اهتمام متزايد بدورات التمويل الإسلامي في الهند

أبرز دوافعه البحث عن فرص عمل في غرب آسيا

كلية سولا مسلم للعلوم في ولاية كيرالا الهندية («الشرق الأوسط»)
TT

على الرغم من أن التعاملات المالية الإسلامية لم تتأصل بعد في المشهد المالي في الهند، فقد بدأت كثير من المعاهد التعليمية في عرض منح دورات تخصصية - بدوام كلي وجزئي - في مجال التمويل الإسلامي، بما يتماشى مع تطلع المزيد من الهنود للعمل كمتخصصين في مجال التمويل الإسلامي.

منذ ثلاث سنوات، ظهرت ريا شارما، إحدى الطلبة الأوائل من أحد المعاهد الهندية ذائعة الصيت في مجال الإدارة، عند إجرائها مقابلة وظيفية للحصول على عمل لدى بنك استثماري يقع مقره في كوالالمبور. وكان السؤال الأول الذي تم توجيهه إلي شارما هو ما إذا كان لديها معلومات عن التعاملات المصرفية الإسلامية، وأخفقت شارما في الإجابة عن هذا السؤال. وعلى الرغم من فرصتها الرائعة للحصول على هذه الوظيفة، فقد فقدتها بسبب عدم إلمامها بمعلومات عن التمويل الإسلامي.

والتحقت شارما فيما بعد بدورة تدريبية عبر الإنترنت لدى معهد «الصرافة والتمويل الإسلامي الهندي»، وحصلت في العام التالي على منصب وظيفي في دبي. ويسعى عدد متزايد من الخبراء الهنود في مجالات الصرافة والتأمين والتمويل - بغض النظر عن ديانتهم - للبحث عن دورات تدريبية في مجال التعاملات المصرفية الإسلامية بهدف الحصول على فرص وظيفية أفضل.

وعلى الرغم من أن كثيرا من المؤسسات تقدم دورات معتمدة، فقد صارت كلية سولا مسلم للعلوم، الواقعة على الساحل الجنوبي الهندي في ولاية كيرالا، أول كلية في الهند تقدم دورة تدريبية مدتها ثلاث سنوات لتمنح درجة البكالوريوس في مجال التمويل الإسلامي، اعتبارا من السنة الدراسية 2013.

وقال الأستاذ الجامعي إن في عبد الرحمن مدير كلية سولا مسلم، إن المقترح الذي قدمته الكلية للبدء في منح دورة تعليمية للحصول على درجة البكالوريوس في مجال التمويل الإسلامي، قد تم قبول تمويله من قبل هيئة الدعم المالي للجامعات الهندية ضمن «البرامج الابتكارية للتدريس والبحث في التخصصات المتعددة والمجالات الجديدة الناشئة». ولقد تقدم لهذه الدورة أكثر من 100 شخص لشغل 25 مكانا للدراسة، وفقا للعرض الذي تم طرحه هذا العام.

وعلى الرغم من ذلك، فلقد كان قيام أول معهد تعليمي في الهند بتقديم دورة في التمويل الإسلامي أهم حدث تاريخي تنظمه جامعة إسلامية بشبه القارة الهندية خلال القرن التاسع عشر. وتمنح الجامعة دبلوم لمدة سنة واحدة في مجال الصرافة والتمويل الإسلامي.

وبالإضافة إلى ذلك، تقوم بعض المعاهد، مثل الجمعية الإسلامية (وهي كلية دينية) بمنح دبلوم دراسات عليا في الاقتصاد والتمويل الإسلامي. «لقد رأينا اهتماما متزايدا بدورتنا الخاصة بدبلوم الدراسات العليا التي نقدمها في مجال الاقتصاد والتمويل الإسلامي. ونقوم حاليا بتوفير 40 مكانا للدراسة في كل عام، بيد أن عدد المتقدمين لشغل هذه الأماكن في العام الماضي كان نحو 200 شخص»، وفقا لما ذكره محمد بالاث، المنسق الرئيس للدورة في الجمعية الإسلامية.

منذ شهور قليلة، قام مبنى سوق بومباي للأوراق المالية ومعهد بورصة بومباي المحدود ومؤسسة «التقوى» للاستشارات والحلول الاستثمارية المطابقة للشريعة بالاشتراك معا لإطلاق دورة دراسية معتمدة عبر الإنترنت، في مجال «الصرافة والتمويل الإسلامي وسوق رأس المال الإسلامية»، وتخصص الشهادة المعتمدة للمتخصصين المهتمين بالقطاع التمويلي، وهو ما يعني الأعمال البنكية والتأمين والاستثمار وسوق رأس المال.

