أميركا: برنامج «بداية» يطرح الخلفيات الأكاديمية التقليدية

في بادرة تدريس مناهج التعليم الثانوي في الجامعة

TT

تخرجت ديزيري سميث في يونيو (حزيران)، في مدرسة موري يرجتراوم الثانوية، كانت درجاتها في أغلب المواد في حدود 90 في المائة، وقد اجتازت اختبارات «ريجنتس» الأربعة بنجاح، وهي اختبارات إلزامية في ولاية نيويورك تقيس مقدار المعرفة التي اكتسبها الطلاب. ومنذ التحاقها في الشهر الماضي بكلية لاغارديا المجتمعية في حي كوينز بمدينة نيويورك، أدركت سميث، 19 عاما، أن تخرجها في مدرسة مدينة نيويورك الثانوية العامة لا يعني أنها قد أصبحت متعلمة، حيث إنها فشلت في اجتياز اختبارات تحديد المستوى الثلاثة الخاصة بكلية لاغارديا، وهي تتلقى الآن دروسا لرفع مستواها في الكتابة والقراءة والرياضيات.

وهناك الكثيرون الذين تتشابه تجربتهم مع تجربة سميث، مثل نيكيتا توماس، من مدرسة بيدفورد ستايفسنت الإعدادية، وساد واشنطن، من مدرسة ويمنز ليدرشب في منطقة شرق هارلم في مدينة نيويورك، وستايسي سومولونج، من مدرسة كوينز للتعليم المهني والتقني الثانوية، ولوكريكا ولفورد، من مدرسة جون آدامز الثانوية، وخوان رودريجيز من مدرسة غروفر كليفلاند الثانوية.

وقالت توماس: «إن اجتياز اختبارات (ريجنتس) ليس معناه أنها لا تساوي شيئا، فالتركيز ينصب بشكل رئيسي في المدرسة الثانوية على تخريج الطالب في المدرسة، لأن ذلك يجعل سمعة المدرسة تبدو طيبة، وكل ما يهمهم هو أن يدخل الطالب المدرسة وأن يتخرج فيها».

وقد جعل مايكل بلومبرغ، عمدة مدينة نيويورك معدل التخرج المرتفع، الذي ارتفع من 46.5 في المائة في عام 2005، ليصل إلى 61 في المائة في يونيو (حزيران)، أبرز إنجازاته في مجال التعليم. ولكن هذا المعدل يصبح أقل إثارة للإعجاب عند مقارنته بنسبة الخريجين الذين يحتاجون إلى إعادة رفع لمستواهم في المواد الثلاث كلها، عند التحاقهم بكلية لاغارديا أو غيرها من كليات جامعة مدينة نيويورك المجتمعية، حيث بلغت هذه النسبة 15.4 في المائة في عام 2005 (1085 طالبا)، ووصلت إلى 22.6 في المائة في عام 2010 (2812 طالبا).

وقال جون موجلسكو، كبير عمداء جامعة مدينة نيويورك: «لقد لاحظنا، منذ بضع سنوات، أن النسبة ترتفع بمعدل سريع حقا». وبشكل عام يتلقى نحو 74 في المائة من خريجي المدارس الثانوية، الذين يلتحقون بالكليات المجتمعية الست في الجامعة دروسا لرفع مستواهم في مادة واحدة على الأقل، ولكن أولئك الذين يحتاجون إلى رفع مستواهم في المواد الثلاث كلها، هم الأكثر تعرضا لخطر التسرب من التعليم. وهكذا بدأت جامعة مدينة نيويورك في عام 2008 في تنفيذ برنامج يضم بضع عشرات من الطلاب لقياس مدى قدرة فصل دراسي مكثف يركز على المواد الثلاثة فقط (خمس ساعات يوميا لمدة خمسة أيام في الأسبوع) على إحداث فارق، وقد اتسع نطاق البرنامج، المعروف باسم «بداية»، منذ ذلك الحين.

ولم يتمكن سوى 159 طالبا، من بين الـ241 طالبا الذين استمروا في الدراسة حتى نهاية الفصل الدراسي من بين الـ302 طالب الذين التحقوا بالبرنامج حتى الآن، من اجتياز كل اختبارات رفع المستوى الثلاثة. وقد كان من المخطط أن يلتحق 630 طالبا من طلاب برنامج «بداية» بالجامعات الست في هذا الفصل الدراسي، ولكن الطلب على الالتحاق كان كبيرا جدا، بحيث تم قبول أكثر من 700 طالب.

