دراسة بريطانية: تصنيف الطلاب على حسب القدرة يزيد من معدلات التسرب في المدارس

18% من البريطانيين في الـ15 من عمرهم لا يمتلكون مهارة القراءة

تصنيف الطلاب حسب القدرة أضر بأسر المهاجرين في المدارس البريطانية
TT

حذرت دراسة عالمية أجريت على نطاق واسع من آلاف المدارس الابتدائية في بريطانيا تحبس التلاميذ في دائرة من الأضرار عبر تصنيفهم في مجموعات على حسب القدرات.

وقام مجموعة من الخبراء بمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (مؤسسة بحثية في باريس) بتحليل نسبة النجاح والفشل في الأنظمة التعليمية بـ39 دولة من أكثر الدول تطورا في العالم ووجدت أن الدول التي لجأت إلى تصنيف الطلاب في سن صغيرة على حسب القدرات شهدت معدلات أعلى في نسبة التسرب من التعليم ومعدلات أقل في الإنجازات.

ووجدت الدراسة التي أجراها معهد التعليم التابع لجامعة لندن في العام الماضي أن واحدا بين كل ستة طلاب يتم تصنيفه حسب قدراته الأكاديمية في سن السابعة.

قالت بياتريز بون، خبيرة التعليم وأحد مؤلفي الدراسة بمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، إن تصنيف الطلاب في سن صغيرة إلى مجموعات وفق قدراتهم يشكل دائرة فاسدة يتوقع فيها المعلم إنجازات قليلة من الطلاب ذوي القدرات الأدنى، والذين كانوا يحبسون في بيئة تعليمية أقل حتى قبل أن يحصلوا على فرصة لتنمية قدراتهم.

كما أظهرت دراستها، التي جاءت تحت عنوان «المساواة والجودة في التعليم: دعم المدارس والطلاب المتضررين»، أن المعلمين الأكثر خبرة وكفاءة يقومون بالتدريس للطلاب ذوي القدرات الكبيرة.

وأشارت بياتريز أيضا إلى أن التصنيف حسب القدرات يفاقم انعدام المساواة لأن المهاجرين والطلاب من الأسر محدودة الدخل هم على الأرجح من يتم تصنيفهم ضمن المجموعات الأقل قدرة. وتشترك الولايات المتحدة وبريطانيا في أعلى نسب لتصنيف الطلاب حسب قدراتهم تصل إلى حد 99 في المائة في كل منهما، أما في دول مثل فنلندا - المعروفة بارتفاع مستوى أداء الأنظمة التعليمية بها - فالنسبة فيها أكثر انخفاضا حيث تصل إلى 58 في المائة. كان تصنيف الطلاب إلى مجموعات حسب القدرات شيئا معتادا في بريطانيا في الأربعينات والخمسينات ولكنه اختفى تقريبا في التسعينات بسبب ما أظهرته الدراسات من عدم تأثيره على التحصيل ككل، لكن عاد مجددا بشكل تدريجي في المدارس البريطانية. كما أظهرت الدراسة أيضا أن نسبة الطلاب ذوي المهارات المتواضعة في القراءة أعلى في بريطانيا منها في الدول المنافسة لها.. فـ18 في المائة من الطلاب في بريطانيا في سن الخامسة عشرة لا يمتلكون المهارات الأساسية للقراءة. وتمثل هذه النسبة المتوسط بالنسبة لدول منظمة التعاون والتنمية لكن المعدلات في عدة دول أخرى أقل بكثير من معدلاتنا. فالمتوسط على سبيل المثال في دول مثل فنلندا يبلغ 8 في المائة، والنرويج 15 في المائة، والسويد 17 في المائة، بينما يصل المعدل في مدينة مثل شنغهاي بالصين إلى 4 في المائة.

ووجدت الدراسة أن قرابة الخمسة - 18 في المائة - من الطلاب ممن تتراوح أعمارهم بين الـ25 إلى الـ34 في بريطانيا لم يتموا تعليمهم بالمرحلة الثانوية بينما وصلت النسب في دول مثل كندا إلى 8 في المائة، والولايات المتحدة إلى 12 في المائة، و14 في المائة في ألمانيا.

من ناحية أخرى، أوضح الباحثون أن بريطانيا أفضل من كثير من منافسيها في تقليل الفجوة ما بين الطلاب الوافدين والذين نشأوا هنا وأن الفجوة في مهارات القراءة أقل حجما في بريطانيا عنها في فرنسا وألمانيا وفنلندا.

كما أظهرت الدراسات أن هناك نسبة عالية من الطلاب في بريطانيا يفضلون دراسة المواد الأكاديمية عن المواد المهنية، وذلك بمقارنة مع غالبية الدول الغنية في العالم.. ففي بريطانيا التحق 69.5 في المائة من الطلاب بالمرحلة الثانوية العام الماضي بدراسة مواد أكاديمية بينما التحق 30.5 في المائة بمواد مهنية، وهي بذلك تحتل المرتبة الثامنة ضمن الدول ذات المعدلات المنخفضة في التعليم المهني بالمقارنة مع جميع الدول، أما عن نسبة الالتحاق بصفوف المواد المهنية والأكاديمية فتكاد تكون متساوية تقريبا في دول منظمة التعاون والتنمية، بينما نسبة أعلى من الطلاب تلتحق بالتعليم المهني وليس الأكاديمي بدول مثل ألمانيا والنمسا وفنلندا.

وأضافت بون أن الدول لا بد أن تكافح لجعل التعليم المهني والأكاديمي متكافئين، وتوصي الدراسة الدول بتحسين النظم التعليمية بأن يحولوا دون رسوب الطلاب، والحد من التصنيف على أساس القدرات وتخصيص التمويل طبقا لحاجة الطلبة.

وأشار المتحدث الرسمي بوزارة التعليم إلى أنه على المدارس أن تقرر كيف ومتى يتم تصنيف الطلبة في مجموعات طبقا لقدراتهم، وقال «أظهرت الأبحاث أنه عندما يتم تكوين المجموعات بطريقة صحيحة فبإمكانها أن تساهم في صياغة العملية التعليمية بحيث تتوافق مع الحاجات المختلفة لمجموعات الطلبة، لكن التقييم غير الدقيق للقدرات أو الذي لا يستخدم لتعديل التدريس بما يتوافق مع احتياجات المجموعة قد يؤدي إلى الانقسام والحد من تطلعات الطلبة للنجاح».