«التعليم العالي» السعودية للمبتعثين: أبدعوا في المهارات والانضباطية وستخطب الشركات العالمية

قالت لـ «الشرق الأوسط» إنها لا تريد رفع المعدلات فقط بل إجادة روح الفريق الواحد

سوق العمل في السعودية تحتاج لعملية إحلال للكفاءات السعودية
TT

كشف الدكتور محمد العوهلي، وكيل وزارة التعليم العالي، لـ«الشرق الأوسط»، بأنه لا بد أن يكون هناك توازن في عملية التنمية واختيار التخصصات التي تحتاجها سوق العمل استنادا على الاحتياجات الهامة في التطوير وتلمس التخصصات المطلوبة التي يشغلها كثير من الأجانب في السعودية.

ووصف العوهلي سوق العمل بأنها جزء من متطلبات التنمية وليست كل المتطلبات، مفيدا في هذا السياق موازنة كثير من الاستشارات، يأتي على رأسها اختيار التخصصات المناسبة، بالاتساق مع مهارات الطلاب، التي لا بد أن تكون أساسية في حياة الطالب المبتعث.

وأفاد وكيل وزارة التعليم العالي، أن المهندس والطبيب إن لم يتمكنا من صقل مهارات أساسية فإنه لن ينفعهما سوق العمل، فالشركات تتطلب كفاءات متفردة ومقدرة متفردة في التعامل مع الفريق الواحد وروح العمل الواحد.

وقال العوهلي: «الشركات لن تقوم بتوظيف المهندسين، على سبيل المثال، إن لم يكونوا على كفاءة في فن الاتصال، وكتابة التقارير، وإن كان التخصص نظريا، فلا بد أن يكون لدى الطالب قدرة كبيرة في التعامل مع الحاسب الآلي، ومتمكن في لغات أجنبية، ولديه القدرة على التخاطب والتواصل مع الآخرين».

وبين العوهلي، أن من المهارات التي يتطلب وجودها في شخصية العمل أيضا الانضباطية وروح فريق العمل الواحد، بغض النظر عن التخصص، وستقوم الشركات عندئذ بخطب وده، فالقضية ليست قضية تخصص فقط، وهو ما يغيب على كثير من المبتعثين، ووزارة التعليم العالي توجه رسالة للمبتعثين بأنه لا يفي فقط تحسين المعدل، بل لا بد من تسليح النفس بمهارات أساسية لا تريدها سوق العمل فقط بل التنمية أيضا تريدها.

بدوره أشار فهد اليوسفي، باحث في التربية والتعليم في السعودية، لـ«الشرق الأوسط»، إلى أنه يفترض أن تخصص وزارة التربية والتعليم ورش عمل حقيقية لمشاركة الطلاب في التخصصات الاستراتيجية التنموية للبلاد عن طريق تأصيل وإتقان كثير من المهارات الأساسية، مضيفا أن معظم محاولات تطوير التعليم تفتقر إلى العمل الميداني، مشيرا إلى أنه ينبغي أن يكون من مهام التعليم تهيئة الطالب للمواسم الدينية كواجب وطني، إلا أنه اعتبر مخرجات التعليم تعاني من تدن في الإنتاجية الجيدة والتأهيل، بالإضافة لكون المناهج التعليمية الحالية تعاني من غياب للرؤية المستقبلية لأجيال يجب أن تعي دورها المنوط بها.

وجنح اليوسفي إلى أهمية مشاركة الفئات العمرية في تأصيل الجوانب التعليمية والثقافية في مهمتها لخدمة الأهداف التعليمية، مؤكدا أن الاختلافات الفكرية للمجتمع أدت إلى اقتصار التعليم كمنهج نظري بحت، وزاد بالقول: «هناك قصور في المشاركة في كثير من ورش العمل الكفيلة بخدمة التنمية في البلاد».

وكشف الدكتور خالد العنقري، وزير التعليم العالي، في وقت سابق، عن وجود خارطة عمل بين وزارته ووزارة التربية والتعليم، تحدد الأساليب والطرق التي تستطيع من خلالها الوزارتان تحقيق التطوير المنشود للتعليم، معتبرا أن برنامج الابتعاث مستمر وفق خطة تم إعدادها بالتنسيق بين وزارات الاقتصاد والتخطيط والمالية والخدمة المدنية لتحديد الاحتياج من الوظائف والتخصصات المطلوبة. إلى ذلك، طالب خبراء في سوق العمل في السعودية بتوجيه برنامج الابتعاث لأكثر من 26 ألفا في مرحلته السابعة، التي بدأت قبل أقل من أسبوع، وتسييره ليتواءم مع اقتصادات المعرفة وحاجة سوق العمل السعودية، وتبيان التخصصات اللازمة لإحلالها بدلا عن تخصصات وصفت بأنها لا تتسق مع متطلبات القطاع الخاص بشكل عام. واعتبر الدكتور محمد الشريف، رئيس قسم التربويات في جامعة الطائف، أن صيرورة البرنامج في سنته السابعة دليل على قوة الاستراتيجية التي تنتهجها وزارة التعليم العالي، بيد أن توجيه برامج الابتعاث لمتطلبات سوق العمل لا بد أن يوضع تحت المجهر، ويعقد على ضوئه مؤتمر بالشراكة مع القطاع الخاص لدراسة مخرجات برنامج خادم الحرمين الشريفين، وهل هي حقا ماضية في تغطية الحاجة الماسة لسوق العمل السعودية.