وتمثل التكلفة عنصرا مهما من عناصر الجاذبية، حيث تبلغ رسوم الفصل الدراسي الواحد بالنسبة للطلاب المنتظمين في كلية لاغارديا 1800 دولار، ولا يتم احتساب الوقت الذي تستغرقه الفصول الدراسية الخاصة برفع المستوى في المواد الثلاث من ضمن الوقت اللازم للتخرج، بينما تبلغ تكلفة الدراسة في برنامج «بداية» 75 دولارا.

وقالت سميث، التي كانت تعمل في سلسلة مطاعم ماكدونالد الشهيرة منذ كان عمرها 14 عاما: «إن الـ75 دولارا كانت مبلغا كبيرا».

وتقول هي وغيرها من الطلاب إن دورات برنامج «بداية» الدراسية تدرس المواد بشكل أعمق مما كان يتم تدريسه في الفصول الدراسية في المدرسة الثانوية، وإن المعلمين يسألون أسئلة مفتوحة، حيث قال بيدرو فارغاس، الذي تخرج في عام 2011 من مدرسة ريتشموند هيل الثانوية في حي كوينز: «عندما كان معلم مادة الرياضيات في المدرسة الثانوية يطلب من أحدنا حل مسألة رياضية ولم يستطع ذلك الطالب حلها، كان المعلم يستمر في شرح الدرس دون أن يتوقف عند ذلك طويلا، أما هنا فهم يستمرون في طرح الأسئلة، لأنهم يريدون من الطالب أن يحاول استكشاف الموضوع بنفسه».

لا يتمتع غالبية المعلمين في برنامج «بداية» بالخلفيات الأكاديمية التقليدية، فسارة يسينستيين، التي تقوم بتدريس القراءة والكتابة، كانت تعمل في مجال تعليم الكبار. وقد قامت بإعطاء درس في الأسبوع الماضي حول التفسير مقارنة بالأدلة النصية، وذلك من خلال قصة قصيرة للكاتبة النرويجية نيكولاسا مور، حيث قامت يسينستيين بترقيم كل فقرة من الفقرات الـ74 مسبقا، مما سهل من عملية تتبع الأدلة والاستشهاد بها.

ولا تشعر يسينستيين أن من الواجب عليها أن تتحدث عندما يسود الصمت الفصل، حيث تقول: «إن ذلك يدفع الطلبة لأن يقوموا هم بملء هذا الصمت، وهو أمر يتطلب الكثير من الممارسة».

وعلى الرغم من أنها تعمل على تهيئتهم للاختبارات، فإنها لا تقوم بإعدادهم لأداء الاختبار، حيث تقول: «عمق الدراسة أكثر أهمية بالنسبة لنا من حجم الدراسة».

وقالت واشنطن، 18 عاما، إن «هناك الكثير من الوقت الذي ينفق في المدارس الثانوية للتحايل على النظام التعليمي، فأكثر ما يهتمون به هو الحفاظ على بقاء معدل التخرج مرتفعا، حيث كانوا على استعداد لفعل أي شيء لجعل الطلاب يتخرجون في المدرسة، حتى لو تطلب الأمر اللجوء إلى الحيلة لفعل ذلك، كأن يقولوا لهم افعلوا كذا وكذا لكي تتخرجوا».

وقال شايل بولاكو سورانسكي، الرئيس الأكاديمي للمدارس الحكومية في مدينة نيويورك، إنه لم يتم خفض المعايير من أجل تخريج المزيد من الطلاب، لافتا إلى أن الدولة كانت قد وضعت منذ عام 2007 اختبار «ريجنتس» إضافيا ينبغي على الطالب اجتيازه في كل سنة كشرط للتخرج، كما قال أيضا إن جزءا من السبب في ارتفاع عدد الطلبة الذين يتلقون دروسا لرفع مستواهم التعليمي يعود إلى أن جامعة مدينة نيويورك رفعت في عام 2008 من درجة الرياضيات المطلوبة لاجتياز اختبار تحديد المستوى.

ولكنه قال أيضا: «نحن نعتقد أن هذه الدرجات غير مقبولة»، مضيفا أنه ينبغي إصلاح اختبارات «ريجنتس» لأنها هي التي تقود المناهج التعليمية، ولا تقيس ما يحتاج الطلاب إلى معرفته في الكليات، حيث تتراوح درجات الكثير من الطلاب الذين يحتاجون إلى تلقي دروس لرفع مستواهم التعليمي بين الـ65 درجة المطلوبة لاجتياز الاختبار، والـ75 درجة التي وضعتها الدولة كمقياس لاعتبار الطالب مؤهلا للالتحاق بالكلية.

*خدمة «نيويورك تايمز»