضت دراستها داخل السعودية في مدارس التعليم الأجنبي قائلة «قدمت لي العروض في كل اتجاه من قبل الشركات التي تعلم جيدا مدى قدرتي في النطق والكتابة باللغة الإنجليزية، حيث كنت عند اختباراتي لاجتياز القبول في الوظائف أجد ترحيبا مبكرا مقابل أن هناك طلابا حاصلين على شهادات أعلى ولكن يفقدون المهارة نظرا لالتحاقي بالمدارس منذ نواعم أظافري، لذلك فأنا الآن أعمل بمرتب جيد ولم يكن التحاقي بالمدارس العالمية إلا عونا لي بعد الله».

من جهتها، قالت سعاد المنصور مديرة إدارة التعليم الأهلي والأجنبي في إدارة التربية والتعليم في محافظة جدة، لـ«الشرق الأوسط»، إن وجود معايير لقبول الطلاب السعوديين في المدارس الأجنبية وإلزام المدارس بتطبيقها كشرط لمنح المدرسة إمكانية قبول السعوديين أدى إلى تحسين أداء هذه المدارس حيث يشكل فتح المجال للمدارس الأجنبية لقبول السعوديين تحقيق مكاسب مادية عالية، لذلك فإن تجويد مخرجات هذه المدارس وتحسين أدائها من أهم الأهداف الاستراتيجية لإدارة التعليم الأهلي والأجنبي في المرحلة القادمة من خلال توفير أدوات التقويم لأدائها من خلال الإشراف الفني والإداري وبرامج التطوير ومتابعة المناهج وتوافقها مع المنهج المرخص للمدرسة بما يضمن تحويل بيئات هذه المدارس إلى بيئات آمنة فكريا وعقديا للحفاظ على الهوية الإسلامية والوطنية لدى الطلاب.

وأضافت المنصور أن «الوزارة تعمل حاليا لإدراج جميع بيانات المدارس الأجنبية في نظام (نور)، وهذا سيحقق نقلة نوعية في تنظيم وتطوير العمل في هذه المدارس من حيث آليات القبول والنقل وتوحيد الخطط والالتزام بتعليمات القبول والتسجيل بما يسهل الإجراءات على المدارس وأولياء الأمور ويحقق الاستقرار للمدارس». وحول ما يتردد من نقص الاهتمام بنواحي الأمن والسلامة وتطبيق شروطها المعتمدة من الدفاع المدني بينت سعاد المنصور مديرة إدارة التعليم الأهلي والأجنبي أن «الإدارة العامة للتربية والتعليم وإدارة الدفاع المدني تحرصان حاليا على أن تكون المدارس بيئات آمنة ولن يتم منح أو تجديد شهادات السلامة للمنشآت التعليمية إلا بعد توفر جميع وسائل الأمن والسلامة، وجميع المباني التي لا تتوفر فيها شروط الأمن والسلامة صدرت لها قرارات إخلاء».

وفي ما يتعلق بالمعايير التي تتخذها المدارس الأجنبية لتقييم الرسوم أشارت المنصور إلى أنه «بناء على القرار الصادر من قبل مجلس الوزراء بمنح وزارة التربية والتعليم صلاحية تنظيم الرسوم الدراسية للمدارس الأهلية وفق معايير محددة، سيتم معالجة جميع الإشكالات بهذا الخصوص بما يضمن أن توازي الرسوم المدفوعة الخدمات التعليمية المقدمة للطلاب».

وأكدت المنصور أن عدد المدارس العالمية وصل إلى نحو 25 مدرسة، حيث بلغ عدد الطالبات في مدارس جدة من حيث السعوديون والمقيمون كل على حدة 53306 بما يعادل 20786 من البنين، و32520 من البنات.

وأكد مصدر في وزارة التربية والتعليم لـ«الشرق الأوسط» أن المقومات التي دفعت بالتوجهات إلى المدارس العالمية جعلت عشرات المدارس الأهلية التي تطبق التعليم العام تقوم بمخاطبة الوزارة للتحويل إلى مدرسة أهلية عالمية نظرا لفائدة جدواها الاقتصادية لدى الملاك والوظيفية لدى الطلاب.

ولما رأته وزارة التربية والتعليم في السعودية فقد بادرت حينها بالرفع للمقام السامي بطلب السماح للمدارس الأهلية المتميزة بتطبيق البرامج التعليمية الدولية وفقا لضوابط محددة، وذلك لتوفير مثل هذا النمط من التعليم ومناهجه لأولياء أمور الطلاب السعوديين الذين يرغبون في إلحاق أبنائهم بهذه المدارس، وقد صدرت موافقة المقام السامي على ذلك وطبقت التجربة بدءا من عام 2008.

وحول شروط قبول الطلاب السعوديين في المدارس الأجنبية تشترط الوزارة ضوابط محددة من أهمها موافقة صاحب الصلاحية على قبول الطلاب وحصول المدرسة على اعتماد تربوي من جهة معتمدة، وأن تكون المدرسة حاصلة على الدرجة الأولى أو الثانية وفقا لمعايير تقييم المدارس الأجنبية، والتزام المدرسة بتدريس مواد التربية الإسلامية واللغة العربية وجغرافيا وتاريخ المملكة العربية السعودية وفقا لمعايير محددة. وشددت الوزارة على إلزام المدارس باحترام القيم الدينية والأخلاقية والسياسية في السعودية، وكذلك التقيد بالتعليمات الصادرة عن وزارة التربية والتعليم، ومن يخالف ذلك تطبق بشأنه الجزاءات.

يذكر أن جميع المدارس العالمية في السعودية من المتوقع أن تنظم إلى برنامج دعم رواتب المعلمين والمعلمات من خلال ربط جميع المدارس ببرنامج «نور» على أن يكون الحد الأدنى للراتب يبدأ من 5000 ريال (1300 دولار) يضاف إليه 600 ريال (160 دولارا) عن طريق مساهمة صندوق تنمية الموارد البشرية بنسبة 50 في المائة من الراتب لمدة خمس سنوات.