في غرب وسط إسبانيا، على مسافة تقارب 177 كلم من العاصمة الإسبانية مدريد، تقع مدينة شلمنقة Salamanca، التي تشتهر بجامعتها العريقة.
جامعة شلمنقة تعد إحدى أقدم جامعات أوروبا وأعرقها، إذ يعود تاريخ تأسيسها المبدئي إلى عام 1134م، وحصلت على المرسوم الملكي من الملك ألفونسو التاسع الذي يعترف بها عام 1218. وعلى هذا الأساس فهي تعد أقدم جامعة إسبانية وثالث أقدم جامعة أوروبية عملت من دون توقف أو تعطيل دراسة. بل إنها أول معهد تعليم عال في أوروبا يحمل اسم «جامعة» بترخيص الملك ألفونسو العاشر عام 1254 مع تنظيم وميزانية. وخلال العام التالي حصلت على الشرعة البابوية من البابا إسكندر الرابع.
شلمنقة، مثلها مثل غيرها من المعاهد العليا الأوروبية، بدأت مسيرتها التعليمية بصورة معهد مرتبط بكاتدرائية، وسرعان ما غدت من أبرز المؤسسات التي زودت الإمبراطورية الإسبانية برجالات الدولة والحكم. وعندما أزمع كريستوفر كولومبس رحلته الاستكشافية باتجاه أميركا فإنه استعان بعلماء الجغرافيا في شلمنقة. غير أن مكانة شلمنقة الأكاديمية تراجعت مع تراجع أهمية إسبانيا خلال النصف الثاني من القرن السادس عشر الميلادي والنصف الأول من القرن السابع عشر.
بنية جامعة شلمنقة التي تنتشر مبانيها القديمة داخل المدينة قامت بداية على أساس الكليات السكنية، على غرار جامعتي أكسفورد وكمبردج البريطانيتين، ولقد أسست كمبرات مخصصة لتعليم الطلبة المعوزين، لكنها تحولت في القرن الثامن عشر إلى مؤسسات مغلقة تديرها أسر مؤسسيها. لكن هذا الوضع لم يدم طويلا؛ إذ أنهي على أيدي الإمبراطور الفرنسي نابليون بونابرت وتحول عدد منها إلى مبان جامعية تعليمية أو مباني إسكان طلبة.
تستقطب الجامعة، التي تتصدر هرم التعليم العالي في إسبانيا حاضرا، طلبتها من جميع أرجاء البلاد ودول العالم. ويقدر عدد الطلبة بنحو 28 ألف طالب وطالبة، أما عدد أفراد الهيئة التدريسية فيربو على 2450 أستاذا ومحاضرا. وتضم مكتبتها أكثر من 900 ألف مجلد.
من أهم كليات شلمنقة ومعاهدها التخصصية العلوم الإنسانية والآداب والعلوم البحتة والحقوق والطب والاقتصاد.
ولقد أسست الجامعة بالتعاون مع جامعة «رابطة اختبار اللغة الإنجليزية في أوروبا». كذلك فهي عضو في «رابطة كويمبرا» للجامعات الأوروبية البحثية المرموقة و«الرابطة الجامعية الأوروبية».
اللون الرسمي للجامعة هو الأحمر القاني، وبين أشهر طلبتها وخريجيها: فاتح المكسيك هرنان كورتيز، والكاردينال مازاران الكاردينال الإيطالي الأصل والوزير الأول لفرنسا نحو 20 سنة، والفيلسوف فرانشيسكو سواريز، ومانويل بلغرانو أحد أبطال تحرير الأرجنتين، وبياتريز غاليندو معلمة الملكة إيزابيلا ملكة قشتالة، والروائي الشهير ميغيل دي سرفانتس (مؤلف «دون كيشوت»)، وآريستيدس رويو رئيس جمهورية بنما، والدبلوماسي ورجل الدولة البارز الماركيز بدرو غوميز لابرادور، ورئيس الوزراء الإسباني السابق أدولفو سواريز، وخوان زاراتي المستشار في الفريق الاستشاري لشؤون الإرهاب إبان إدارة الرئيس الأميركي السابق جورج بوش الابن.