من جهته طالب الدكتور محمد الفعر، أستاذ العلوم التربوية في جامعة الطائف، بضرورة أن تتلازم لقاءات القطاع الخاص بالنظرة الشمولية التي تنضوي تحتها الاستراتيجيات العليا في تحقيق أهداف الابتعاث، بحيث تتاح فرصة التعرف على احتياجات قطاع الأعمال الحالية والمستقبلية من تلك التخصصات، ومشاركة القطاع الخاص في استقطاب وتوظيف الخريجين والخريجات.

وعلق الدكتور خالد اليحيوي، أستاذ أكاديمي، أن هناك معوقات كبيرة يجب أن نعترف بها في توجيه برامج الابتعاث؛ حيث إن هناك تحديات تحول بين التطبيق الفعلي الكامل لاستراتيجيات التوظيف في السعودية، وتحديات تحول دون تحقيق الأهداف المرجوة من برامج الابتعاث للخارج وفق ما هو مخطط ومرسوم لها، وبالذات في ما يتعلق بتأهيل الكوادر الوطنية لتصبح عنصرا منافسا في سوق العمل المحلية، مما يمكنها من الحصول على وظائف فور التخرج، سواء في القطاع العام أو في القطاع الخاص.

وأضاف اليحيوي: «غالبية الطلاب الذين تم ابتعاثهم ضعفاء جدا في اللغة الإنجليزية وفي مجال تخصصاتهم الدراسية، الأمر الذي يعطي انطباعا ومؤشرا سلبيا عن برامج الابتعاث، متسائلا عن الطريقة الفعلية والصحيحة قبيل الزج بالطلاب في بلاد تنتهج اللغة بكامل احترافيتها»، مؤكدا في السياق ذاته أن هناك مشكلة في برامج الابتعاث، تتمثل في كونها لا تنظر إلى حاجة المجتمع من التخصصات، وأن اعتمادها يتم بعيدا عن تلمس الخطط التنموية المستقبلية، وبالتالي قد لا يجد الكثير من المبتعثين فرصا وظيفية مناسبة.

وكانت نتائج دراسة حديثة أكدت وأظهرت نتائج الدراسة أن التعليم العالي السعودي، يعاني من مشكلة ضعف مواءمة مخرجاته من القوى البشرية لاحتياجات المجتمع، ومن أبرز مظاهر هذا الضعف أن معظم خريجي مؤسسات التعليم العالي السعودي يعانون من ضعف مستواهم في اللغة الإنجليزية، التي أصبحت الآن متطلبا لمعظم وظائف سوق العمل الأهلية.

وقالت الدراسة: «يعاني أغلب الخريجين من الضعف في المهارات والقدرات والخبرات التي تمكنهم من خلق فرص للعمل بدلا من أن يكونوا باحثين عن العمل، بالإضافة إلى أنه لا يوجد ارتباط وثيق بين عدد الخريجين من مؤسسات التعليم العالي واحتياجات تحقيق الرؤى الاستراتيجية بعيدة المدى للاقتصاد السعودي المعتمدة في الخطط الخمسية للتنمية». وأفادت النتائج بأن مؤسسات التعليم العالي لا تزود سوق العمل بخريجين من التخصصات الحديثة التي تتطلبها عولمة الاقتصاد، وانضمام السعودية إلى عضوية منظمة التجارة العالمية، والاتجاه نحو الاقتصاديات المعرفية، في وقت يفتقر فيه معظم الخريجين إلى مهارات وقدرات متنوعة مكتسبة من أكثر من تخصص أو فرع معرفي، ويعاني معظم الخريجين الجدد من ضعف الخبرات، والقدرات، والمهارات اللازمة لتطبيق ما تعلموه بشكل عملي في الميدان.

ووصفت أن معظم الخريجين، يعانون من الضعف في الاتجاهات والميول تجاه التعليم مدى الحياة، وغالبا لا يمتلك خريج مؤسسات التعليم العالي السعودي الخبرات والمهارات التي تساعده على تغيير مهنته الحالية إلى مهنة أخرى، عندما يضطره التغيير في سوق العمل إلى ذلك، حيث يعانون من الضعف في مهارات التفكير الناقد والتحليل والإبداع.