السعودية: «التربية والتعليم» تتبنى استراتيجية للجودة الشاملة والاعتماد الأكاديمي

يطبق على 4 مراحل.. وفي 6 إدارات تعليم و12 إدارة عامة بالوزارة

100 مليون ريال تكلفة 4 مراحل لتطبيق الجودة الشاملة بالتعليم العام في السعودية («الشرق الأوسط»)
TT

في خطوة يعتبر فيها التعليم جزءا حيويا من منظومة الأعمال، أطلقت وزارة التربية والتعليم عددا من المبادرات التي تستهدف تجويد مدخلاتها ومخرجاتها في العملية التربوية والتعليمية، في إطار أنظمة الجودة الشاملة، لما لها من تأثير مباشر على النمو الاقتصادي على المستوى الشخصي والوطني، في وقت أصبح فيه الاقتصاد القائم على المعرفة خيارا استراتيجيا للدول، وتزداد الحاجة إليه مع التغيرات التي يشهدها العالم المعاصر وتفوق أي عصر سابق، وتتأكد هذه الحاجة في التعليم العام في مجتمعنا الذي تتزايد فيه أعداد السكان ضمن مراحل التعليم العام لتصل إلى 10 ملايين نسمة خلال العقدين القادمين.

وبحسب تقرير حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، فإنه يؤكد على أن وزارة التربية والتعليم السعودية أنشأت إدارة للجودة عام 2009، تسعى لتبني استراتيجية لرفع كفاءة النظام التعليمي، وتحرص على تهيئة البيئة التربوية المحفزة للجودة والتميز عند المتعلمين والمعلمين على حد سواء، كما تعمل على تمكين المدرسة من قيادة عمليات التغيير والتطوير بما يضمن تقديم خدمات تربوية وتعليمية نوعية لجميع شرائح المتعلمين والمتعلمات وفقا لاحتياجاتهم وما تسمح به إمكاناتهم وسرعة تعلمهم. في وقت يواجه فيه تطبيق الجودة الشاملة في التعليم في المملكة تحديات حقيقية تتمثل في ضعف حصيلة الطلاب المعرفية، وانخفاض الكفاءة، وعدم مواكبة التعليم لحاجة سوق العمل السعودية وللاقتصاد العالمي القائم على المعرفة.

ولحداثة تجربة الجودة في التعليم فإنها واجهت عددا من المعوقات، تركزت في الجانب التطبيقي وليس في التخطيط، كضعف قناعة المؤيدين بالجودة، ومقاومة التغيير، واستعجال النتائج، وضعف مشاركة العاملين، والتقليد لتجار بالمدارس الأخرى، وانتشار مفاهيم خاطئة حول الجودة، والخوف من أساليب العمل الجديدة كضعف النظام المعلوماتي بالمدرسة، وكذلك ندرة توافر البيانات والمعلومات عن النظام التعليمي على نحو دقيق وسريع.

وقد خطت وزارة التربية والتعليم بالسعودية خطوة جيدة في هذا المضمار بتنظيم المؤتمر الدولي الأول للجودة الشاملة في التعليم العام في عام 2011، والذي دعت خلاله اليونيسكو إلى اعتماد وتأسيس مركز إقليمي للجودة والتميز في التعليم العام يكون مقره المملكة، وتنظيم مؤتمر عالمي دوري في جودة التعليم العام، وتخصيص يوم عالمي للجودة في التعليم العام لنشر ثقافة الجودة.

وكان من نتائج المؤتمر إعلان عدد من مبادرات الشراكة المجتمعية مع عدد من الأفراد والمؤسسات الحكومية والخاصة، كانت في طليعتها مبادرة الهيئة الملكية للجبيل وينبع في دعم إنشاء مراكز الجودة والتميز في التعليم العام في كل من مدينتي الجبيل وينبع، ودعم مبادرة «الكايزن» لنشر ثقافة الجودة والعمل المؤسسي وتدريب القيادات التربوية في الوزارة على متطلبات تطبيق الجودة الشاملة في التعليم العام، ومبادرة هيئة المواصفات والمقاييس والجودة في إطلاق الشراكة الاستراتيجية بين وزارة التربية والتعليم والهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة في تحقيق الرؤية المستقبلية للجودة 2020 «المملكة السعودية بمنتجاتها وخدماتها معيار عالمي للجودة والإتقان»، وإدراج قطاع التعليم في جائزة الملك عبد العزيز للجودة في دورتها الثالثة.

