تزايد الطلب على شهادات «قانون تقنية المعلومات» في الهند

تطور برامج دراسية لتأهيل المحامين في مواجهة القرصنة الإلكترونية وانتهاكات الملكية الفكرية

خريجات تخصص قانون الإنترنت في إحدى جامعات الهند
TT

في ظل وصول عدد مستخدمي الإنترنت في الهند إلى 240 مليون مستخدم وازدياد العدد شهريا، أصبح العمل في مجال قانون الإنترنت من أكثر المهن المطلوبة في الهند.

ولمزيد من الفهم حول التخصص، يطرح سؤال نفسه: ما قانون الإنترنت؟ هو أحد أفرع القانون التي تتعامل مع الجرائم المتصلة بتكنولوجيا المعلومات. تتنوع استخدامات شبكة الإنترنت اليوم على نطاق واسع من الأنشطة مثل التجارة عبر الإنترنت والشركات والمعاملات الإلكترونية وما إلى ذلك. وتؤدي الأنشطة الإجرامية عبر الإنترنت واستخدامه من دون رقابة إلى ظهور جرائم مثل القرصنة والإباحية وانتحال البريد الإلكتروني وغسل الأموال، وغيرها الكثير. لذلك جرت صياغة قوانين للحد من هذه التصرفات، وبدأ محامو الإنترنت المتخصصون في تناول هذه القضايا في الظهور.

المهمة الرئيسة التي يقوم بها محامي الإنترنت هي الكشف عن جرائم مثل الاحتيال الإلكتروني والسرقة والمعاملات التجارية وتزوير التوقيع ورموز التشفير والتسجيلات الإلكترونية.. إلخ. كما ينبغي عليه أيضا التعامل مع قضايا تتعلق بقوانين الملكية الفكرية أو حقوق النشر أو براءات اختراع البرامج الإلكترونية أو الشبكات المصرفية.. إلخ.

ويعني العمل في قانون الإنترنت دراسة قوانين ولوائح الإنترنت التي يوجد اختلاف كبير بينها وبين أفرع القانون الأخرى. لا يمكن أن يكتفي من يريد التخصص في هذا الفرع من القانون بدراسة القانون ذاته، بل سيحتاج إلى دراسة تكنولوجيا المعلومات، وخصوصا البرمجيات والمفاهيم الأخرى المهمة في عالم الشبكة.

يقول بافان دوغال، المحامي في المحكمة العليا الهندية ومدير موقع «www.cyberlaws.net»: «في الوقت الذي تجري فيه حوسبة جميع المجالات، تظهر الحاجة إلى خبراء في قانون الإنترنت من أجل منع الأنشطة غير المرغوبة في تلك المجالات. لذلك يتزايد الطلب على محامي الإنترنت». وأضاف أن قوانين الإنترنت أصبحت منتشرة حول العالم، لذلك تقدم الكثير من الكليات دورات تعليمية للطلاب الأجانب أيضا.

قد يكون قانون الإنترنت حديثا بعض الشيء في الهند ويحتاج إلى بعض التطوير. يقول أميت داتا، محامي الإنترنت في شركة «لوثرا أند لوثرا» للمحاماة في نيودلهي: «إنها فرصة عظيمة لتعزيز النظام. يحتاج المجال إلى مواهب جديدة لوضع القوانين وتنفيذها». ويضيف داتا قائلا: «هذه المهنة تثير حماسا هائلا، وتجمع بين القانون والتكنولوجيا، لذلك من المهم معرفة المرء بالمجالين». وليست زيادة استخدام التكنولوجيا السبب الوحيد في تنامي الاحتياج إلى محامي الإنترنت، بل أيضا الوعي المتزايد بين أفراد المجتمع وشكاواهم من انتهاك القوانين، مما يستدعي وجود مثل هؤلاء المحامين في البلاد.

وفي ظل إثبات هذا الفرع من القانون مكانته، تبدأ فرص عمل كثيرة في الظهور لمن يرغب في أن يكون «شارلوك هولمز» الإنترنت. يستطيع المحامون المؤهلون الذين يمارسون القانون، وطلاب علوم التكنولوجيا الذين يطمحون إلى العمل في تكنولوجيا المعلومات، وخريجو أو طلاب الدراسات العليا في مجال، أن يلتحقوا بهذه الدورات. كما يستطيع المحاسبون المعتمدون وسكرتارية الشركات، أن يلتحقوا بالدورة كقيمة مضافة يمكنها أن تزودهم بالمهارات اللازمة للحصول على فرص عمل جديدة سوف تظهر في مجال التدقيق الأمني لنظام الكومبيوتر ومراجعة الالتزام بقانون الإنترنت.

