«عراقة» الجامعات الحكومية تواجه «ثراء» الخاصة منها في مصر

ضعف الإمكانيات والمستوى التعليمي في بؤرة التقييم والمقارنة المستمرة

جامعة القاهرة إحدى أقدم الجامعات في الشرق الأوسط و في الاطار د. عالية المهدي
TT

على مدار العشر سنوات الماضية، لا يزال الجدل مثارا في الأوساط التعليمية المصرية حول التنافس بين الجامعات الحكومية المصرية والجامعات الخاصة، والتي يرى خبراء أنها منافسة غير متكافئة لكلا الطرفين. فالأولى تعتمد على عراقتها وامتياز المستوى التعليمي، والثانية تعتمد على الإمكانيات المادية التي تفتقدها الأولى بشدة، مما دفع الكثير من الطلاب إلى توجيه بوصلتهم نحو هذه الجامعات بعد أن كان الالتحاق بالجامعات المصرية، ذات الصيت الطيب في الأوساط العلمية بالشرق الأوسط، حلما يداعب مخيلة طلاب العلم.

ولا يزال الجدل نتيجة المقارنة بين إمكانيات الجامعات الخاصة التي معظمها يملكها رجال أعمال، والجامعات الحكومية التي تعاني من ضعف الإمكانيات قائما؛ بعد أن توجه الكثير من الطلاب المتفوقين والحائزين على مجموع كبير في مرحلة الثانوية نحو هذه الجامعات لما تقدمه من منح وفرص للتدرب والبعثات للخارج لاجتذابهم إليها، على عكس ما كان سائدا في السنوات الأخيرة من أن الجامعات الخاصة وسيلة لهروب أصحاب المجاميع القليلة أو المتوسطة للحاق بالكليات التي يرغبون بها خاصة الكليات العملية من طب وهندسة وصيدلة.

ويرى خبراء ومراقبون أن الجامعات الخاصة تهتم أكثر بالجانب المادي على حساب الجانب الأكاديمي مما يعطيها طابعا استثماريا أكثر منه علميا، وهذا ما تؤكده الدكتورة عالية المهدي أستاذ الاقتصاد العميدة السابقة لكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، والتي توضح لـ«الشرق الأوسط» أن بعض الكليات في بعض الجامعات الحكومية أفضل وأعلى شأنا وكفاءة من الجامعات الخاصة مثل كلية الاقتصاد والعلوم السياسية وكليات الطب والهندسة بجامعات عين شمس والقاهرة وأسيوط، وتؤكد أن هذه الكليات أفضل بكثير من الكثير من كليات بجامعات دولية بما فيها الجامعة الأميركية في القاهرة، والتي تعد من أفضل الجامعات في مصر إذ رغم مصاريفها الباهظة التي قد تصل إلى 20 ألف دولار في العام، فإنها لا تقبل سوى الطلبة المتفوقين وأصحاب الدرجات العالية في المرحلة الثانوية باختلاف شهاداتها.

وترى المهدي أن أعضاء هيئة التدريس بالجامعات الحكومية أفضل، إلى جانب أن الجامعات الحكومية منفتحة أكثر على العالم الخارجي. أما نظيرتها الخاصة فهي تدار بأسلوب العائلات، فهي ليس بها لوائح أو ضوابط تحكمها، ورغم الرسوم الباهظة التي يدفعها الطلبة، فإن الجامعات لا تدفع رواتب جيدة للأساتذة وبالتالي يكون المستوى التعليمي أضعف منه في الجامعات الحكومية.

وتضيف المهدي أن «هذه الجامعات الخاصة تتطلب من الأساتذة التفرغ للتدريس لأطول فترة ممكنة، وبالتالي فلن يتسنى لهم الوقت الكافي للبحث العلمي، وعليه سيكون الأستاذ مثله مثل معلم المرحلة الثانوية، فلن يستفيد الطلبة من علمه وخبرته على الوجه الأمثل، وبالتالي يكون مستوى الطالب في الجامعات الخاصة أضعف بكثير من الجامعات الحكومية». وتستطرد: «الجامعات الخاصة تقبل شرائح عريضة من الطلبة الذين حصلوا على درجات منخفضة، فبذلك فإن البداية تكون ضعيفة وفي هذه الجامعات يكون المخرج التعليمي ضعيفا وأيضا لا يضيفون الكثير لتقوية الطالب على خلفية المنظور الذي يعامل به الأساتذة». وحول الحديث عن أن نظام الثانوية العامة المصري ضعيف ولا يعتبر معيارا جادا لقياس المستوى الحقيقي للطلاب، تقول المهدي: «أرى أن الطلبة بشكل عام في الوقت الحالي أيا كان النظام التعليمي الذي تخرجوا فيه سواء الثانوية العامة أو الدبلومة الأميركية أو الشهادة الثاوية الإنجليزية IGCSE؛ وباستثناء طلاب الشهادة الألمانية، هم ضعاف المستوى مقارنة بالسنوات الماضية، فهم أضعف من الطلبة في عام 2000 وطلاب عام 2000 أضعف من 1990 وهكذا».

وختمت المهدي حديثها بأنه «إذا تبنت الحكومات القادمة في قوانينها نصوصا تحد من أعداد الطلبة، وتم رفع رسوم الجامعات الحكومية في بعض الأقسام تستطيع من خلالها أن تحسن من المعامل والمكتبات والأدوات، ففي هذه الحالة لن يكون هناك مجال للمنافسة من الأساس».

ورغم تدهور المنظومة التعليمية في مصر بشكل عام فإن جامعة القاهرة، إحدى أقدم الجامعات المصرية والعربية، كانت الجامعة المصرية الوحيدة التي دخلت في التصنيف الأكاديمي لأفضل 500 جامعة على مستولى العالم في عام 2012. ولسنوات خرجت الجامعات المصرية من هذه التصنيفات العالمية.