رئيس جامعة النيل المصرية يأمل في أن ينتشر فكر الجامعات البحثية بدول الشرق الأوسط

د. طارق خليل لـ «الشرق الأوسط»: مشكلة التخصيص هبطت بأدائنا لأكثر من النصف

د. طارق خليل رئيس جامعة النيل
TT

قال الدكتور طارق خليل رئيس جامعة النيل، إنه «بتأييد المحكمة الإدارية العليا أحقية جامعة النيل في جميع أراضيها ومبانيها، وإلغاء قرار تخصيصها لمدينة زويل العلمية، وتحويل الجامعة من جامعة خاصة إلى أهلية؛ ستعاود الجامعة نشاطها بشكل أكثر تفاؤلا». وشغل خليل منصب أستاذ الهندسة الصناعية في جامعة ميامي منذ عام 1977، وأيضا عمل كأستاذ للهندسة الطبية وأستاذ علم الأوبئة والصحة العامة وأستاذ بقسم الجراحة العصبية بجامعة ميامي.

وتخرج الدكتور خليل في قسم الهندسة الميكانيكية بجامعة القاهرة وحصل على درجة الماجستير من جامعة تكساس التكنولوجية، والتي حصل منها على درجة الدكتوراه في الهندسة الصناعية. كما شارك الدكتور خليل في عملية التعليم العالي في الولايات المتحدة الأميركية طوال أربعين عاما، وفيها شغل منصب رئيس قسم الهندسة الصناعية بجامعة ميامي لعشر سنوات وعميدا لكلية الخريجين بنفس الجامعة. وتمت الاستعانة بخليل في الولايات المتحدة الأميركية في أواخر سبعينات القرن المنصرم لحل الأزمة الصناعية في ذلك الوقت في أميركا، وترأس المنظمة الدولية لإدارة وتجويد التكنولوجيا في أميركا.

وصف الدكتور طارق خليل رئيس جامعة النيل جامعة النيل بداية النهضة العليمة في مصر في القرن الواحد والعشرين، وقال إن القرن الواحد والعشرين يعتبر عالما مختلفا له طبيعة خاصة؛ ومن أهم خصائصه هي التكنولوجيا وسرعة التطور فيها، وكل مصادر القوة والثروة سواء بالنسبة للدول أو للشركات أو حتى للأفراد تعتمد على مدى تطور التكنولوجيا لتحقيق إما تقدم اقتصادي أو تقدم اجتماعي أو تقدم عسكري.

وأوضح خليل أن التقدم التكنولوجي السريع في العالم شكل صدمة للولايات المتحدة التي صممت على قيادة التطور التكنولوجي في العالم من خلال التعليم، ومن هنا أنشأت ما يعرف بالجامعات البحثية، وهي التي توجد فيها إمكانيات معينة وتقود عمليات البحث والتطوير وتقود عملية نقل المجتمع إلى عصر المعرفة.

وأوضح خليل أن الجامعات البحثية في الدول المتقدمة أصبحت لها تصنيفات مثل هارفارد وستانفورد وبيركلي في الولايات المتحدة، وكامبردج وأكسفورد في المملكة المتحدة وغيرهم. وأشار إلى أن الدول العربية لا يوجد فيها غير نموذج جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية بالمملكة العربية السعودية، وتم تمويلها بمليارات الدولارات وبدأت في عمل برامج جيدة. وأنشئت جامعة النيل لتقود فكرة إنشاء الجامعات البحثية في مصر، والتي لا تهدف للربح.. فيما أنشئت الجامعات الخاصة في مصر حتى تستوعب أعدادا أكثر من الطلبة، والحكومة وجدت ضالتها في المستثمرين لتمويل هذه الجامعات، ومن هنا يأتي التضارب بين البحث عن الربحية وتحصيل العلم.

ويضيف خليل أن «جامعة النيل ثرية بالموارد البشرية المتميزة سواء في الداخل أو في الخارج، فكان التفكير هو كيفية استخدام هذه المواهب المصرية التي تركت الدول التي كانت تشغل بها مناصب مهمة في جامعات بالخارج. وحتى نقيم هذه الجامعة لم يكن هناك منظومة في مصر تعرف تشريعا لإنشاء جامعة أهلية؛ ولهذا الغرض تم تأسيس جمعية أهلية ذات نفع عام مستقلة. والجامعة الغرض الرئيس منها هو التنمية الاقتصادية والاجتماعية من خلال استخدامات التكنولوجيا الحديثة، وذلك في مصر ومنطقة الشرق الأوسط».

