دراسة أكاديمية: 45% من السعوديين يلتحقون ببرامج الدراسات العليا

برامج الابتعاث وجهت البوصلة نحو المجتمع المعرفي

الدراسات العليا هي البوابة الكبرى التي يطرقها السعوديون نحو المجتمع المعرفي
TT

كشفت دراسة أكاديمية عن أن نسبة التحاق الجامعيين السعوديين ببرامج الدراسات العليا تجاوز الـ45 في المائة عن طريق برامج الابتعاث، وبرامج «الضم»، والتعليم الموازي والنظامي في الجامعات السعودية.

وقالت الدراسة التي قدمها محمد الخالدي، أكاديمي في جامعة أم القرى في السعودية، وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها، إن برامج الابتعاث والبرامج النظامية وبرامج التعليم الموازي، أضحت نقطة تحول دفعت السعوديين نحو التحول إلى المجتمع المعرفي، وباتت شرائح كثيرة من المجتمع السعودي تجنح نحو إكمال الدراسة بشتى الطرق.

وقال الخالدي لـ«الشرق الأوسط»، إن دراسته استندت إلى مرجعيات واستبانات هدفت نحو معرفة الحاجة الماسة نحو تهافت السعوديين نحو إكمال دراساتهم، وفيها اتضح أن أكثر من 80 في المائة كانت أهدافهم أكاديمية تعليمية، و10 في المائة كانت من أجل تحسين الدخل والانتقال للتدريس الأكاديمي، والـ10 في المائة المتبقي كانت من أجل الحصول على اللقب.

وأضافت الدراسة، أن معظم الطلبة من الجنسين يسعون نحو الالتحاق بالدراسات العليا عن طريق برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي، معتبرين أن البرنامج يعد البوابة الأكبر والأوسع نحو خلق المجتمع المعرفي عن طريق الاحتكاك بأكبر البرامج التعليمية في أرقى الجامعات العالمية.

وأفادت الدراسة بأن الغايات والدوافع اختلفت وراء الحصول على الشهادات العليا، بين الحاجة لدخول سوق العمل أو السعي وراء تغيير المنصب الوظيفي، وما بين الطبقة الاجتماعية، حيث إن ارتفاع نسبة الإقبال على الحصول على شهادة الدراسات العليا ينم عن الحراك الاجتماعي في المجتمع العربي بشكل عام، والسعودي بشكل خاص، حيث أصبح التعليم الجامعي الآن ضرورة من ضرورات الحياة.

وأشارت الدراسة إلى أن تلك البرامج الأكاديمية تسهم في تأهيل طلاب الدراسات العليا من خلال تأطير الجوانب النظرية والتطبيقية والمواءمة بينهما واستخدام برامج جديدة في مجال الاختصاص أيضا في السماح للطلاب بالتدريب العملي والميداني، واستخدام تقنيات حديثة في التدريس، واستخدام مراجع ومصادر جديدة، والاهتمام في إجراء تبادل المعلومات بين الجامعة والجامعات الأخرى والتركيز على ربط الدراسات باحتياجات سوق العمل.

واجتماعيا تطرقت الدراسة إلى أن المؤهل بالدراسات العليا يكون في الغالب أكثر مساهمة في بناء المجتمع، سواء في مجال تخصصه أو غيره، فإذا جئنا على سبيل المثال إلى المواقع الوظيفية في المجتمع التي تتطلب علما في أي مجال من المجالات لوجدناه بمن هو مؤهل تأهيلا علميا عاليا، وإنه من الأسباب المهمة في نمو المجتمعات وتطورها هو عطاء أصحاب الدراسات العليا كل في مجاله.

وأفاد الأكاديمي بأن المقاعد المتاحة للدراسات العليا في الجامعات السعودية قليلة جدا لا تتلاءم مع عدد الراغبين في الدراسة والمؤهلين لها، والدليل على ذلك أنك تجد في بعض الجامعات يتقدم المئات من ممن تنطبق عليهم الشروط العامة، ولكن لا يقبل منهم إلا العشرات حسب المقاعد المتاحة، مما يضطر الطلاب بسبب أو آخر نحو الالتحاق ببرامج التعليم الموازي، موضحا أن بعض الجامعات تضيف شروطا خاصة من أجل الانتقاء.

