أميركا: التكنولوجيا الطريقة الأسرع لتغيير طريقة تعلم الطلاب

TT

يسود اعتقاد شائع لدى المعلمين بأن استخدام الطلاب المستمر للتكنولوجيا الرقمية يحد من سعة انتباههم وقدرتهم على أداء المهام الصعبة، بحسب الدراستين اللتين شارك فيهما معلمون ونشرت نتائجهما يوم الخميس.

وأكد الباحثون أن نتائجهم تمثل آراء موضوعية للمعلمين، وأنها ليست دليلا قاطعا على أن الاستخدام الواسع للكومبيوتر والهواتف الجوالة وألعاب الفيديو تؤثر على قدرة الطالب على التركيز.

على الرغم من ذلك، يرى الباحثون الذين أجروا الدراسة والباحثين الذين درسوا تأثير التكنولوجيا على السلوك والعقل، أن الدراستين تشكلان أهمية بسبب وجهات نظر المعلمين، الذين يمضون ساعات يوميا في ملاحظة الطلاب.

أجرت الدراسة الأولى مؤسسة «بيو إنترنت بروجكت»، قسم مركز أبحاث «بيو»، الذي يعنى بالأبحاث المتعلقة بالتكنولوجيا، وأجرت الثانية مؤسسة «كومان سنس ميديا»، غير الربحية في سان فرانسيسكو، التي تقدم الإرشادات لأولياء الأمور حول استخدام الأطفال لوسائل الإعلام. أجرت الدراسة فيكي رايدوت، الباحثة التي خلصت في دراسة سابقة إلى أن استخدام الوسائط الإعلامية بين الأطفال والمراهقين بين سن الثامنة والثامنة عشرة تزايد بشكل كبير، إلى أن وصل إلى قضاء ضعف وقت الدراسة أمام الشاشات كل عام.

وكان المعلمون الذين لم يشاركوا في أي من الدراستين قد عبروا عن النتائج ذاتها في المقابلات التي أجريت معهم، قائلين إنهم شعروا بأن عليهم العمل بشكل أكبر لاستقطاب انتباه الطلاب.

وتقول هوب مولينا بورتر (37 عاما) معلمة اللغة الإنجليزية في مدرسة تروي الثانوية في فوليرتون، بكاليفورنيا، التي تقوم بتدريس اللغة الإنجليزية منذ 14 عاما: «أضطر إلى الغناء والرقص لأجذب انتباه التلاميذ». تقوم هوب بتدريس طلاب متفوقين، لكنها أشارت إلى تراجع واضح في العمق والتحليل في أعمالهم المكتوبة.

وقالت إنها لا ترغب هي ولا المعلمون الآخرون الذين أجريت لقاءات معهم، في تجنب صعوبة الاشتراك مع الطلاب، لكنها أبدت أيضا قلقا من أن التكنولوجيا تسببت في تحول عميق في كيفية تعلم الطلاب. وتساءلت أيضا ما إذا كان المعلمون يضيفون إلى المشكلة بتعديل الدروس لتلائم سعة الانتباه القصيرة.

وأضافت مولينا بورتر: «هل نساهم في هذا؟ ما الذي سيحدث عندما لا يملكون وسائل ترفيه دائمة؟»، ويرى الباحثون الذين يدرسون دور الإعلام في المجتمع أنه لم تجر دراسات ممتدة تظهر بشكل ملائم كيف وما إذا كانت سعة الانتباه قد تغيرت بسبب استخدام التكنولوجيا الرقمية. لكن هناك أدلة غير مباشرة قوية على أن الاستخدام الدائم للتكنولوجيا يمكن أن يؤثر على السلوك، خاصة في تطوير العقل نتيجة التحفيز القوي والتحول السريع للانتباه.

وتعترف كريستين بورسل، المدير المساعد للأبحاث في بيو، بأن النتائج يمكن النظر إليها من منظور آخر، هي ضرورة تعديل نظام التعليم ليتوافق بشكل أفضل مع طريقة تعلم الطلاب، وهي النقطة التي تبناها بعض المدرسين في مجموعات التركيز ذاتها.