ويستطيع من لا يملك خلفية قانونية الحصول على وظيفة مستشار في الإنترنت في إحدى شركات تكنولوجيا المعلومات، أو أقسام الشرطة أو في البنوك، أو مساعد باحث في شركة محاماة أو شركة تكنولوجيا، أو مستشار لمطوري الشبكات. كما تحتاج الشركات العاملة في مجال التكنولوجيا إلى مدققين أمنيين ومديري شبكات، بينما تحتاج كليات الحقوق والشركات متعددة الجنسيات خبراء في قانون الإنترنت ليعملوا مدربين.

على الرغم من أنه ليس من الضروري أن يكون الشخص متخصصا في تكنولوجيا المعلومات، فإن فهم التكنولوجيا والبراعة في عالم الإنترنت يحقق مزايا إضافية. وكما يقول دوغال: «من المطلوب أن يكون هناك مزيج مناسب من المعرفة التكنولوجية والقانونية. يمكن أن يعوق عدم المعرفة بالتكنولوجيا عمل الفرد كمحامي إنترنت».

نظرا لأنه ينبغي على محامي الإنترنت التعامل حتما مع القانون الجنائي وقوانين الملكية الفكرية والقانون التجاري والمدني في قضاياه الخاصة بالإنترنت، فمن الأفضل له أن يملك معرفة جيدة وعميقة بتلك القوانين بعيدا عن قوانين الإنترنت ليصبح هناك بعد آخر واقعي في ممارسته للقانون.

يعلق تالوانت سينغ، القاضي في المحاكم الجزئية في دلهي، قائلا: «يتزايد نطاق قانون الإنترنت عندما يجتمع مع قوانين الملكية الفكرية كما هو الحال في الكثير من قضايا الإنترنت، حيث يدخل في الأمر انتهاك لحقوق النسخ».

تتضمن الأعمال اليومية التي يقوم بها محامي الإنترنت مشاركة الآراء مع عدد من الشركات الكبرى وحضور جلسات في المحاكم وصياغة مذكرات قانونية واتفاقيات وتقديم الاستشارات للعملاء.

ومن جانبه يقول بارشانت مالي، محامي الإنترنت في شركة تقدم استشارات في قانون الإنترنت في مومباي: «إنها مهنة واعدة، ولكن يجب أن يكون مستوى الخبرة في كل من القانون والمعرفة التقنية ممتازا». تطلب معظم كليات القانون من طلابها إتمام فترة تدريب إجبارية تضاف إلى درجاتهم. ويضيف مالي أن التدريب مفيد وأن الدرجة العلمية لن تكون ذات فائدة إذا لم تكن هناك خبرة جيدة. الفرص المتاحة هائلة، ولكن التفوق والإصرار يساعد المرء على الترقي. ويستطيع الطلاب الانضمام إلى الدورات بعد التخرج، كما تقدم بعض المعاهد دورات في مرحلة ما قبل التعليم الجامعي.

وشهد عام 2013 تطبيق السياسة الوطنية لأمن الإنترنت في الهند. تهدف هذه السياسة، رغم تنفيذها المتأخر، إلى تقديم أساس قانوني للترويج لقضية أمن الإنترنت في الهند. وكان عام 2013 قد شهد زيادة كبيرة في معدلات جرائم الإنترنت في الهند. يتضح ذلك على وجه التحديد في تقرير صدر عن نورتون، والذي وصف الهند بأنها عاصمة البرامج الخبيثة في المحيط الهادي الآسيوي.

ووفقا لأحد التقارير الصادرة عن نورتون، خسر أشخاص هنود أكثر من 504 مليارات روبية أثناء عام 2012 في واقعة احتيال عبر الإنترنت، وهو رقم لم يشهد أي انخفاض، حتى أصبحت جرائم الإنترنت تُشكل تهديدا للشركات الهندية بدرجة أكبر من الجرائم المادية.