وفي الفترة الماضية، قام أيضا كل من معهد بورصة مومباي ومؤسسة «التقوى» بتنظيم وإدارة الكثير من ورش العمل في مجال التمويل الإسلامي. وفي الوقت الحالي، قام المعهد والمؤسسة بإطلاق برنامج اعتماد كامل عبر الإنترنت.

وبينما يتفق دكتور شارق نصار مدير مؤسسة «التقوى» للاستشارات للحلول الاستثمارية المطابقة للشريعة، مع وجهة النظر هذه، فقد أشار إلى أنه «نظرا لوجود عدد قليل جدا من المحاضرين المؤهلين والأكفاء في مجال التمويل الإسلامي في الهند، فيجب علينا توجيه الدعوة إلى العلماء الدوليين وممارسي القانون الإسلامي من باكستان والسعودية والبحرين وماليزيا، حيث ستساعد هذه الدورة على ظهور خبراء على المستوى الداخلي».

وعلاوة على ذلك، يقول دكتور نصار إن أغلبية المتخصصين الموجودين في هذا البرنامج غير مسلمين، ويظهر لديهم حب استطلاع واهتمام بشأن كيفية عمل قطاع الصرافة والتأمين الإسلامي. وبالإضافة إلى ذلك، ينظر المسلمون الحاضرون في هذا البرنامج إلى ذلك الأمر من وجهة نظر تجارية عملية، وليس من الزاوية الدينية.

ولقد قام أيضا معهد الصرافة والتمويل الإسلامي (الواقع في حيدر آباد) بالبدء في دورة دبلوم الدراسات العليا في مجال الصرافة والتمويل الإسلامي، اعتبارا من العام الدراسي 2013.

وطبقا لما ذكره ماجد زبير عميد معهد الصرافة والتمويل الإسلامي الهندي والحاصل على درجة الماجستير، فلا يقتصر التقدم للالتحاق بهذه الدورة على هؤلاء الأشخاص العاملين أو الذين يطمحون في العمل في غرب آسيا فقط، ولكن هناك أيضا طلاب من معاهد مرموقة في البلاد (يدرسون ماجستير إدارة الأعمال)، ويتقدمون للحصول على هذه الدورة عبر الإنترنت.

ويضم معهد الصرافة والتمويل الإسلامي أيضا طلابا من بعض البلاد الأخرى، مثل غيانا وتونس والخليج.

أطلق معهد الصرافة والتمويل الإسلامي منذ سنتين دورة معتمدة عبر الإنترنت في مجال الصرافة والتمويل والتأمين الإسلامي للطلبة من مختلف أنحاء الهند. وتم إلقاء محاضرات الدورة عبر الإنترنت، وهناك طلب شديد على الالتحاق بهذه الدورة بالنسبة للأشخاص الذين يعملون بالفعل في سوق الخدمات المالية.

ويقيم معهد الصرافة والتمويل الإسلامي فصولا دراسية في بنغالور وتشيناي وحيدر آباد ومومباي وبيون وبوبال ومادوراي وكويمباتور وكوشين وبلاكاد وبيهار. وبالنسبة للطلبة على المستوى الدولي، ينظم المعهد فصولا دراسية في البحرين وقطر وسريلانكا والسعودية والإمارات العربية المتحدة والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأميركية وجنوب أفريقيا.

وفي الوقت الحالي، يبلغ عدد الأشخاص المسجلين بالمعهد 400 فرد (ثلثهم تقريبا من ولاية كيرالا)، وذلك بسبب اتجاه شباب الولاية إلى البحث عن وظائف في غرب آسيا.

وأوضح شريف أنه لا يزال هناك قطاع كبير من العلماء (رجال الدين المسلمين) على غير دراية بالمعاملات المصرفية ويحتاجون إلى التدريب في كل من القطاع المصرفي الإسلامي والتقليدي. ويعتبر تدريب العلماء على مبادئ التعاملات المصرفية العملية من الضروريات الملحة للرد على التساؤلات التي تثار بشأن سداد وتلقي الفوائد على القروض والودائع. كما تطالب مؤسسات الصرافة والتمويل الإسلامي بأن يكون العلماء ضمن مجالس إدارتها.

وأشار الخبراء إلى أن التعاملات المصرفية والمالية الإسلامية، على الرغم من الاعتراف بها من قبل هيئة الأوراق المالية والبورصة الهندية في سوق رأس المال وتمييزها في شكل إدارة الثروة وصناديق الاستثمار المشتركة، لم تحظ بالقبول في ظل الاتجاه السائد. ويحصل مستشارو التمويل الإسلامي على تعويضات تنافسية داخل الهند وخارجها.

