المبتعثات السعوديات في معركة الحجاب.. تعددت الألوان والإبداع واحد

كسرن حاجز الخوف وقدمن أنفسهن سفيرات للعفة

استطاعت السعوديات فرض هويتهن الإسلامية في برامج الابتعاث في البلدان المختلفة
TT

على الرغم من الحرية في اللبس والتفكير والمعتقد، فإن السعوديات في البلدان المختلفة، وبعد ماراثون الابتعاث في نسخته السابعة، استطعن أن يعكسن جسارة الحضور والإبداع بالتفافة إيمانية متفردة.

«لبس الحجاب» و«لون العباءات» و«كفاح السعوديات المغتربات في الخارج».. تلك العناوين العريضة كلها توثبت خلفها أعين المراقبين كثيرا واستطاعت السعوديات كسر حاجز الاغتراب وضبابية الموقف العالمي من الحجاب، بتقديم صورة مشرفة أثبتن بما لا يدع مجالا للشك أنهن أضحين فرس الرهان في ذلك.

ولم يقف الحجاب ولون العباءة حجر عثرة أمام السعوديات اللائي استطعن أن يقطعن مشوار الابتعاث برصانة على الرغم من نظرات العالم الغربي الذي تأكد من أن السعوديات يمتلكن الخلفية الدينية الكاملة لتحمل المسؤولية وتوثبها لحين العودة للديار وهن متسلحات بلباس العلم والعفة والتفوق.

ولأن آفة الأخبار رواتها، فقد تجشمت السعوديات عناء التشكيك داخليا قبيل الخطوات الأولى للرحيل نحو أصقاع الدنيا شرقها وغربها وشمالها وجنوبها، وتحملن في طريقها مقاصل الفشل والحرمات والبوائق، وتمكنَّ أن يحافظن على هويتهن واعتزازهن بتدينهن، وشققن إثر ذلك ديار النجاح والتفوق الجامعي وبعضهن لم تغادر بلادها إلا في رحلة ابتعاثها.

الداعية الإسلامي حسين الفهد لم يخفِ إعجابه بثبات تجربة ابتعاث السعوديات، على الرغم من تخوف الكثير في البدايات على الأخوات المبتعثات من مغبة الافتتان بمظاهر الحرية في الملبس وقيادة السيارات، إلا أنهن، وللأمانة، استطعن أن يصلن إلى واحة العلم والأخلاق والقيم بكل ثبات.

مها عسيري، مبتعثة سعودية من مدينة أدنبره الاسكوتلندية، تعترف بأنها واجهت الصعوبات خلف الصعوبات، وأصبحت، منذ أن حطت رحالها إلى أوروبا، أشبه بولوجها عالما آخر يختلف كلية عن التي عاشت عليه وتتلمذت منذ صغرها.

وتضيف عسيري أنها وضعت في حسبانها أن مسألة حجابها هي مسألة حياة أو موت – بحد تعبيرها - نظير ما سمته الأخلاق الرفيعة التي تربى عليها السعوديون وأنهم على العهد باقون مع ربهم، فالله، جل جلاله، موجود في كل مكان ويراقب الإنسان في السر والعلن.

وبحسب عسيري، فإن أول عمل قامت به أيضا هو محاولة تغيير اللون الأسود في عباءتها، معتقدة أن ذلك سيسهم في عدم لفت الانتباه إليها، وأنها بذلك ستستطيع أن تحمي نفسها مع بقية أخواتها المبتعثات من أي محاولات تحرش قد تحدث لا سمح الله، مشيرة إلى أن هناك مواقع إلكترونية كثيرة ساعدتها في الوصول إلى نموذج يتسق مع حجاب المسلمة ويراعي في السياق ذاته الموضة التي لا تتعارض مع قيمنا ومبادئنا الإسلامية.

من جهتها، قالت نورة اليوسفي، مبتعثة في نيوزيلندا، من خلال وسيلة تواصلها في «فيس بوك»، إنها استطاعت الاندماج في المجتمع النيوزيلندي بسرعة كبيرة، بل إنها أسهمت في إرساء دعائم الدعوة في نيوزيلندا، الشعب الذي وصفته بأنه يبحث عن دين ليعتنقه.

وقالت اليوسفي: تحظى نيوزيلندا بحرية الأديان والثقافات، بل يعتبر هذا الأمر من القضايا الحساسة لديهم، ويعتبرونها مرتكز الأمن القومي، كما أن الأحداث السياسية الأخيرة لم يتضرر منها المسلمون كما تضرر غيرهم، بل إن بعض المراكز الإسلامية استفادت من هذه الأحداث بطريقة غير مباشرة.

وأشارت اليوسفي إلى أنها ترجمت اعتزازها بهندامها الإسلامي في المساعدة نحو الإجابة عن أسئلة كثيرة، ووجدت في مسجد عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، وهو أكبر المساجد في نيوزيلندا، مرتعا خصبا للدعوة؛ حيث عكست السعوديات هناك ثمار وجمال أخلاقهن وفضيلتهن بالتعريف بالهوية الدينية التي لم تتعارض يوما من الأيام مع الثقافة الإسلامية الرصينة التي دأبن عليها في حياتهن.

وأفادت بأنه في مدينة كرايست تشيرش، وهي مدينة من كبريات مدن الجزيرة الجنوبية، وهي ثالث مدينة في نيوزيلندا من جهة كثرة عدد السكان وسعة المساحة «أنشأت رابطة العالم الإسلامي فيها مركزا إسلاميا عام 1984م، ولا يوجد مسجد آخر سوى هذا المسجد في تلك المدينة، وتتصدر هذه المدينة المكانة الأولى - في نظري - في العمل الإسلامي؛ حيث تسهم السعوديات مع أخواتهن المسلمات في تصحيح كثير من المفاهيم المغلوطة التي أفرزتها أحداث 11 سبتمبر (أيلول)».