ضجة في أميركا بسبب إعادة طبع كتاب «تاريخي» عن التعليم

صدر منذ مائة عام.. وأحيا نقاشا لا ينتهي

TT

أحدثت إعادة طبع كتاب قديم عن التعليم المختلط ضجة وسط معلمين وآباء وتلاميذ وتلميذات أميركيين. وأشعلت، مرة أخرى، النار في نقاش عمره عشرات السنين، ولا يبدو أنه سينتهي قريبا.

هذا هو كتاب «كو أديوكيشان إن براكتيس» (التعليم المختلط عمليا)، الذي صدر عام 1914، ومؤلفه هو جون بادلي، المعلم العريق الذي ولد عام 1865، وتوفي عام 1967، عن عمر يناهز 102 عام، وقضى ثمانين سنة في التعليم.

عندما أعادت جامعة كاليفورنيا طباعة الكتاب، لم تركز عليه. وطبعته مع عشرات من الكتب القديمة في مختلف المجالات. ومثل بقية هذه الكتب، لأن الطباعة مجرد تصوير للصفحات القديمة، توجد في الكتاب صفحات مفقودة، وتضارب صفحات، وأخطاء لغوية. لكن الكتاب أثار ضجة بسبب موضوعه: «التعليم المختلط في كل المراحل».. وطبعا ليس هذا موضوعا جديدا في الولايات المتحدة، ولا في الدول الأوروبية أو في بعض دول العالم الثالث، لكنه لا يزال يناقش في الولايات المتحدة، من وقت لآخر. وزادت إعادة طبع الكتاب هذا النقاش.

هذه أول جملة في الكتاب: «حتى سنوات قليلة، كان كل من يغامر ويدافع عن تعليم الأولاد والبنات معا وكل مراحل التعليم، من الروضة إلى الجامعة، كان عليه أن يبدأ بالاعتذار؛ لأن كثيرا من الناس يعتبرون التعليم المختلط (في كل المراحل) مجرد تقليعة عابرة». وأضاف: «يوجه هؤلاء ثلاثة انتقادات للتعليم المختلط.. أولا أنه نظرية عابرة، ثانيا أنه غير عملي، وثالثا كونه غير أخلاقي».

وتحدث الكتاب عن الرأي الآخر، الذي يركز على محاسن التعليم المختلط، ومنها أنه يشجع المنافسة، ويمهد لعمل المرأة خارج المنزل، كما أنه يقلل الحساسيات في العلاقات بين الجنسين.

وما أشبه الليلة بالبارحة.. فلا تختلف آراء الذين يناقشون الآن هذا الكتاب القديم عن آراء ما قبل مائة سنة تقريبا. لا تختلف الآراء بالنسبة للذين يؤيدون التعليم المختلط، وبالنسبة للذين يعارضونه، أو - على الأقل - يريدون تغيير بعضه.

وخلال نقاش في الصحف وعلى مواقع الإنترنت، يشير أميركيون إلى محاسن التعليم المختلط الآتية، أنه «يسمح للأولاد والبنات بأن يستعدوا لظروف الحياة الحقيقية عندما يكبرون (حيث الاختلاط)»، وأنه «يقلل توتر كل جانب، أو تشدده، في علاقته مع الجانب الآخر»، كما أنه «يجعل المنافسة الأكاديمية شاملة، ليست فقط وسط الأولاد، أو فقط وسط البنات، ولكن وسطهم كلهم».

على الجانب الآخر، أشار أميركيون إلى المساوئ الآتية، أنه «في مرحلة المراهقة، يهتم كثير من الأولاد والبنات بالعلاقات العاطفية ويؤثر هذا على تعليمهم الأكاديمي»، وأنه «بصورة عامة، تختلف تطلعات البنت عن تطلعات الولد، ويؤثر هذا على تطلعاتها الأكاديمية، وغير الأكاديمية»، وأنه «في كثير من الحالات، تدرس مدرسات الفصل المختلط، وهذا يساعد على تعود الأولاد على علاقات واقعية مع النساء، سواء زميلاتهم البنات، أو المدرسة نفسها».

ويفصل هذه السلبيات والإيجابيات رأي لطالب جامعي أميركي، قائلا: «أدرس في جامعة مختلطة. يوجد في فصلي 30 بنتا، و30 ولدا تقريبا. وطبعا بالإضافة إلى ما نتعلمه من الأساتذة، نتعلم من - وعن - بعضنا البعض. أحيانا يكون هذا التواصل طيبا، وأحيانا لا يكون طيبا.. يعني هذا أن التعليم المختلط له محاسن، وله مساوئ».

ويتابع الطالب قائلا: «أعتقد - حسب تجربتي - أن أهم فائدة تعلمتها هي أن الولد يختلف عن البنت. أقول إنها فائدة لأنها علمتني كيف أعامل البنت، وهي تختلف عني. تعلمت أكثر أن الولد يميل نحو القوة والمغامرة والفردية، بينما تميل البنت نحو العلاقة الإنسانية الهادئة، والناعمة، والاجتماعية».

وعن المساوئ قال: «وجدت أن أبرز مصاعب التعليم المختلط هو عندما نذهب، ذكورا وإناثا، إلى فصول الرياضة البدنية.. وجدت أنه يستحيل على البنت أن تفعل ما يفعل الولد، صاحب العضلات الأقوى، والمولع بالمغامرة. اقتنعت بصعوبة ممارسة نفس التمرين الرياضي بنفس المستوى، وبالتالي المنافسة فيه. أعتقد أن الحل هو أن يكون هناك مدرسة رياضة للأولاد، ومدرسة رياضة للبنات».