ويشرح خليل أن الحكومة المصرية كان عليها توفير البنية التحتية مثل أرض ومبان بحق انتفاع، وتقوم منظمات المجتمع المدني بتمويل الجامعة، وتطلب - بظهور الجامعة - وجود تشريع مناسب، وأصدر وقتها قرار جمهوري بتعريف الجامعة الأهلية.

ويقول خليل، إن «مصر والدول العربية في حاجة إلى بناء العشرات من الجامعات المثيلة لجامعة النيل»، ويضيف أن «خطوات جامعة النيل كانت تسير بوتيرة عالية جدا في بداية مسيرتها، وأسرع مما كنا نتخيل، حتى وقعت المشكلة مع مدينة زويل».

ويوضح خليل أنه في الفترة التي وقعت فيها المشكلة لم يتوقفوا عن العمل، وبدأوا مشروعات لتنمية التفكير وتغيير بيئة معينة، وأنهم بدأوا في نشرها في برامج معينة للابتكار وريادة الأعمال.

ويستطرد خليل أن «منتج البحث العلمي لا يجب فقط أن يكون مجرد ورقة بحثية يتم نشرها، ولكن يجب أن يكون له مردود يعود على المجتمع اقتصاديا واجتماعيا.. فالمنظومة المتكاملة ليست فقط بتعليم طلبة، ولكن بتطبيق أبحاثهم، وأن ينتج عنها مردود اقتصادي.. ولذلك نحن ندعم بشدة اتجاه ريادة الأعمال وفكرة إنشاء الشركات الصغيرة حتى التي ينشئها الطلبة لتطبيق أبحاثهم، فنحن نوفر لهم المناخ الذي من خلاله يستطيعون أن يخرجوا فكرتهم إلى النور».

ويضيف خليل أن الجامعة بدأت في نشر هذا الفكر في أنحاء الجمهورية، وأنه تم إطلاق مسابقة على مستوى الجمهورية حيث يذهب طلاب الجامعة للمحافظات المختلفة وينشرون هذا الفكر، ويأخذون المشروعات التي يعمل عليها الطلبة في الجامعات المختلفة ويشجعونهم حتى ينفذوها.

ويقول خليل: «لدينا أعداد هائلة من خريجي الجامعات، ولكن لدينا معدلات بطالة متضخمة.. والسبب أن الطالب المتخرج لا يعرف كيفية استخدام العلم والمعرفة التي تلقاها في عمل مفيد للسوق، وهذه الوصلة مفقودة ونحن نحاول أن نوجدها. فإذا كنا نطالب بفتح فروع جدية للجامعة؛ فقبل فتح الفروع يجب أولا نشر الفكر».

وردا على «الشرق الأوسط» حول ما إذا كان من الممكن التعاون على المستوى العلمي مع مدينة «زويل العلمية»، خصوصا وأن الهدف مشترك، قال خليل: «فكرة التعاون قائمة ونحن سعينا لذلك من قبل، ولكن بكل أسف لم يكن هناك فكرة تعاون، بل كان هناك فكرة استحواذ لقتل فكرة موجودة وقائمة وناجحة لإنشاء شيء غير معروف وغير موجود، وهذا ما أكده القضاء لأنه مشروع في علم الغيب».

ويقيم خليل أداء الجامعة حتى ظهور المشكلة مع جامعة زويل بأنه كان ممتازا، ولكن بعد المشكلة خلال العامين الماضيين قل بنسبة 50 في المائة.

ويقول خليل إن «لدينا نموذجا مبني على ثلاثة محاور.. أولها، إيجاد برامج تعليمية متميزة يكون من أفضل البرامج على مستوى العالم، وهذا يستند على دراسة مقارنة بين الجامعات في الخارج وبين الموجود في الاختصاصات التي نرى لها مستقبلا في مصر، ثم ننتقي الأفضل من هذه البرامج وننفذها سواء في الدراسات العليا أو الدراسات الجامعية. وذلك يحدث فعلا من خلال احتكاكاتنا القوية بالجامعات الأوروبية والأميركية، فأنا وفريق الأساتذة الموجودين بالجامعة تعلمنا وعملنا ونجحنا بهذه الجامعات».

وينهي خليل حديثه بأن برامج الجامعة بدأت في الدراسات العليا، ومن خلالها يتم تشغيل البحوث، وهي مهمة حتى يتمكنوا من استقطاب من يتعلمون بجامعات بالخارج ويأملون بالعودة إلى مصر أن يجدوا جامعة على نفس المستوى الذي عملوا به. وقد أنشأنا هذه القاعدة ومراكز أبحاث واستطعنا أن نوجد فيها البيئة المناسبة.