وفي الشهر الماضي، قام البنك الهندي المرموق (بنك الاحتياطي الهندي) بالسماح لشركة في ولاية كيرالا بالعمل كشركة مالية غير مصرفية تتبع المبادئ الإسلامية، وهي خطوة بسيطة نحو تطوير التمويل المتوافق مع الشريعة في البلاد. وعلى الرغم من ذلك، تحاول ولاية كيرالا، التي تضم عددا كبيرا من السكان المسلمين والعاملين الأجانب من شتى الجنسيات ممن يقومون بإعادة تحويل الأموال من الخليج، تطوير المنتجات المالية الإسلامية خارج القطاع المصرفي.

وفي شهر مايو (أيار) 2013، أطلقت بورصة بومباي مؤشرا للأسهم الإسلامية يشتمل على الشركات التي تتماشى مع التشريع القانوني الإسلامي. وليس لدى كل الدول المسلمة بمنطقة الشرق الأوسط وباكستان مجتمعة الكثير من الأسهم المدرجة المطابقة للشريعة، مثلما هو متاح في بنك الاحتياطي الهندي.

وتم فحص الشركات المدرجة في المؤشر من قبل مؤسسة «التقوى»، التي تضم بين أعضاء مجلس إداراتها علماء مسلمين وخبراء قانونين.

وبالإضافة إلى ذلك، تقدم جامعة موناد بولاية أوتار براديش دورات دراسية عليا في مجال التمويل الإسلامي، اعتبارا من السنة الدراسية 2013. وتقدم الجامعة دبلوم دراسات عليا في مجال الصرافة والتمويل الإسلامي، وماجستير إدارة أعمال في التمويل الإسلامي، كما تمنح الجامعة درجة الدكتوراه في مجال التمويل الإسلامي.

ووفقا لجامعة موناد، فإن هذه الدورات الثلاث «ستمنح الطلاب مزايا لتلبية الاهتمام المتزايد بمجال التمويل المطابق للشريعة في مختلف دول العالم»، حيث يعد ذلك القطاع (طبقا لما ذكروه) أكثر قطاعات السوق المالية العالمية توسعا في الوقت الحالي.

ويكون الاشتراك في الدورات وفقا للإرشادات التي تضعها هيئة الدعم المالي للجامعات الهندية. ولقد اختارت جامعة موناد بالفعل ستة طلاب لمنحهم درجة الدكتوراه في التمويل الإسلامي لهذا العام الدراسي. وتعد دورات التمويل الإسلامي متاحة لكل الأشخاص من جميع الطبقات والأديان والعقائد.

التحقت ياسمين علي وسوميت بالدفعة الأولى لدراسة التمويل الإسلامي في جامعة موناد. وقالت ياسمين إن السبب وراء التحاقها بهذا البرنامج يرجع إلى رغبتها في تطوير خبراتها في سوق التمويل الإسلامي المتنامية. وبينما تريد ياسمين العمل في الهند، فلقد التحقت سوميت بالدورة التدريبية للبحث عن وظيفة مربحة في العالم العربي.

وعلاوة على ذلك، تواصل مؤسسة «إنفينتي كونسالتانتس» جهود التدريب والتطوير في مجال التمويل الإسلامي في الهند من خلال شراكتها الحصرية مع معهد «إيثيكا» للتمويل الإسلامي، الذي يعد أحد المعاهد الرائدة عالميا في مجال تقديم دورات التمويل الإسلامي. ويضم المعهد طلابا من المعهد الهندي للإدارة والمعهد الهندي للتكنولوجيا، بالإضافة إلى مدارس وجامعات تجارية أخرى رائدة داخل الهند وخارجها، حيث يتم منح دورات للمتخصصين في مجال التمويل، مثل الحصول على درجة ماجستير إدارة الأعمال ودرجة المحاسب المعتمد للعمل في أي بنك إسلامي أو صندوق استثمار مشترك أو شركة تأمين.

وفي حين أن المعهد لا يقدم فرص توظيف رسمية، فقد حصل الطلاب على وظائف في البحرين والسعودية والإمارات.

ويسعى معهد الأوراق المالية والاستثمار الذي يتخذ من لندن مقرا له، وهو عبارة عن هيئة فحص وتدريب لإجراء اختبارات التأهيل المالي إلى تصدر المشهد، فيما يخص تقديم دورات تأهيل في مجال التمويل الإسلامي في الهند بهدف تمويل المديرين.

وتقول أروى تابيا، مسؤولة الاتصالات الهندية بالمعهد: «على الرغم من أن ذلك الأمر لا يزال في مهده، فيمكننا أن نرصد الكثير من الاهتمام بين المتخصصين الهنود بشأن الفرصة الجيدة المتاحة لهم في قطاع التمويل الإسلامي».