السفير السعودي لدى اليونيسكو يرفض اعتبار «العربية» لغة مهددة بالانقراض

غضب جماعي من ترجمة «غوغل».. ومطالبات بتعليم الأساتذة قبل الطلاب

TT

بيروت: سوسن الأبطح

رفض زياد إدريس، سفير المملكة العربية السعودية لدى اليونيسكو، التقرير الذي صدر عن اليونيسكو منذ سنوات والذي اعتبر أن اللغة العربية إحدى اللغات المهددة بالانقراض، لافتا إلى أن المؤتمر ضج بأعداد من الأكاديميين والباحثين وافتقر إلى وجود إعلاميين، وفئة الشباب.

واجتمع ما يقارب 800 باحث الأسبوع الماضي في بيروت، آتين من مختلف الدول العربية، وعقدت ما يقارب ثمانين جلسة على مدار ثلاثة أيام في إطار مؤتمر «العربية لغة عالمية، مسؤولية الفرد والمجتمع والدولة» الذي دعا إليه «المجلس الدولي للغة العربية».

رحب المشاركون باجتماع هذا العدد الغفير من المعنيين بلغة الضاد، وتبادلهم للأفكار، لكنهم وجدوا أن الأبحاث التي وصلت إلى 250 بحثا كانت كثيرة ولم تكن بالجودة المناسبة، والجلسات لكثرتها شتتت تركيزهم، مطالبين أن يكون المؤتمر في دورته الثانية العام المقبل حيث سيحمل عنوان «اللغة العربية في خطر» أكثر تركيزا.

قدم بعض العاملين في مجال تعليم اللغة العربية أساليب جديدة، مثل «معهد العوسج للتعليم» حيث يطبق المعهد أساليب تعليم اللغة الإنجليزية قراءة وكتابة على العربية، ويبدو أن هذه الاستراتيجيات أثمرت نتائج طيبة. كما قدمت الباحثة وفاء بنت حافظ بن عشيش العويض دراسة حول «تدريب لإكساب المتعلمين مهارات التفكير الإبداعي أثناء نظم الشعر في المرحلة الثانوية بالمملكة العربية السعودية» عارضة لأهداف البرنامج والطرق المستخدمة لقياس المهارات.

عبد العزيز عبد الصمد الدليجان، قدم بحثا عن «تجربة أندية (التوستماسترز) العربية»، متحدثا عن أفضل الطرق لتعلم وممارسة اللغة العربية الفصحى والتي تتم بالطريقة التواصلية من خلال تجربته العملية في أندية الخطابة (التوستماسترز). مبينًا أن هذه الطريقة «هي أحد أركان البرنامج التعليمي لتلك الأندية» مستعرضا ماهية، ونشأة، وأهداف، ورسالة البرنامج التعليمي في منظمة التوستماسترز العالمية، وطريقتها التواصلية.

كانت المداخلات والجلسات من الكثرة بحيث يصعب الإحاطة بها لكن المنظمين وزعوا كتابا من أربعة أجزاء في 2250 صفحة ضم كل البحوث المقدمة.

واضح أن الجانب التكنولوجي بات يشغل الباحثين، هناك من انتقد بقوة استعمال الحرف اللاتيني لكتابة العربية، في تبادل الرسائل النصية وعلى «فيس بوك». وتعرض مدير قسم اللغة العربية في شركة «غوغل» فايق عويس المشارك في المؤتمر إلى سيل من الأسئلة وأحيانا الاتهامات، بشأن شركته.

إلى ذلك طالبت أستاذة بإلغاء خدمة الترجمة الرديئة والركيكة التي تقدمها «غوغل»، وبات يعتمد عليها الكثير من الطلاب العرب، واتهمت سيدة أخرى «غوغل» بالتفريق بين العربية والإنجليزية أو الفرنسية.

وقالت إنها حين تبحث عن أمر ما بالإنجليزية تأتيها النتائج العلمية أولا، والمعلومات الرصينة، أما حين تبحث عن الموضوع بالعربية فغالبا ما تتصدر المنتديات الإجابات، وهو ما ينعكس سلبا على الطلاب الباحثين والمستفيدين من الخدمة. معتبرة أن «غوغل» تتعامل بمهنية أقل مع اللغة العربية.

هذا الأمر نفاه فايق عويس شارحا أن محرك البحث «غوغل» يترجم تبعا لنظام إحصائي يستفيد من التراكيب الموجودة في المحتوى العربي على الإنترنت، فإذا كان المحتوى ضعيفا وركيكا، جاءت الترجمة كذلك. والأمر نفسه ينطبق على البحث، فطالما أن المحتوى العربي ضعيف والمنتديات هي الغالبية فإن عملية البحث ستبقى نتائجها على ما هي عليه. بمعنى آخر فإن أهل اللغة وحدهم هم القادرون على تحسين وضعها على الشبكة، لا أي شركة مهما عظم أمرها. ناصحا الأكاديميين بالاعتماد على قسم «الباحث العلمي» بدل البحث العام.

وتم الإعلان في نهاية المؤتمر عن «وثيقة بيروت» التي تضمنت عددا من التوصيات التربوية منها: «إلزام المعلمين والمعلمات بدورات تدريبية يتم وضعها من قبل مختصين حتى يجتازوا بإتقان أساسيات الكتابة والنطق والمحادثة والقراءة باللغة العربية السليمة، مع الإلحاح على عدم تجاوز هذه القضية مهما كلف الأمر، وجعل إتقان اللغة العربية لجميع المعلمين والمعلمات في جميع التخصصات من شروط التوظيف والاستمرار في العمل والتقييم المهني السنوي لهم».

كما نصت الوثيقة على وجوب أن «يتم تصميم المناهج والكتب الدراسية وفق مخطط لغوي وعلمي شامل حسب الوحدة الدراسية والمقررات والمرحلة الدراسية لضمان قياس مهارات الطلاب والطالبات اللغوية وتحديد مواطن الضعف والقوة لديهم لتحديد أسبابها ومعالجتها من خلال الاختبارات المعيارية المقننة، مع الاستفادة من نتائج الاختبارات في تطوير المناهج والمقررات وطرائق التدريس وإعادة تأهيل المعلمين والمعلمات وتدريبهم وتحديث السياسات التعليمية».

وناقشت الوثيقة مسألة تعريب التعليم الجامعي وأوصت لذلك بأن «تعالج أزمة الترجمة وغيابها غير المبرر، بتأسيس مراكز ترجمة في كل جامعة تقوم بمتابعة أحدث الكتب والمراجع وترجمتها بشكل فوري. وتوضع لهذه المراكز ميزانيات كافية وفق نظام إداري محكم يعمل وفق أحدث التقنيات ويتعاون مع جميع التخصصات والمختصين». وطالبت الوثيقة بأن «يتم التنسيق بين مراكز الأبحاث في الجامعات بغية توزيع المهام وتكامل الجهود لتوفير أحدث ما ينتج في البلدان المتقدمة باللغة العربية. كما يجب الاستفادة من المترجمين المتخصصين في مجالات تخصصاتهم وفق استراتيجية واضحة».

ورأى البعض ضرورة التوجه بهذه التوصيات إلى جامعة الدول العربية، فيما رأى البعض الآخر أنها يجب أن تصل إلى أصحاب القرار، مع الحرص على دعوة مسؤولين ووزراء معنيين العام المقبل، لإطلاعهم على ما يحدث في المؤتمر.