التعليم العالي السعودي: الجامعات تسير بجناحين.. و«الابتعاث» أتى لتطوير المخرجات

أطلقت حزما تشجيعية للتعليم الأهلي.. و«بصمت» مراكز بحوثها دوليا

جامعات الملك سعود بالرياض.. وفي الإطار د. محمد العوهلي وكيل وزارة التعليم العالي («الشرق الأوسط»)
TT

أوضحت وزارة التعليم العالي في السعودية أنها فتحت أبواب التطوير على مصراعيه لتحسين المخرجات، عن طريق بوابة الابتعاث وتسيير زمر المنح للراغبين في الالتحاق بالدراسات العليا داخل البلاد.

وقال الدكتور محمد العوهلي، وكيل وزارة التعليم العالي، لـ«الشرق الأوسط»، إن الجامعات السعودية تنطلق بجناحين؛ أحدهما حكومي والآخر أهلي، حيث عكفت الجامعات الحكومية على إطلاق مجموعة من الحزم التشجيعية للدخول والاستثمار في التعليم العالي والأهلي، بغية تحقيق مزيد من الفرص والتعليمية، إضافة إلى رسم هدف محكم يعنى بالجودة، وتحقيق المنافسة، بما يكفل تحقيق جميع أهداف التعليم العالي، وتحقيق متطلبات سوق العمل.

وأفاد وكيل الشؤون التعليمية بأن موضوع المنح داخل الجامعات السعودية يشكل تحديا أكاديميا انطلق من ضمن أطر علمية مدروسة وممنهجة وتشجيعية، بدأت عن طريق تأجير الأراضي بأسعار رمزية جدا، وتقديم قروض ميسرة للكليات الأهلية، مرخص لها عن طريق وزارة المالية، حيث بدأ مشروع المنح منذ أكثر من ست سنوات لتقديم 30 في المائة من الطلاب المقيدين والذين تنطبق عليهم اشتراطات معينة.

وفي سياق متصل، أشار العوهلي إلى قرار مجلس الوزراء السعودي الذي تبعه قبول 50 في المائة من المستجدين سنويا في الجامعات الحكومية والأهلية، مبينا أنه خلال السنوات الأخيرة تحقق كثير من الدعم للجامعات والكليات الأهلية للرفع من مستواها بحكم امتلاكها للدعم المالي والمعنوي، بحيازة التميز عن طريق رفع المدخلات للتعليم الأهلي؛ وكل ذلك من أجل خلق بيئة تنافسية مع التعليم الحكومي.

وحول عدم وجود مراكز بحثية داخل الجامعات تحمل بصمات دولية، فند وكيل الشؤون التعليمية تلك المزاعم، واصفا أن تلك المراكز انطلقت من خطط بحثية صرفة تحت مظلة آفاق، وأن الخطط التعليمية اهتمت بمجالات البحث العلمي، وأهمية المساهمة الكبيرة للتعليم العالي في التقدم الجامعي السعودي، تمهيدا نحو دخول البلاد إلى المجتمعات المعرفية، من بوابة جميع المجالات الطبية والصناعية والاجتماعية والثقافية، مما يؤثر على تقديم قاعدة صلبة وقوية للبحث العلمي.

وأبان العوهلي «إننا ننتهج تأهيل كوادر مهيأة للبحث العلمي، لتسهم في نقل وتوطين صناعة البحث العلمي في السعودية، خاصة من خلال مؤسسات التعليم العالي، بالإضافة إلى معاهد البحوث المنتشرة في الجامعات»، لافتا إلى أن وزارة التعليم العالي أطلقت وبالتعاون الكامل مع الوزارة مبادرة مراكز التميز البحثي، تركيزا بنقل مراكز البحث العلمي نحو التميز، حيث شكل هذا الأمر قاعدة صلبة للجامعات التي حظيت بتميز سابق بأن يكون ذلك من خلال مراكز مؤسسة على معايير عالمية. ويرتبط كل مركز بمجلس إدارة، يشكل من القطاع الصناعي في السعودية، ومن أسماء عالمية بحثية متميزة على النطاق الدولي، كمستشارين متعاونين.

وأفاد العوهلي بأنه تم إنشاء 14 مركزا بحثيا تحت مظلة وزارة التعليم العالي، كلها مشكلة بآلية ثلاثية تشمل القطاع الصناعي والباحثين والمستشارين الدوليين، حيث تم رصد خطة مهمة جدا في هذه المراكز، في ما يتعلق بالتقييم والتطوير الدولي، من خلال جلب فرق عالمية لإعطاء تقييم دقيق، يفضي إلى التطوير في كل عامين، بحيث تراجع بشكل مفصل ما قامت به تلك المراكز البحثية، ولها خاصية مقابلة المسؤولين في الجامعات.