وفي مسح أجرته شركة «آي بي إم» أخيرا، صنّفت نسبة كبيرة من الشركات الهندية (44 في المائة) من جرائم الإنترنت كتهديد لقدرتها على تحقيق أرباح أكبر مما تشكله الجرائم المادية (31 في المائة). تنشأ الخسائر الناجمة عن جرائم الإنترنت بسبب خسارة العائدات والقيمة السوقية لأسهمها، والإضرار بالعلامات التجارية، وخسارة العملاء، بالترتيب.

ووفقا للمعلومات التي يتعقبها فريق استجابة الحاسوب الهندي وترد إليه، جرت عمليات قرصنة على إجمالي 308.371 موقع إلكتروني من بينها 78 موقعا حكوميا فيما بين عامي 2011 و2013 (حتى شهر يونيو/ حزيران). كما شهدت الهند زيادة كبيرة في قضايا تتعلق بالمضايقات عبر الإنترنت في عام 2013، ليس فقط في الجامعات، بل وحتى المدارس. وكشفت دراسة أجرتها شركة «مايكروسوفت» عن المضايقات عبر الإنترنت في 25 دولة العام الماضي، وأن أكثر من نصف الأطفال الهنود الذين يتصفحون الإنترنت يتعرضون لمضايقات، أو يتقلون تهديدات، أو يجري التحرش بهم عبر الإنترنت. كما وجدت الإشاعات في عام 2013 مجالا أرحب للانتشار عبر الإنترنت، وخصوصا الإشاعات التي تزعم وفاة بعض المشاهير.

ويوجد في الهند الكثير من المعاهد التي تنظم دورات تدريبية مهنية في مجال قانون الإنترنت. ومن بعض المعاهد المهمة التي تقدم دورات تدريبية مهنية في الإنترنت في الهند:

- كلية القانون بجمعية سيمبيوسز، بونه، جامعة (NALSAR. www.naslsarpro.org). - الكلية الآسيوية لقوانين الإنترنت، بونه (www.asianlaws.org). - المعهد الهندي للمعلومات والتكنولوجيا، الله آباد (www.iiita.ac.in). - مركز التعليم عن بعد، جامعة حيدر آباد (www.uohy.ernet,in). - كلية أميتي للحقوق، دلهي (www.amity.org). - قسم الحقوق في جامعة دلهي (www.du.ac.in). - الكلية الوطنية للقانون بجامعة الهند ببنغالور - 72 (www.nls.ac.in). - الأكاديمية الوطنية للدراسات والأبحاث القانونية، حيدر آباد - 27 (www.reachouthyderabad.com).

كما تنظم جامعة أنديرا غاندي الوطنية المفتوحة (IGNOU) برنامجا يقدم شهادة في قانون الإنترنت، وهو برنامج دراسات عليا يستمر لمدة ستة أشهر للخريجين من أي تخصص، ويركز على تكنولوجيا الإنترنت والمشكلات الاجتماعية وتنظيم فضاء الإنترنت والتجارة والإنترنت، والخصوصية وحماية البيانات. وتشير اتجاهات التعليم في مجال قانون الإنترنت إلى انتشار تعليم قانون الإنترنت عبر الشبكة في الهند في المستقبل القريب.

أما عن فرص العمل، فيمتلئ مجال قانون الإنترنت بها. يقول راهول ماتان، أحد الشركاء في تراي ليغال في بنغالور: «يحصل القائمون بأعمال المديرين ومن يحتلون مناصب مثل رئيس موظفي أمن المعلومات أو رئيس موظفي الأمن أو مدير الأمن على 106326 دولارا سنويا في المتوسط. ويحصل من يعملون في وظائف أكثر تخصصا من الناحية الفنية (مهندس أمن، مُختبِر الاختراقات الأمنية، مدير أمن الشبكة) على 75275 دولارا سنويا في المتوسط.

ويختلف الأمر من حال إلى أخرى، إذا استطعت أن تثبت ذاتك كمحامي إنترنت ناجح، فلن يكون هناك حد أقصى لما يمكن أن تتقاضاه. ويقول ديباسيس ناياك، مدير الكلية الآسيوية لقوانين الإنترنت بمومباي: «يمكن اختصار المهنة في كلمة واحدة: ممتعة! أنت دائما على علم بأحدث القوانين والتكنولوجيا وفي مقدمة التطورات التي تحدث، حيث يظل المجال مكتشف حديثا».