أميركا: ولاية أميركية تعد أفضل طلابها ليصبحوا معلمين جيدين

وصف البرنامج بأنه ضمن أفضل 12 برنامجا تعليميا

TT

جون ويليامز (36 عاما) ليس من نوعية المعلمين الذين يحبون الفكاهة والمرح. وقال تراجين وماك: «في بداية العام، قال بعض الأطفال إنه سيكون أكثر المدرسين حدة في المدرسة». وقالت تشيلسي بارا: «كثير من الناس يقولون عنه ذلك».

ومن الصعوبة بمكان أن يعطي ويليامز تقدير امتياز لأي من طلابه. وقال تراجين: «إذا ما قمنا بالمزاح، فإنه لا يقول أي شيء، ولكنه يعطيك تقديرا أقل في التقرير».

ودائما ما يخاطب ويليامز الطلبة بـ«السيدات والسادة» ويتحدث بهدوء شديد لدرجة أن الطلاب لا يمكنهم سماعه إلا إذا كانوا هادئين ومنتبهين للغاية، ولذا فإن أي صوت بسيط يبدو وكأنه ضجيج صاخب في حصة المدرس ويليامز.

وخلال درس حول القواسم المشتركة الأسبوع الماضي، كان هناك صبي جديد يضرب بيده على المقعد. في البداية، تجاهله ويليامز واستمر في شرح الدرس، وجلس الصبي على الأرض وراح يلعب بالمسطرة وتجول في الفصل يتحدث مع زملائه الآخرين. ومع ذلك، استمر ويليامز في شرح الدرس. وعندما لم يعد الطالب قادرا على تحمل ذلك التجاهل راح يطرق على الكرسي، وهنا نظر ويليامز إلى مدرس التعليم الخاص الذي جاء ليسيطر على الفصل. وذهب ويليامز إلى الصبي وجلس بجواره وتحدث معه بصوت هادئ لا يستطيع أن يسمعه من كان يجلس في الكرسي المجاور له وهو الطالب سيتلالي رينوسو. وبعد ذلك، عاد ويليامز إلى مكانه ليكمل الدرس وأخرج الطالب كتابه وبدأ يجيب عن الأسئلة التي يسألها ويليامز.

وفي وقت لاحق، قال ويليامز الذي أمضى 14 عاما في تعليم الأطفال الفقراء: «أريد أن أفعل كل ما بوسعي حتى يبقى هذا الطفل في الفصل الدراسي».

وقد تخرج ويليامز في المدرسة الثانوية في نورث كارولينا عام 1993 وحصل على أعلى تقدير، وكان لديه العديد من الخيارات ولكنه اختار برنامج زملاء التدريس في ولاية كارولينا الشمالية والذي يقوم على فكرة بسيطة للغاية وهي قيام الدولة بدفع مصاريف تعليم الطلبة المتفوقين في الكليات العامة على أن يقوم هؤلاء الطلبة بعد التخرج بالتدريس لمدة أربع سنوات في إحدى المدارس العامة.

وقد ازدهر هذا البرنامج على مدار عشرين عاما منذ قيام أول خريج بالتدريس. ويبلغ عدد الأشخاص الذين يتم اختيارهم لهذا البرنامج نحو 1,200 شخص في اختبار سات (هو اختبار القبول الموحد للكلية في الجامعات الأميركية) مقابل نحو 1,000 شخص من المدارس الحكومية. ومن الجدير بالذكر أن نحو 25 في المائة من الـ500 الذين يتم اختيارهم سنويا هم من السود أو اللاتينيين.

وقال ويليامز إن الكليات قد تهافتت عليه بمجرد قبوله في البرنامج، وأضاف: «إنهم يطلبون ودي وكأنني أحد الرياضيين المتفوقين، إنهم يعاملونني على أنني نجم كبير».

ولا يكتفي الأذكياء بأن يصبحوا معلمين ولكن ينبغي عليهم الاستمرار في التدريس. وقد أظهرت الأبحاث أن المعلمين ذوي الخبرة يقدمون أداء أفضل بكثير من المدرسين المبتدئين. وقد أظهرت إحدى الدراسات التي أجراها كل من غاري هنري وتشارلز طومسون وكيفين باستيان من معهد كارولينا للسياسة العامة في عام 2010 أنه من بين اثني عشر برنامجا تدريبيا في الولاية كان برنامج «التعليم من أجل أميركا» هو الأفضل، في حين جاء برنامج زملاء التعليم في المركز الثاني.

