خبيرة تربوية تدعو لجعل التعليم مسألة «أمن قومي» في البلدان العربية

قالت إن ذلك لن يتحقق إلا بتلاحم كامل مع مؤسسات المجتمع المدني

مطالبات بشراكة فاعلة لمؤسسات المجتمع مع التعليم
TT

طالبت باحثة تربوية بأهمية اعتبار التعليم في البلدان العربية مسألة أمن قومي تتفاعل معها جميع مؤسسات المجتمع المدني لخلق جيل يستطيع مواءمة تحديات المستقبل ومتطلبات التقنية بحيث يصبح جزءا لا يتجزأ من متطلبات المجتمع.

وقالت الدكتورة منيرة العكاس، الباحثة التربوية في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: يعتبر التعليم الركيزة الأساسية لتنمية الثروات البشرية ويظل التعليم في الوقت الحاضر منفصلا عن متطلبات المجتمع، حيث لا يشارك منسوبو التعليم في الحياة الاجتماعية ولا يشاركون في أحداث المجتمع ومشاكله مما أوجد هناك فجوة بين التعليم وسائر قطاعات المجتمع.

وذكرت الخبيرة التربوية أنه لا بد من وسيلة للاستفادة من خبرات منسوبي التعليم عن طريق إشراكهم في المجتمع وبالمقابل لا بد لقطاعات المجتمع أن تخدم العملية والتعليمية، مبينة أن المأمول من الشراكة المجتمعية هو التكامل بين المدارس ومراكز الأحياء بما يخدم سير العملية التربوية التعليمية.

وجنحت العكاس نحو أهمية التكامل بين المدارس ومراكز الأحياء بما يخدم سير العملية التربوية التعليمية وتوطيد علاقة المدرسة بالمؤسسات الاجتماعية الأخرى (جمعية مراكز الأحياء – المراكز الصحية – الأندية الرياضية...)، موضحة أن الميدان نرى فيه أن هناك توافقا كبيرا بين مهام جمعية مراكز الأحياء ومجالس الأحياء في المدارس.

وقالت: إن تعريف مراكز الأحياء هو المكان الذي يمكن لأي فرد في الحي أن يشارك في أنشطته وبرامجه والإفادة منه بحسب ميوله وهوياته وأن يوظف تلك المشاركة للارتقاء بمستوى الحي والعلاقات الاجتماعية منه. إذ أن مركز الحي هو مقر اجتماعي كبير يحتضن طاقات الحي ويوظف قدرات أفراده ويوجه مشاركاتهم الإيجابية وتنطلق منه البرامج الهادفة في شتى المجالات ولكل الفئات.

وأشارت الباحثة إلى الحاجة الماسة لدمج أنشطة المدارس مع أنشطة جمعية مراكز الأحياء، لا سيما في هذه الظروف التي تعصف بالمجتمعات والأفراد وانعزال التعليم عن بقية المناشط الاجتماعية، وإحياء دور التواصل الاجتماعي والعلاقات الإيجابية بين الأفراد والمجتمع، وتعزيز قيم المبادئ الإسلامية وتنمية الوعي الاجتماعي والثقافي والأخلاقي بين أفراد الحي والمجتمع.

ولمحت لأهمية توظيف الطاقات والقدرات في تطوير الحي وخدمة أفراده، واستثمار أوقات الفراغ فيما يعود بالنفع على الفرد والمجتمع، وتنمية المهارات والعناية بالمواهب المختلفة لأفراد المجتمع، والمساهمة في حل المشكلات الاجتماعية والظواهر السلبية في نطاق الحي.

وقالت العكاس: لذا وجب علينا إيجاد قنوات اتصال فعالة بين المؤسسات التعليمية وقطاعات المجتمع وأولى هذه الخطوات هي: تقديم المسؤولين في جمعية مراكز الأحياء المحاضرات التعريفية عن برامجهم في إدارة التربية والتعليم، وفتح باب المشاركة للمدارس في مراكز الأحياء، واستقطاب مديرات المدارس كأعضاء في الجمعيات، وإشراك المديرات في ورش عمل لبحث جوانب التعاون التي بالإمكان إيجادها، وجعل المدارس بلا أسوار ليس بالمعنى المادي للأسوار ولكنها مدرسة متصلة عضويا بالمجتمع وبما حولها من المؤسسات.

ونادت الباحثة التربوية بالاستفادة من خبرات المتقاعدات في فعاليات المركز، وتشجيع الناشئين من الطلبة والطالبات للاستفادة من المشاريع الرائدة من خلال التحاور المباشر، وعن دور مديري (مديرات) المدارس: مشاركة مديري (مديرات) المدارس في تنفيذ برامج ومشروعات اجتماعية في المجتمع المحيط، والمشاركة في الأنشطة والمهرجانات كالقراءة للجميع – التربية السياحية – الأعياد الوطنية.

وأشارت كذلك إلى استخدام المدرسة للموارد المتاحة في المجتمع لتنفيذ برامجها التربوية لدعم الأنشطة المصاحبة للمناهج، مبينة أن التعليم يعد الوسيلة شبه الوحيدة لمواجهة تحديات القرن الـ21 مما جعل القائمين على تخطيط التعليم يعلنون عن تطبيقات متنوعة ومنها مشروع الملك عبد الله بن عبد العزيز لتطوير التعليم العام الذي أضاف سمة على مدارسها بالشراكة المجتمعية.

ووجد أن هناك حاجة ماسة – بحسب العكاس - لتطبيق مبدأ التكامل بين المؤسسات التعليمية ومؤسسات المجتمع الأخرى لانتقال الناشئة ما بين المؤسسات التعليمية ومؤسسات المجتمع الأخرى كمنظومة أخرى وتفعيل الشراكة المجتمعية لخدمة الوطن.

وأوضحت أن المدرسة الفعالة هي التي تتمكن من بناء مشاركة مجتمعية فعالة من خلال تحقيق الأهداف، وتوجيهات أفضل للناشئة نحو المدرسة والعملية التعليمية.

وأفادت العكاس بأن أسس دعم المشاركة المجتمعية تكمن في نمو الوعي لدى أفراد المجتمع بقيمة التعليم، والنظر للتعليم على أنه قضية أمن قومي يجب التعامل معه باعتباره مسؤولية مجتمعية يجب على المجتمع المشاركة في تطويرها، وإطلاق القدرات الإنسانية وطاقات التلاميذ وتنمية قيم الانتماء والمواطنة من خلال تحقيق تفاعل أصيل بين أطراف المثلث (المدرسة – الأسرة – المجتمع).

وعن مفهوم الأنشطة المجتمعية قالت: هي التي تستهدف تحسين الجودة في التعليم والتي تنفذ من خلال شراكة فعالة وإيجابية من المجتمع ومؤسساته لتضمن استمرارية هذه الأنشطة وتضافر الجهود الأخرى مع التعليم لتقديم تدخلات ومساهمات عينية وغير عينية لإحداث تحسين في جودة العملية التعليمية.

وطالبت بالترغيب في التعليم من خلال إعداد برنامج يتناسب وقدرات الطلبة وظروفهم وتمكينهم للاستفادة من المهارات الحياتية والتعليمية، ودمج المجتمع في أنشطة التعليم واستثمار قدراته في دفع العمليات التعليمية وزيادة فاعلية الأداء التعليمي.