الأمير فيصل المشاري لـ «الشرق الأوسط»: التميز في اختبارات القياس من نصيب الطلاب الأجانب بالسعودية

اختبار القدرات يستكشف الكثير من المهارات كالتفكير والاستنباط والفهم والتحليل

خلال إجراء اختبارات القياس تم اكتشاف العديد من الفروقات التي يؤول إليها تميز الطلاب و في الاطار الأمير فيصل المشاري
TT

صرح الأمير الدكتور فيصل المشاري آل سعود مدير المركز الوطني للقياس والتقويم (قياس)، بأن الجامعات لا تستفيد من نقاط التميز والقدرات التي تقيسها الاختبارات لدى طلابها، مشيرا إلى أن الجامعات السعودية توسعت في القبول إلى أن أصبحت تقبل طلابا غير مؤهلين للجامعات والسبب هو عدم وجود فرص أخرى لدى الطلاب غير التعليم الجامعي الذي يستمر من أربع إلى خمس سنوات.

وذكر الأمير الدكتور فيصل المشاري أنه من خلال إجراء اختبارات القياس تم اكتشاف العديد من الفروقات التي يؤول إليها تميز الطلاب، منها استعدادهم ودوافعهم للتعلم في الحياة وإعطاء التعليم جل اهتمامهم. وقال: «لا أخفي سرا أن المتميزين في اختبارات المركز هم من الأجانب المقيمين في السعودية، وذلك يشير إلى اهتمام أسرهم بتميزهم في التعليم وشعورهم بالتحدي عند اختبار قدراتهم».

واستطرد قائلا: «الاختبارات التي تستخدم في معايير القبول الجامعي ركزت على الجوانب المهمة في نجاح الطالب في الجامعة، وكان لزاما أن يكون القبول الجامعي تنافسيا، وبالتالي فمن الواجب أن تكون هذه الاختبارات عامة، واقتصرت على مؤشرين مهمين وهم الاستعداد الدراسي في القدرات، والقدرة على التحصيل العلمي. ومن خلال نتائج الاختبارين يمكن التنبؤ بمستوى الطالب في الجامعة».

وأضاف أن «اختبار القدرات يستكشف الكثير من المهارات، كالتفكير والاستنباط والفهم والتحليل لدى الطلاب، ولكن أقولها وبكل أسى أن الجامعات لا تستفيد من هذه القدرات التي نكتشفها لدى الطلاب، ولذلك أصبح الاختبار التحصيلي الأكثر التصاقا بنجاح الطالب في الجامعة، بسبب النمط التعليمي في الجامعة». وحول تكافؤ الفرص، ذكر مدير المركز الوطني للقياس والتقويم أن المركز بدأ هذا العام إعطاء فرصتين لإجراء اختبار القدرات.

جاء ذلك من خلال مشاركة مدير «قياس» ضمن جلسات ندوة «التعليم العالي للفتاة في المملكة من النمو إلى المنافسة» بجامعة الملك سعود، حيث تمخضت ورقة الأمير الدكتور فيصل المشاري آل سعود، بأن المجتمع لم يقدر عمل المرأة في صناعة الأجيال، وزيادة متطلبات الحياة والرفاهية، بالإضافة لعدم وجود نظام اجتماعي يؤمن المرأة في حال تأخر زواجها أو طلاقها أو وفاة الزوج، مما استدعى ضرورة عمل المرأة خارج نطاق وظيفتها الأساسية في الحياة وهي بناء المجتمع، بشكل جعل الموسرات منهن يرغبن بالعمل كمظهر اجتماعي أحيانا.

وأشار إلى أن الخصوصية المرافقة لتعليم الفتاة في السعودية مبنية على أسس دينية ومجتمعية، والمعارضة في تعليمها كانت محدودة، بدافع الخوف على الفتاة وصيانة شرفها، فلم يكن لغرض التمييز العنصري بين الذكر والأنثى، مبينا أن تعليم الفتاة لم يكن انتصارا لظلم وقع عليها، وإنما اقتناع بسلامة التوجه، واليوم أصبحت نسبة 60 في المائة من طلاب التعليم العالي في السعودية من الإناث.

وقال: «عندما نتكلم عن مشاركة المرأة في التنمية لا يعني ذلك المساواة التامة بينها وبين الرجل وتجاهل الفرق بينهما، وفي القطاع الحكومي عند توفير شواغر لعمل المرأة لمعادلة الكفة في فرص التوظيف هو في الحقيقة يضيف بطالة مقنعة ويزيد الأعباء على الدولة، من دون أن نشاهد تنمية حقيقية». وأوضح الأمير الدكتور فيصل المشاري أن هذه المشكلة التي وصفها بالمجاملة لا تحل أزمة البطالة على المدى الطويل.

ومن الملاحظ أن ارتباط التعليم بالعمل أصبح ظاهرة عالمية، وبدأ ينحسر مفهوم التعلم من أجل العلم، وفي رأي الأمير الدكتور فيصل المشاري آل سعود، فإن هذا خلل أصاب فكرة تعليم الفتاة، حيث كان من الطبيعي ألا تعمل كل خريجات الجامعات، ولكن اليوم تغيرت هذه الفلسفة فأصبحت كل خريجة تطالب بأن تعمل، نظرا لعدم تقدير عمل المرأة داخل المنزل وعدم إعطائه أي قيمة مادية أو حتى معنوية، مضيفا أنه «لو نظرنا إلى ما نصت عليه سياسة التعليم في السعودية في بداية ما أقر أن تعليم الفتاة يستهدف تربيتها لتقوم بمهمتها في الحياة، لتصبح ربة بيت وأما صالحة وإعدادها للأعمال المناسبة لطبيعتها».

ومع ارتباط نمط التعليم بفرص الوظيفة للمرأة، فلا يبدو من المستغرب اتجاه الدارسات في العقود السابقة بنسبة تجاوزت الـ90 في المائة إلى كليات التربية وكليات إعداد المعلمات، مما نتج عن ذلك تخريج أعداد كبيرة من التربويات ممن لسن أهلا لهذه المهنة، مما أضر بمستوى التعليم. وتم تدارك هذه الأمور من خلال بدء وزارة التربية والتعليم باشتراط اختبارات خاصة بالمعلمات الجدد، كأول سنة يتم تطبيق النظام فيها بعد تجربة تطبيقها على المعلمين لمدة خمس سنوات.

ومن وجهة نظره، يرى الأمير الدكتور فيصل المشاري أنه من الواجب الاحتراز من طغيان بعض التخصصات الجامعية، على التخصصات المتفق لمناسبتها أكثر، وعدم المبالغة بتضخيم الفرص الوظيفية المتاحة لبعض التخصصات الحساسة، والتي اعتبرها إيهاما بالفرص الوظيفية التي قد لا تغطي الأعداد الموجودة من الطالبات، ولا من حيث الاستعدادات للتخصص من خلال الكوادر النادرة، فعند إحلال هذه التخصصات يجب أن تتم بطرق هادئة وعلمية تضمن جودتها من دون الإساءة لها، كما هو الحال في التخصصات التربوية التي لم تعد تصبح جاذبة لرغبات طالبات التعليم العالي، وقال مختتما: «يجب أن نمكن المرأة أولا لكي تكون قادرة على الحياة، قبل أن نسعى لتوظيفها».