«الألعاب التعليمية».. استثمار جديد في الأسواق السعودية

تنمي 50% من قدرات الطفل العقلية

الألعاب التعليمية تلقى رواجا في السعودية («الشرق الأوسط»)
TT

تشهد الأسواق السعودية طفرة في عروض الألعاب التعليمية التي تجد لها رواجا بين الأسر وتجتذب الأطفال نحوها، بما تمثله من جمع بين الترفيه والتعليم، فيما تذهب بحوث تربوية متخصصة إلى التأكيد على مساهمة تلك الألعاب في رفع القدرات الذهنية للطفل بنسبة نحو 50 في المائة.

وبحسب متخصصين في مجال التعليم بالترفيه، فإن استثمار الألعاب التعليمية من قبل مؤسسات التعليم يؤدي دورا فاعلا في تنظيم التعليم وإكساب مهارات تنمية المعرفة، مشيرين إلى أن تحقيق ذلك الاستثمار يجب أن يتوافق مع حسن التنظيم والاختيار لنوعية تلك الألعاب.

وقال خالد الدندني، المهتم بالشأن التربوي والثقافي إن «الألعاب التعليمية من الأساليب الحديثة التي جرى استخدامها وتوظيفها في البيئة المدرسية أو التعليمية، فهي من المجالات التي لاقت رواجا وانتشارا سريعا في كثير من المؤسسات التعليمية على مستوى العالم، حيث جاءت استجابة لحاجات المتعلم أو الطالب المتعددة، القائمة على التكنولوجيا الحديثة التي أصبحت اليوم لاعبا رئيسا في عملية التعلم».

وأكد أن توظيف هذه الألعاب واستخدامها في البيئة التعليمية عامل مشجع للمتعلم، فهي تسهم في تعزيز وتمكين الطالب فيما يسمى بالتعلم الذاتي، فطالب اليوم ليس كطالب الأمس، والمتعلم في هذا العصر لا يمكن أن ينتظر المعلم أن يقدم أو يضيف له شيئا جديدا يساعده على مواكبة التطورات التقنية والمعرفية التي يشهدها العالم اليوم.

وبيّن الدندني أن «العولمة أضحت اليوم حاضرة بيننا وفي بيئتنا التعليمية والاجتماعية، ولا يمكن أن نكون بمعزل عن هذه المتغيرات، فالمتعلم لديه مصادره المتعددة التي ليست حصرا على المعلم».

وأوضح أن التحدث عن هذه الألعاب ومدى قدرتها على تنمية مهارات المتعلم وتمكينه من القيام بأداء أدواره التعليمية المختلفة، داخل المدرسة، أصبح أمرا ضروريا لما يشهده العالم اليوم من نقلة كبيرة في العملية التعليمية المتمثلة في الانفجار المعرفي والتقني. فمع تنوع أساليب وطرق التدريس واستبدالها بالطرق الحديثة القائمة على التقنية، أصبح على المسؤولين عن التعليم الاستجابة لمتطلبات المتعلم ومواكبة التجديدات المعرفية والتقنية، وذلك بتوفير مثل تلك الألعاب التعليمية في المدارس، وإقامة المسابقات والدورات التدريبية، لنشر ثقافة تلك الألعاب في الأوساط التعليمية، مما يسهم في خلق بيئة تعليمية نشطة وهو ما يعود على المتعلم بالنفع وتهيئته نفسيا لتقبل المعلومة وسهولة إيصالها.

ولفت الدندني إلى أن لهذه الألعاب، حسب الأبحاث والدراسات، دورا في تنمية قدرات المتعلم بنسبة كبيرة، مقارنة بزملائه الذين لا يستخدمون ولا يمارسون الألعاب التعليمية، مشيرا إلى أن مثل هذه الألعاب لها دور كبير في تنمية قدرات المتعلم، لما لها من أهمية في تنمية القدرات والإمكانات لدى المتعلم، ونشر ثقافة الابتكار والاختراع الغائبة عن تعليمنا ومجتمعنا، حيث جاءت كأساليب وطرق تساعد على تعزيز وتحفيز الطلاب، وتشجيعهم وترغيبهم في القراءة والاطلاع وبث روح الابتكار والاختراع لديهم. وأضاف «أعتقد أنه متى ما استخدمت ووظفت تلك الألعاب بشكل جيد يتوافق مع الأهداف التي جاءت من أجلها، سوف يكون لها أثر في تطور وتقدم العملية التعليمية لدينا، وهو ما ينعكس على المجتمع بشكل عام».

