«ملتقى التوجيه» في الرباط لم يساعد الطلاب كثيرا في حسم اختياراتهم الجامعية

مشاركون: الاختيار الشخصي الحل الأمثل.. ورغبات الآباء كثيرا ما تأتي بنتائج عكسية

طلاب مغاربة يحتجون في وسط الرباط على تردي الخدمات في المدن الجامعية (تصوير: منير أمحميدات)
TT

نظم في الرباط المعرض السنوي للتوجيه، والذي يعرف كذلك باسم «ملتقى التوجيه»، وتشارك فيه سنويا جميع المؤسسات الجامعية سواء كانت حكومية أو خاصة بأروقة، تقدم من خلالها معلومات للزوار خاصة الطلاب حول المؤسسة. والملتقى أو المعرض خاص بالطلاب الذين سيجتازون امتحانات البكالوريا (الثانوية العامة) هذه السنة، ويهدف إلى مساعدتهم على اختيار الكلية أو المعهد الذي ينسجم مع ميولاتهم وطموحاتهم. شارك في المعرض أكثر من 40 مؤسسة جامعية، في حين شاركت مؤسستان حكوميتان، إضافة إلى «جامعة محمد الخامس أكدال» و«جامعة محمد الخامس السويسي».

مهدي حنيفي، وهو طالب في شعبة علوم الفيزياء، يقول «زرت المعرض بهدف البحث والتعرف على المؤسسات الجامعية الحكومية التي يمكنني أن التحق بها بعد الحصول على البكالوريا، لكني لم أجد الكثير من المؤسسات الحكومية حتى أستطيع مقارنتها مع المؤسسات الجامعية الخاصة». ولم يكن حنيفي راضيا كثيرا عن أسلوب التوجيه، وبدا أنه لم يحسم أمره بعد، على الرغم من أن الامتحانات بعد أسابيع.

وأشار مصطفى الفائق، مدير عام «مؤسسة ملتقى التوجيه» التي تنظم المعرض، وهو اختصاصي في التوجيه، إلى أن «مشكلة التعليم حاضرة في جميع الأنظمة التربوية عامة، حتى في الدول المتقدمة، والمغرب لا يشكل استثناء في هذا الجانب». واعتبر أن المشكلة الأساسية في التوجيه هي قلة عدد المستشارين في التوجيه، إضافة إلى أنه ليس هناك تنسيق بين الإدارة التربوية ومستشار التوجيه لأن هذه وظيفة جديدة في المدارس. وأوضح أن التوجيه بدأ عام 1988، وأضاف «من وجهة نظري لا بد من حصول انسجام بين الإدارة والمستشار المتخصص في التوجيه من أجل تحقيق نتائج إيجابية».. وفي محاولة شرحه لمعنى التوجيه قال إن «التوجيه هو الإنصات للطلاب وللأسر ومحاولة التنسيق بينهم وبين الأساتذة، وفهم الخصائص والقدرات التي يتميز بها كل طالب»، موضحا أن التوجيه لا يختزل في الإعلام وإنما في التوجيه في حد ذاته.

بيد أن الطلاب من زوار المعرض لم يخرجوا بأفكار واضحة عن اختياراتهم، ويحملون مسؤولية ذلك إلى الموجهين.. وفي هذا الصدد تقول سهام حمصة، وهي طالبة في شعبة علوم الحياة والأرض «لم ألتق أي موجه في الملتقى، ولا نتوفر على موجه في المدرسة الثانوية التي أدرس فيها. لذلك أغلب الطلاب يوجهون أنفسهم بأنفسهم». أما مريم الإدريسي، وهي طالبة في شعبة الآداب، فتقول إن هناك بعض الموجهين لكن أغلبهم موجهون في المؤسسة الجامعية التي يمثلونها، و«نحن نحتاج إلى موجهين محايدين لا يسعون إلى التأثير على الطلاب للالتحاق بالمؤسسات التي يمثلونها». ولاحظت أن ملتقى التوجيه ركز على توجيه الطلاب العلميين ومساعدتهم على اختيار مسار دراسي يتناسب ومؤهلاته، بينما غابت المؤسسات الجامعية التي تهم الطلاب الأدبيين. وبشأن طرق الدعاية للمعاهد والمدارس والكليات الخاصة، يقول محمد شنون، مستشار التوجيه في إحدى المؤسسات الجامعية الخاصة «هناك طرق أخرى نسعى من خلالها إلى التعريف بالمؤسسة عن طريق الإنترنت أو عن طريق زيارة مباشرة لمقر المؤسسة». شيماء كبوري، طالبة فرض عليها والداها دراسة شعبة لم تكن تستهوها، غير أنها نظرا لرغبة أمها تابعت دراستها بإحدى المؤسسات الخاصة لمدة ثلاث سنوات، وهي مدة تعتبرها شيماء بمثابة «سنوات ضائعة»، إذ لم تتمكن خلال هذه الفترة من تغيير رأيها. وتقول شيماء «وجدت نفسي مجبرة على دراسة شيء لم أكن أضعه ضمن قائمة الاختيارات، وخضعت لرغبة أمي لأنها تمسكت برأيها، ولأنها استبقت الأمور بتسديدها مصاريف الدراسة دفعة واحدة ولمدة سنة كاملة، وهو مبلغ كبير». وأضافت «بعد تخرجي في المؤسسة غيرت الشعبة بالكامل، وأنا الآن أدرس في تركيا تخصصا آخر لا علاقة له بالتخصص الأول».

تجربة شيماء تؤكد أن اختيار الآباء لا يكون دائما متسقا مع رغبات الطالب، مع وجود حالات استثنائية، باعتبار أن الوالدين يعرفان جيدا توجهات الأبناء ونقاط ضعفهم وقوتهم، خصوصا إذا ما كانوا يتتبعون عن كثب نتائجهم الدراسية. وهذا ما تعتقده سلمى الدرداف، وهي طالبة صحافة، لكنها ترى أن الاختيار الشخصي للطالب له غالبا نتائج أفضل «لأن الرغبة والإرادة لهما دور كبير في نجاح الطالب».

من جهة أخرى، يرى محمد عبد الله، وهو موجه تربوي، أنه إذا كان الطالب يعرف مؤهلاته ويعرف ما يريد، فسيكون الاختيار مثاليا. ويستدرك قائلا «لكن ما يحدث في الغالب أن الطالب يجد نفسه في مفترق طرق، ولا يعلم أي وجهة سيسلك، لذلك مثل هذه المعارض والملتقيات المخصصة للتوجيه تساعد الطلبة على اتخاذ القرار الأفضل والأنسب، أما اختيار الآباء فنتائجه غير مضمونة»، بحسب رأيه.