وتبني الهيئة عددا من المدارس في المملكة وتقوم بتهيئتها لنظم الجودة وفق معايير دولية بالاتفاق مع جهات متخصصة في هذا المجال، وبادر عدد من الشركات ورجال الأعمال كالشيخ عبد اللطيف بن حمد الجبر، وشركة «إيديوكوم» العربية، والشيخ طارق بن عبد الهادي القحطاني، ببناء عدد من المجمعات التعليمية والمدارس ورياض الأطفال وتجهيزها.

وهناك كذلك مبادرة برنامج الشمال للتنمية بالتعاون مع جامعة أكسفورد وشركة «ركيزة للتعليم» التي ستعمل على تطبيق «برنامج السعودية أكسفورد للقيادة والتميز والجودة للمعلمين»، وتستهدف تدريب القيادات التربوية والمعلمين في مناطق المملكة على مدى 5 سنوات. بجانب عدد من المبادرات من شركة «أرامكو السعودية» المتمثلة في تبني أعداد من الطلاب والارتقاء بالعلوم والرياضيات والتوأمة بين الطلاب المتميزين من مرحلة الصف الثاني الثانوي وأساتذة باحثين في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية، ونوادي العلوم والرياضيات بالتعاون مع مركز الأمير سلطان بن عبد العزيز للعلوم والتقنية، لتحفيز التفكير النقدي وحل المسائل، والتوعية بأهمية المعرفة الهندسية بالتعاون مع معهد مهندسي الإلكترونيات والكهرباء.

كما تمخض المؤتمر عن إطلاق مبادرة وزارة الثقافة والإعلام السعودية بتخصيص برامج إعلامية مرئية ومسموعة ومقروءة موجهة لنشر ثقافة الجودة، لإثراء العملية التعليمية وتجويد مخرجاتها والوعي بمجالات تطبيقها في المجتمع بشكل عام وفي التعليم بشكل خاص.

ويسعى المشروع الذي تتبناه وزارة التربية والتعليم للجودة الشاملة إلى تحديد وتصميم وتوثيق جميع العمليات الرئيسية في الممارسات الإدارية والفنية، بهدف نمذجة تلك العمليات وتوثيق إجراءات العمل بطريقة معيارية، وبناء خرائط العمليات التوضيحية لهذه الإجراءات، ومراجعتها، وتحديثها، وتبسيطها، وتطوير مؤشرات قياس أدائها، بما يكفل رفع فاعليتها وكفاءتها المؤسسية، وجودة الخدمة المقدمة للمستفيدين، في ضوء التوجهات التطويرية المستقبلية للوزارة.

كما يعمل المشروع على تأهيل تلك الجهات للحصول على الاعتماد وفقا للمعايير العالمية، ويرتبط المشروع زمنيا بخطة التنمية التاسعة، ويطبق على 4 مراحل، ليشمل جميع المناطق والمحافظات بالبلاد، إضافة إلى جهاز الوزارة، وتقدر تكلفة المشروع بما يقارب 100 مليون ريال، ويطبق المشروع حاليا في 6 إدارات تربية وتعليم، وفي 12 إدارة عامة في جهاز الوزارة.

إلى ذلك، تبدو أهمية المعرض والمنتدى الدولي الثاني للتعليم عام 2012، في ترسيخ كل مبادرات الجودة الشاملة، وتوفير بيئة مناسبة للجديد من الأفكار والمساهمات، كذلك المحافظة على وتيرة الاستثمار الفعلي في التعليم، ومنح المنظمات والشركات الحكومية والأهلية فرصة المساهمة والاستفادة.