وأوضح أنه تجري مناقشة ما تم خلال هذه المرحلة تمهيدا لرفع تقاريرها لوزارة التعليم العالي، من حيث استمرار الدعم من عدمه بعيدا عن المحاباة، لارتباط الدعم المباشر بعملية التطوير خلال المدة الزمنية المرسومة بخمس سنوات، الأمر الذي خلق منافسة ومعيارية عالمية عالية في البحث العلمي نظرا لأن مواضيع تلك البحوث هي أمور استراتيجية للبلاد، فيما يختص بالبتروكيماويات والطاقة، وتحلية المياه وصناعة النخيل والأمور الطبية، والحج والعمرة، وفقه القضايا المعاصرة، ودراسات البيئة والطاقة المتجددة وتطوير العلوم والرياضيات وأمن المعلومات، ضمن المواضيع الجوهرية حيث يستفيد المركز من جميع المتخصصين.

وحول برنامج الريادة العالمية، قال العوهلي إن ذلك «يختص بمجال التعاون الدولي، وبرنامج الريادة الجامعية يقوم على أساس برامج وخطط منهجية، مثلما يحصل في برنامج الهندسة الميكانيكية لجامعة الملك فهد للبترول والمعادن مع جامعات دولية على النسق نفسه، والشيء بالشيء يذكر في ما يختص بالجامعات الأهلية. وهذه التوأمة تختص بالريادة والتوأمة، بما يختص بمراجعة المناهج ومشاركتها، فضلا عن التبادل مع هيئة أعضاء التدريس، وانتدب بعض من أعضاء هيئة التدريس لبعض الجامعات العالمية للاستفادة من تراكم الخبرات الموجود في هذه الجامعات».

أما الدكتور خالد الجار الله، عميد الجودة وتطوير المهارات في جامعة المجمعة، فذكر فيما يختص بآلية الجودة أنه يجب أن تكون الجودة والتطوير المستمر والإبداع جزءا من ثقافة العمل اليومية وصولا للتحقيق الأمثل لرؤية الجامعة ورسالتها، مفيدا بأن من نافلة القول أنه لا يمكن لمناشط الجودة أن تنجح في تحقيق أهدافها ما لم يتوافر لها العامل الرئيس لذلك النجاح؛ وهو مشاركة وتفاعل جميع منسوبي الجامعة بكل وحداتها الأكاديمية والإدارية بشكل طوعي على اختلاف مواقعهم ومسؤولياتهم الوظيفية مع هذه الأنشطة.

وأبان الجار الله أن «التطوير المستمر، والتنظيم، وتقليل الهدر، والتواصل، والشفافية، ورضا المتعاملين، وتحسين بيئة العمل، بعض من أهداف تحقيق الجودة.. ورحلة الألف ميل تبدأ بخطوة، ومن سار على الدرب وصل. هذه المعاني تشكل المنطلق الأساسي لتحقيق الجودة ورسم آمالها المستقبلية الطموحة. وحتى تتحول هذه الطموحات والرؤى إلى واقع ملموس لتكون جزءا من منظومة العمل وثقافته اليومية فلا بد من بذل الكثير من الجهود التي تتناسب وحجم هذه الطموحات. ومع الحراك المتسارع لتفعيل أنشطة الجودة وبرامجها، تسير الجامعة نحو آفاق جديدة للتقدم والتحسين المستمرين».

وأوضح أن التفاعل والمشاركة الإيجابية هما القوة الدافعة لترسيخ ثقافة الجودة وتطوير بيئة العمل، إذ لا يكفي للوصول إلى الجودة تطبيق معايير أو مواصفات معينة بقالب جامد، بل لا بد أن يترافق ذلك مع تأسيس ثقافة مؤسساتية جاذبة تتم ممارستها من خلال جهد دؤوب وشامل وإرادة قوية.

من جهته، قال الدكتور خالد الحارثي، عضو هيئة تدريس متخصص في المناهج والجودة، إن «المنافسة الشديدة في مجال التعليم العالي في مختلف البلدان العالمية تركز على الحاجة إلى تقييم العملاء من منظور جودة الخدمة لأغراض التميز»، مشيرا إلى أهمية التقييم؛ إذ وضعت خصيصا من الأعمال المهمة عالميا في أدوات التصنيف حول الآثار الاستراتيجية للجامعات المشاركة والاقتراحات للبحث في المستقبل.

وتابع الحارثي «أدت الضغوط لتحسين نوعية التعليم الجامعي لمزيد من الاهتمام الذي يولى لطرق التدريس عن طريق الاعتراف وإعطاء مكافأة جيدة، فضلا عن استكشاف آراء أعضاء هيئة التدريس حول القيمة الممنوحة للتدريس والبحث من قبل مؤسساتهم عن طريق إظهار قيمة مناسبة للبحوث، وإيضاح نتائج التحقيق الوطني من عمليات التدريس الجامعية، وإعطاء آراء الموظفين حول أساليب التعليم المتنوعة لإعطاء المزيد من الاعتراف للتدريس، والاستفادة من المعلومات اللازمة لاستخلاص التوصيات المتعلقة بالسياسة العامة في الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا، وما شابه ذلك، ونظم التعليم العالي التي من شأنها أن تؤدي إلى مزيد من تقييم لعنصر التدريس في العمل الأكاديمي، عن طريق إثراء البرامج الناجحة التي تتطلب قيادة مناسبة تبني القيم الأكاديمية القائمة وتعكس التوقعات، وتفرض الجمع بين التغييرات على المناخ التنظيمي مع التغييرات لمكافأة الممارسات ونظم العمل».