وقالت بورسل: «ما نصفه بـ(عدم التركيز)، يعتبره البعض إخفاقا من البالغين في معرفة كيفية معالجة الأطفال لهذه المعلومات. إنهم لا يقولون إن عدم التركيز جيد لكن (عدم التركيز) بات سمة هذا الجيل». ووجد البحث أيضا أن كثيرا من المعلمين يرون أن التكنولوجيا يمكن أن تكون أداة تعليمية مفيدة. ففي البحث الذي أجرته «بيو» التي أجريت بالاشتراك مع مؤسستي «كولدج بورد» و«ناشيونال رايتنغ بروجكت»، أكد ما يقرب من 75 في المائة من 2462 معلما أن الإنترنت ومحركات البحث كان لها تأثير «إيجابي واضح» على مهارات البحث لدى الطلاب، وأن مثل هذه الأدوات جعلت الطلاب أكثر كفاءة في الاعتماد على أنفسهم في البحث.

لكن ما يقرب من 90 في المائة منهم قالوا إن التكنولوجيا الرقمية تخلق جيلا أكثر تشتتا في سعة الانتباه قصيرة المدى.

وبالمثل، قال 71 في المائة من بين 685 معلما تم استطلاع آرائهم في دراسة «كومن سنس بروجكت» إنهم يعتقدون أن التكنولوجيا تضر بسعة الانتباه «إلى حد ما» أو «بصورة كبيرة». وقال 60 في المائة إنها أعاقت قدرة الطلاب على الكتابة والتواصل بشكل مباشر، وقال نصفهم تقريبا إنه أضر بالتفكير النقدي وقدرتهم على أداء الواجبات المنزلية. كان هناك اختلاف بسيط في كيفية إدراك تأثير التكنولوجيا.

ويقول جيم ستير، المدير التنفيذي لمؤسسة «كومن سنس ميديا»: «هذه دعوة صريحة لوجبة إعلامية صحية ومتوازنة. ما ينبغي أن ندركه كآباء هو أن ما يحدث في المنزل مع الاستهلاك الإعلامي يمكن أن يؤثر على الإنجاز الأكاديمي».

تحدث المعلمون خلال المقابلات عما يوصف بمشكلة «ويكيبيديا»، التي اعتاد فيها الطلاب على الحصول على إجابات سريعة ببضع ضربات قليلة على لوحة المفاتيح حتى إنهم قد يكونون أكثر عرضة للاستسلام عندما تراوغهم الإجابة. ووجد بحث بيو أن 76 في المائة من المعلمين يعتقدون أن الطلاب تكيفوا على الحصول على الإجابات سريعة عبر الإنترنت.

وتقول ليزا بالدوين (48 عاما) معلمة بمدرسة ثانوية في غريت بارينغتون بولاية ماساتشوسيتس، إن قدرة الطلاب على التركيز وخوض التحديات الأكاديمية تعاني من تراجع ملحوظ، وأضافت: «هم بحاجة إلى مهارات البحث لا السعي للحصول على الإجابات السريعة»، مشيرة إلى أنها لاحظت تراجعا حادا لدى الطلاب الذين يسمح لهم آباؤهم بالتواصل غير المقيد بالتلفزيون والهواتف الجوالة والآي باد وألعاب الفيديو.

من جانبها، قالت السيدة بالدوين إنها رفضت خفض توقعاتها أو تغيير أسلوب تدريسها، كي يصبح أكثر ألفة. لكنها تقضي وقتا أطول في جلسات الدروس الفردية لتدريب الطلاب على كيفية النجاح في حل الواجبات الصعبة.

وقال مدرسون آخرون إن التكنولوجيا تشكل حلا بقدر ما تمثل مشكلة. فيرى ديف مينديل، 44 عاما، معلم الصف الرابع الابتدائي في مدرسة ولاينغفورد بولاية بنسلفانيا إن ألعاب الفيديو التعليمية والتقديم الرقمي طرق ممتازة في إشراك الطلاب. فيما قال آخرون إنهم يستخدمون وسائل تعليمية أكثر حيوية ومرونة. يقول مينديل: «أنا أطوف بغرفة الدرس كلها، فكلما طال وقوفي أمام الفصل كان من السهل أن أفقد انتباههم»، وأشار إلى أنه كان من الصعب إشراك الطلاب في الدرس، لكنهم عندما شاركوا تمكنوا في الحال من حل المشكلات وأصبحوا أكثر إبداعا كما كانوا في الماضي. ويفضل مينديل استخدام الأطفال المحدود لوسائل الترفية في المنزل، لكنه لا يعتقد أنها تمثل تحديا لا يمكن التغلب عليه بالنسبة للتعليم في المدارس.

* خدمة «نيويورك تايمز»