ومع ذلك، هناك فارق كبير في الأداء، حيث إن برنامج «التعليم من أجل أميركا» يجبر الخريج على العمل لمدة عامين فقط. وبعد مرور خمس سنوات، كان لا يزال 7 في المائة من المشاركين في برنامج «التعليم من أجل أميركا» يعملون في ولاية كارولينا الشمالية، في مقابل 73 في المائة من برنامج زملاء التعليم. ولا يزال 60 في المائة من الخريجين الذين بدأوا التدريس منذ 20 عاما يعملون في المدارس العامة بولاية كارولينا الشمالية.

وعلى مدار سنوات عديدة، حاول ديفيد برايس، وهو نائب ديمقراطي من ولاية كارولينا الشمالية، تمرير تشريع في الكونغرس يتيح استخدام برنامج زملاء التدريس كنموذج وطني، وبالفعل نجح في ذلك منذ سنوات قليلة. وقد حصلت نيويورك، والتي تعد واحدة من بين 12 ولاية فازت بمنحة، ما يكفي من المال لإعداد 125 معلما فقط على مدى خمس سنوات.

وقبل بضعة أشهر، وفي إطار خطة لتخفيض النفقات بمئات الملايين من الدولارات، وافقت الجمعية العامة لولاية كارولينا الشمالية على وقف برنامج زملاء التدريس، والذي يتكلف نحو 13 مليون دولار سنويا، على مدى السنوات القليلة المقبلة. (هناك تقارير تفيد بأن توم تيليس، وهو نائب جمهوري، يعيد النظر في هذا القرار؛ ولكن مكتبه لم يرد على المكالمات الهاتفية أو الرسائل الإلكترونية للتعليق على هذا الموضوع).

وعندما بدأ وايت التدريس منذ خمس سنوات كان يتقاضى 35,000 دولار ولا يزال يتقاضى نفس المبلغ بعد مرور خمس سنوات. وهناك مقولة شهيرة تقول بأنه لا أحد يعمل بالتدريس من أجل المال وأن أي مجد يصل إليه المدرس ما هو إلا شيء متواضع.

وخلال الربيع الماضي، حصل ويليامز على جائزة أفضل معلم من قبل محطة «ورال تي في» في منطقة رالي دورهام، وتم وصفه بأنه «جون ويليامز المتواضع».

إن معظم الأشياء العظيمة التي يقوم بها المعلمون لا يراها الكبار ولكن يراها الأطفال على أنها شيء من المسلمات.

ونعود لما كان يقوم به ويليامز في الفصل الدراسي، حيث قام الصبي الجديد بإغلاق كتابه بعد بضع دقائق ووضع رأسه على المنضدة. وكان مستشار التوجيه قد طلب من ويليامز أن يعتني بالصبي الجديد لأنه قد فقد والده قبل أسبوع. وعندما هم الجميع بالمغادرة للحصول على فترة راحة، اتجه ويليامز نحوه وتكلم معه بلطف. وعندما طلب منه ويليامز أن يذهب للعب، اتجه الطفل بعيدا إلى الوراء وتوقف عند أسفل تلة مغطاة بالعشب تؤدي إلى الملعب.

صعد ويليامز إلى أعلى التلة وتبعه الصبي ثم توقف. وصعد ويليامز إلى أعلى قليلا وتبعه الصبي أيضا ثم توقف. ومن مسافة بعيدة، بدا الأمر وكأن ويليامز يجذب الصبي إلى أعلى بحبل غير مرئي.

وكان ويليامز يرتدي رابطة عنق وقميصا أنيقا وسروالا مجعدا. وكان الطفل يجلس لفترة من الوقت موجها ظهره للجميع، وفجأة ودون سبب واضح بدأ الصبي في الجري واختفي وسط حشد من الأطفال الذين يلعبون. وقال ويليامز وهو ينزل من فوق التلة: «نأمل أن يستمتع بنفسه هناك».

* خدمة «واشنطن بوست»