السعودية: دراسة تربوية تؤكد انحسار الطلب على الدروس الخصوصية 30%

عزت السبب لتحول أنظمة الاختبارات من المركزية إلى اللامركزية

تحول الاختبارات نحو اللامركزية قوض كثيرا من الدروس الخصوصية
TT

أكدت دراسة تربوية تضاؤل حجم الدروس الخصوصية في السعودية إلى 30 في المائة، معتبرة أن السبب الرئيسي في ذلك تحول المدارس في السعودية من الاختبارات المركزية إلى اللامركزية منذ أكثر من ثلاث سنوات مضت.

واعتبرت الدراسة التربوية التي حملت عنوان «الاختبارات اللامركزية ودورها في تحجيم الدروس الخصوصية»، أن اعتماد وزارة التعليم العالي على نسبة جزئية في القبول بالجامعات من شهادة الثانوية كان السبب في تضاؤل الطلب على الدروس الخصوصية، بحكم أنها لم تعد اللاعب الرئيسي في القبول كما كان في السابق.

وأوضحت الباحثة منى السديري، أكاديمية بجامعة القصيم، في دراسة حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها، أن الطلب على الدروس الخصوصية كان مرتفعا بشكل كبير نتيجة أن الاختبارات في السعودية كانت تنحصر في بوابة وحيدة، وهي بوابة وزارة التربية والتعليم، حيث كانت تستقبل المدارس بشكل موحد الأسئلة الوزارية لجميع المواد، وأحيانا تكون هذه الأسئلة من خارج المنهج، وهو ما يعني أن التوجه نحو هذا النمط من الطلب يكون مرتفعا.

وأشارت السديري، إلى أن المعدلات التربوية من خلال استبانات علمية وزعتها جهات تعليمية، كشفت أن نسبة الطلب على الدروس الخصوصية قد انخفضت 30 في المائة، بسبب أن المدارس بات معلموها المعنيين بوضع الأسئلة، التي تشكل ما نسبته الثلث مع اختبارات الكفايات والقبول الجامعي.

وقالت الباحثة: «من بين العوامل التي أسهمت في خلق جيل الدروس الخصوصية نمطية الامتحان، وقدرة محترفي الدروس الخصوصية من المعلمين على توقع وتخمين أسئلة الامتحان، وبالتالي يلجأ الطالب إلى ذلك للحصول على درجات مرتفعة، لكن المشكلة الأكثر خطورة أن الدرس الخاص يخلق من الطالب شخصا اتكاليا لا يهتم بما يدور داخل الفصل المدرسي، وليس مهتما بما يشرحه المعلم؛ لأن لديه بديلا آخر خارج المدرسة».

وأفادت منى السديري، إلى جانب سلبيات النظام التربوي التي تدفع إلى الدروس الخصوصية، بأن هناك سلبيات في المجتمع والأسرة، منها انعدام أو ضعف ثقة قطاعات كبيرة في المجتمع في جدية العمل بالمدرسة وجدواه، وإكساب المجتمع صورة مظهرية وقيمة اجتماعية للدروس الخصوصية, وضعف قدرة المجتمع على المشاركة في تمويل التعليم النظامي الرسمي بقصد تحسينه، على الرغم من المبالغ الطائلة التي يتم إنفاقها على الدروس الخصوصية والمدارس الخاصة، والسباق المحموم نحو ما يسمى تقديم الملخصات والتسهيلات، فضلا عن تدني مرتبات المعلمين مع زيادة الأعباء المعيشية.

وتعتقد السديري بأنه من المفترض أن الطلاب المستفيدين من المراكز هم المتأخرون دراسيا، والراسبون، والطلاب الراغبون في رفع مستواهم التحصيلي من المتفوقين ومتوسطي التحصيل، والطلاب الذين لديهم مشكلات مرتبطة بالتحصيل الدراسي، والطلاب الناجحون الراغبون في الاستعداد التحصيلي للصفوف المنقولين إليها للعام الدراسي الجديد، والطلاب الذين لديهم نقص في المهارات التعليمية الأساسية في الصفوف السابقة لمرحلتهم الدراسية الحالية، مؤكدة أن هذه الظاهرة الخطيرة استفحلت كثيرا في السنوات الأخيرة، لدرجة أن الكثير من المدرسين يعطون الدروس الخصوصية لنفس طلابهم في المدارس الرسمية, والكلام السائد أن الطالب الذي لا يذهب إلى منزل المدرس لأخذ دروس خصوصية مقابل دفع المال يعامل معاملة غير جيدة مقارنة بزملائه في المدرسة الذين يأخذون دروسا عند المدرس.‏ واختتمت دراستها بالقول: «إن الدروس الخصوصية, كما قلنا, هي أس مشكلات التعليم التي تحول دون تطوير التعليم وإذا تم القضاء عليها لتم القضاء علي معظم المشكلات التعليمية. فإذا لم يكن هناك دروس خصوصية لم يكن الطالب ليلجأ إلى اختلاق الحيل والأسباب الواهية في الغياب عن المدرسة، ولانتظم في المدرسة طوال العام الدراسي, كما أن المدرسين ينتظمون ويجدون في شرحهم أثناء الحصة المدرسية, ولذهب الطلاب بحقيبة مدرسية حقيقية وليست صورية كما نلاحظ الآن, ولم تظهر المجاميع الصناعية التي تفوق الـ100 في المائة, ولتم اكتشاف قدرات الطلاب الحقيقية, ولم نحتج إلى ما سمي أخيرا بالتعليم المتميز والتعاوني.. ربما يقول قائل إن الدروس الخصوصية مسألة شخصية وغير القادر لا يتعاطاها، ولكن للأسف فرضت على الفقير قبل الغني، وعلى الضعيف قبل القوي، ولا مفر من تعاطيها للمنافسة.

وأفاد خالد الغامدي، طالب مدرسي قائلا: «إنني مضطر للجوء إلى الدروس الخصوصية؛ فالأساتذة لا يشرحون داخل الفصل بما يمكنني من فهم واستيعاب المنهج، غير أنهم لا يتطرقون إلى الكثير من الجزئيات في المادة التي لا يمكنني فهمها بمفردي، لذلك فأنا حريص على الدروس الخصوصية، لأنه أصبح مطلوبا منا أن نحصل على درجات مرتفعة في كل المواد، وهناك بعض المواد التي تتصف بصعوبتها؛ فأنا ألجأ للدروس الخصوصية».

بينما يقول الطالب حمد الحمد: أنا لا ألجأ للدروس الخصوصية إلا في نهاية العام أو الفصل الدراسي، وقبل الامتحانات؛ ففي أسابيع قليلة يمكنني الإلمام بمنهج أي مادة والاستعداد لدخول الاختبار الخاص بها، بدلا من أن أعطي اهتماما أكثر من اللازم منذ بدء الدراسة.