وزاد بالقول: «إن هناك أمرا مهما في هذا الجانب وله أثر كبير في زيادة عدد المقبولين في الجامعات السعودية، وهو زيادة عدد أعضاء هيئة التدريس المؤهلين للتدريس في الدراسات العليا والإشراف على الرسائل العلمية، بشكلٍ أكثر فاعلية».

وحول مشاكل اللغة التي تعتري الطلبة المبتعثين، قالت الدراسة، إن كثيرا من الطلاب يعتقدون أن عدم أو قلة مستوى اللغة لديه تعتبر مشكلة، لذا فإن القائمين على برامج الابتعاث يقومون بتهيئة الطالب، حيث يوضح له منذ البداية وقبل سفرة كيفية التصرف وشق الطرق نتعامل مع أفضل المدارس والجامعات الموثوقة والمعترف بها، وعن طريق الشركاء نقوم بتوفير أفضل أنواع السكن، سواء كان السكن مع العائلة أو السكن الداخلي.

وقالت إن برامج التعليم الأكاديمي تشمل تعلم اللغة وتعلم ثقافة البلد، عادات وتقاليد أهلها، التعرف على أصدقاء جدد وقضاء وقت ممتع (مع الالتزام والمحافظة على تعاليم ديننا الحنيف)، وتقديم المساعدة لتحقيق هذا الهدف، بالإضافة لزيادة تقدير أهمية البحث العلمي في الجامعات والمراكز البحثية، سواء من صانعي القرار السياسي والمالي أو من المجتمع، وزيادة ميزانية البحث العلمي في الجامعات السعودية، خاصة الميزانيات المرتبطة ببحوث طلاب الدراسات العليا، مع تخصيص الدعم للأقسام العلمية المختلفة، وتسهيل وسائل الحصول عليه.

وأفاد بأن من ضمن الاستراتيجيات الفاعلة هي ربط خطط الدراسات العليا بالجامعات والبحوث التطبيقية للطلاب بخطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وكافة مجالات النشاط بالمملكة، حتى تتمكن الجامعات من تحقيق أهداف الدراسات العليا في توجيه البحث العلمي لخدمة المجتمع، بالإضافة إلى فتح قنوات اتصال دائمة بين الجامعات ومراكزها البحثية وطلاب الدراسات العليا، من أجل توافق مواضيع رسائلهم مع متطلبات واحتياجات القطاعات الاقتصادية الوطنية، وإيجاد الآلية العلمية التي تحقق هذا الاتصال، مثل إشراك قطاع الأعمال في لجان استشارية بالجامعات، وإنشاء لجان مشتركة بين القطاعين، ويمكن أن ينتج عن ذلك حصر وصياغة لأولويات مواضيع الرسائل العلمية ومجالات تطبيقها.

وقال الخالدي «يجب التأكيد على أهمية الإشراف الجيد والفعال على رسائل الدراسات العليا، وتوجيه الطلاب إلى الاتجاه الصحيح، حتى يسهموا ببحوثهم في خدمة التنمية والمعرفة، والتأكيد على دور الإشراف الجيد في إنهاء طلاب الدراسات العليا لبحوثهم في الوقت المحدد لهم نظاما، تفاديا لمشكلة الإطالة في مدة دراستهم، ناهيك عن الاهتمام في برامج الدراسات العليا بتشجيع إجراء البحوث في مواضيع تتصف بالإبداع والابتكار، حتى لو تطلب ذلك تمويلا من الجامعات لبعض البحوث التكميلية، ليساعد ذلك في تخريج طلاب متميزين دراسيا وعلميا، مع تشجيع المبادرات الفردية للإبداع والتميز».

واختتم بالقول: «يجب تيسير وتبسيط الإجراءات الإدارية المتعلقة بتسجيل عنوان الرسالة ومناقشتها وإجازتها، وكذلك تسريع حصول الطلاب على وثائق التخرج والمسارعة في توفير مستلزمات البحث العلمي في الأقسام العلمية ومراكز البحوث العلمية في الجامعات وعمادات الدراسات العليا، وذلك فيما يرتبط بالتقنيات والمراجع العلمية الحديثة والمختبرات والتجهيزات ومستلزماتها، التي لا يمكن أن تتحقق أهداف البحث العلمي دون توفيرها، بوصفها مستلزمات وتسهيلات أساسية، وتفعيل الموارد الاستثمارية لدى الجامعات، لدعم مخصصات البحث العلمي، عن طريق تقديم خدمات بحثية للقطاع الخاص مدفوعة الأجر».