السعودية: «القياس» والمناهج.. رمتني بدائها وانسلت

1.5 مليون طالب سعودي يخضعون سنويا لاختبارات «قياس»

انتقادات واسعة لـ«قياس» بأنه يقيم مستويات بعيدة عن المناهج الدراسية
TT

من خلال المؤتمر الدولي الأول للقياس والتقويم، أثير جدل متعلق بتقييم مستوى الطلبة إبان تخرجهم في المدارس وانتقالهم لبرامج السنة التحضيرية بالجامعات، بعد خضوعهم لاختبارات القياس بالمركز الوطني للقياس والتقويم الذي يعنى بكيفية قبول الطلاب في الجامعات وتوزيعهم على التخصصات المختلفة وفقا للإمكانات والقدرات من خلال عقد امتحانات موحدة، لاستخدامها في قياس لتقويم الأداء الأكاديمي ومهارات البحث العلمي.

وأوضح الأمير الدكتور فيصل المشاري آل سعود رئيس مركز القياس والتقويم، أن مع تأسيس مركز القياس والتقويم قبل 12 عاما كان يعقد اختبارات قبول جامعية من دون قياس دقيق، والطلاب كانوا يخوضون اختبارات مختلفة لكل جامعة، ولكن استقلالية المركز وأهدافه الواضحة كانت من أهم عناصر نجاحه، رغم التحديات التي واجهته منها الرفض المجتمعي ولكن تقبل الاختبارات القياسية الموثوقة، أصبح أفضل من بداية العمل بالمركز وارتفعت أعداد الطلاب المختبرين للقياس من 35 ألف طالب إلى أن جاوز اليوم عددهم المليون ونصف المليون طالب سنويا.

وأشار رئيس مركز القياس والتقويم إلى أنه خلال شهرين سينتهي المركز من إعداد استراتيجية تحمل رؤية ومبادرات جديدة، ويعتقد الأمير الدكتور فيصل المشاري أن المركز قدم للتعليم العالي اختبارات قياسية معترفا بها، وبيانات دقيقة، واختبارات للغات. وبالرغم من أن المركز ليس مقصودا فيه خدمة التعليم العام لكنه يقدم تغذية ناجعة عن مستويات الطلاب، وبناء عليها ترتيب المدارس، ومعايير اختبارات تأهيل المعلمين، وبرامج الموهبة والإبداع، ومشاريع التقويم الوطنية لمراحل التعليم المختلفة.

ذكر الدكتور علي الصبيحي أستاذ المناهج والبحث العلمي بجامعة طيبة بالمدينة المنورة رئيس اللجنة التأسيسية للجمعية العلمية السعودية للقياس والتقويم، لـ«الشرق الأوسط»، أن «صورة اختبار القياس مشوهة في المجتمع السعودي، حيث وضع كأنه الحاكم لمستقبل الطالب في حين أن القياس وجد لكي يكون دليلا ومرشدا للمربي والطالب أين هي مواقع القوة والضعف لديه». وأشار إلى أن تأسيسه للجمعية العلمية السعودية للقياس والتقويم جاء من أجل توضيح رسالة لجميع فئات المجتمع، بأن هذه الاختبارات ما هي إلا لتساعد متخذ القرار على اختيار الطالب المناسب للكلية أو الجامعة حتى لا يقع في الفشل، ففيها حماية للطالب وليس ظلما أو قهرا له.

وعقبت الدكتورة شرف الأحمدي أستاذة القياس المساعد بجامعة طيبة، بأن أهمية إنشاء الجمعية العلمية للقياس والتي أعلن عنها بالمؤتمر تكمن في ما تتصدى له من مواضيع في مجال القياس والتقويم، الذي يحتاج لعناية علمية لتطويره وفقا لمتطلبات وقواعد نظرية علمية، وتهدف الجمعية لتقديم خدمة في الجوانب الاجتماعية والمهنية.

وذكرت الدكتورة إلهام خليل أستاذة علم النفس بجامعة جازان، أنه يجب التعميم على اختبار القدرات بشكل نوعي وليس بالدرجة الكلية، مما يحسن من فكرة توزيع الطالب تبعا لقدراته في الكلية المناسبة له، وقالت: «اختبار القدرات يتضمن جزءا لفظيا وجزءا كميا، والاختبار التحصيلي يتضمن جزءا خاصا بالكليات النظرية وآخر للكليات العملية، وأتمنى مستقبلا ألا تؤخذ الدرجة الكلية من اختبار القدرات، فالاختبار التحصيلي مرتبط بما تم تحصيله مسبقا في المرحلة الثانوية، فهو بالتالي المنبئ للمستوى الأكاديمي والدراسي، ولكن نتمنى أن يحدث نوع من أنواع التطوير فيه».

وأبانت الدكتورة إلهام أن طريقة التعليم والاستذكار وتقييم الاختبارات التحصيلية بالجامعات تشوبها عيوب، فما زالت الجامعات السعودية تطمح بفرصة اختبارات بها جانب تحليلي أو تطبيقي، ولكن لو حصل ذلك فمن الممكن أن يحدث نوع من التذمر والشكاوى. وأشارت إلى أن بتركيزها على مقرر تنمية مهارات التفكير، كمهارات معرفية من المفترض أن يهدف بالنهاية إلى أن الطالب يتعلم هذه المهارات، إلا أنه لا يحدث لسبب بسيط أن المقرر بأكمله نظري ولا يحتوي على جزء عملي، وبالتالي لا يمكن تعليم المهارات بصورة جيدة، ويظل الوضع كما هو عليه حتى تمارس الطالبة ما تم التعود عليه مسبقا في المرحلة الثانوية وهي الحفظ والاستذكار.

الجودة في التعليم العالي أصبحت من المهام الأساسية في محاولة رفعها وتحسين أدائها، فعرضت الدكتورة إلهام خليل، ضمن جلسات المؤتمر دراسة علمية تتحدث عن إسهام مقاييس القبول في جامعة جازان في التنبؤ بالمعدل التراكمي للطالبات، وتم هذا البحث على طالبات إدارة الأعمال لتقويم أدائهن، ويكشف عن القادرين على إكمال دراستهم العلمية بنجاح كمساهمة لتطوير القبول في الجامعات السعودية. وتكمن أهمية البحث في معرفة الإسهام النسبي لمحطات القبول في الجامعات السعودية، بحساب نسبة المرحلة الثانوية واختبارات القدرات والاختبار التحصيلي، ومحاولة التنبؤ بالمعدل التراكمي لطالبات السنة التحضيرية، من خلال استبيانات توزع على الطالبات ومن ثم حساب مجموع المعدلات.

وحول الحلول المقترحة لحل مشكلات القبول في الجامعات، ووجود فجوة بين مخرجات التعليم العام والتعليم بالجامعات، عبرت الدكتورة أليا ميتشل عضو هيئة التدريس بجامعة الأمير سلطان، عن أن لديهم بالجامعة حلولا متعلقة بسد الفجوة بين مخرجات التعليم العام والتعليم الجامعي بتخصيص فصل دراسي تأهيلي للغة الإنجليزية، يساعدهم على تطوير قدراتهم قبل الالتحاق ببرنامج السنة التحضيرية وكذلك برامج تطويرية احترافية مدرجة ضمن برنامج السنة التحضيرية كمتطلبات لدعمهم تحوي مناهج على مهارات الحياة، والمهارات الأكاديمية تجعلها كالجسر بين المدرسة والجامعة.