من جهة أخرى، قال عناد عبد المحسن، ممثل إحدى شركات الألعاب التعليمية إن «اللعبة هي مطلب وحق أساسي لكل طفل، كما أثبت الميثاق الدولي لحقوق الطفل، حيث اعتبر اللعبة كالمأكل والمشرب والملبس بالنسبة له»، واستشهد بقول الإمام الغزالي «من لم يلعب وهو صغير يصاب بقسوة القلب».

وأشار عبد المحسن إلى أن الألعاب التعليمية تسهم في تعليم الطفل بعض الممارسات اليومية والدينية، إضافة إلى التهيئة النفسية ليتقبل المعلومة، مشيرا إلى أن بعض تلك الألعاب يسهم في زيادة حب الطفل للقراءة، ويجعله مغرما بها إن أحسن استخدامها على الوجه الأمثل.

وأكد عبد المحسن أن الألعاب التعليمية تسهم في رفع قدرات الطفل الذهنية وتنمية قدراته العقلية، مبينا أن تلك الألعاب تشهد إقبالا من العوائل السعودية، التي يهمها تعليم أطفالها وتشجيعهم على تعلم العلوم المختلفة واللغات وتنمية روح الابتكار لديهم.

ويمر الطفل بمراحل عدة من خلال الألعاب ليصل في نهايتها إلى القدرة على قراءة الأرقام والنصوص، حيث تقوم بعض العائلات السعودية بجلب هذه الأدوات لتعليم أطفالها وترغيبهم بالقراءة في مرحلة ما قبل دخول المرحلة التعليمية في المدارس السعودية، وتهدف تلك الألعاب إلى تنمية مهارات حل المشكلة، وتزويد الطفل بالمعلومات والمهارات، وتهيئة البيئة الصحيحة له للقراءة والتعلم، وتركيز اهتمامه على الموضوع الذي تعرضه اللعبة.

وطالبت ريم المري، وهي تربوية في السلك التعليمي في الرياض، بتوفير تلك الألعاب في المدارس الابتدائية، مؤكدة أن تلك الألعاب تجد القبول من الأطفال، وتتميز بتيسير إيصال المعلومة للطفل بسرعة أكبر، قياسا بوسائل الإيضاح التي يلجأ إليها بعض المعلمين لتقريب المعلومة للطلاب.

وفي المقابل، جهز أحمد المقيبل، أحد المهتمين في تقديم الألعاب التعليمية، عددا من اختراعاته الشخصية بوسائل تعليمية تساعدهم على بث روح الاختراع لدى الأطفال، حيث قدم اختراعه الذي يمثل جهاز روبوت برفقة كتيب يحتوي على طريقة استخدامه وتركيبه، ما يسهم في استفادة الطفل من عمليات إعادة التركيب للروبوت عبر التعلم بالتجربة والخطأ.

وأشار المقيبل إلى أن نسبة الإقبال على تلك الألعاب تعد جيدة، مشيرا إلى أن الاهتمام بالأطفال وتربيتهم على تلك الألعاب أمر في غاية الأهمية، لافتا إلى أن الألعاب الإلكترونية الترفيهية هي إشغال للطفل، وغالبا ما يكتسب الأطفال منها أمورا سلبية تؤثر في قدراتهم التعليمية والنمائية.

وتستهوي تلك الألعاب بعض المهتمين بتنمية روح الإبداع والاختراع لدى الأطفال، حيث يذكر محمد عبد الكريم، وهو أب لعدد من الأطفال، أنه يجلبها معه في مناسبات شهرية تجمع العائلات، أو في عطلة نهاية الأسبوع ليخلق الإثارة بين الأطفال ويشجعهم على الاختراع ويشغل أوقاتهم بما يعود عليهم بالفائدة والنفع.

يشار إلى أن وزارة التربية والتعليم أدخلت الكثير من الإصلاحات على العملية التعليمية والتربوية خلال السنوات القليلة الماضية، عبر استحداث وتطوير عدد من المناهج والمقررات الدراسية، شملت التركيز على العمليات العقلية العليا من استقراء وتحليل، ما أوجد بيئة خصبة في الاستفادة من وسائل تعليمية تتوافق مع تلك العملية التصحيحية لنظام التعليم بالبلاد.