أميركا: كيف تلتحق بالجامعة المفضلة لديك؟

الأمر يبدأ بالتفكير ومن ثم الالتحاق ببرامج متخصصة

TT

منذ أن كانت في الصف الثاني، استفادت ناتالي من برنامج الاندماج الطوعي في هذه المدينة، حيث تترك منزلها الكائن في أحد أفقر الأحياء في المدينة في الساعة السادسة والنصف صباحا وتستقل حافلة لأكثر من ساعة للوصول إلى حي نيوتن، وهو أحد الأحياء الثرية في المدينة والذي توجد به مدارس على أعلى مستوى من الجودة. في بعض الليالي، كانت ناتالي تقوم بكم هائل من الأنشطة إلى الدرجة التي تجعلها لا تتمكن من الوصول إلى المنزل قبل الساعة العاشرة مساء، وغالبا ما تظل مستيقظة حتى منتصف الليل للمذاكرة.

وفي مدرسة نيوتن نورث، اندهشت ناتالي عندما رأت العدد الكبير من الآباء الذين يقومون بمساعدة أبنائهم في تخطي عملية التقدم للكليات. كان والد ناتالي، الذي يعمل سائق تاكسي، ووالدتها، التي تعمل معلمة في مرحلة ما قبل المدرسة، على دراية كافية بكيفية بناء حياة جديدة في الولايات المتحدة الأميركية بعد أن انتقلا من كولومبيا منذ 20 عاما، وكيفية تربية ثلاثة أطفال وشراء منزل جديد، ولكنهما لم يكونا على دراية كافية بالتحضير لاختبار الكفاءة الدراسية «سات».

اكتشفت ناتالي برنامجا مجانيا، يحمل اسم «دعونا نستعد» ((Let›s Get Ready، الذي يساعد المراهقين محدودي الدخل في شتى أنحاء شمال شرقي الولايات المتحدة على الاستعداد لاختبار «سات». يساعد هذا البرنامج الطلبة في ملء استمارات الجامعة وكتابة المقالات والتدرب على المقابلات الشخصية والتحضير لاختبار «سات».

يطلب من الطلبة كتابة مقال يشرحون فيه لماذا يريدون المشاركة في برنامج «دعونا نستعد».

جلست ناتالي على طاولة مطبخها وكتبت مسودة لهذا المقال بخط يدها أولا، ثم قامت بكتابتها على الكومبيوتر المحمول الخاص بها وعكفت على إعادة صياغتها لمدة ساعتين ثم تركتها يوما لتتأكد من أنها لا تزال تبدو جيدة.

كتبت ناتالي: «أتضايق حقا من الفجوة بين اختبار الكفاءة الدراسية واختبار الكليات الأميركية (إيه سي تي)»، حيث إنني أعلم أن الكثير من أصدقائي الملونين يستطيعون تحسين مستواهم، إذا كان بإمكانهم تحمل تكاليف حضور بعض الدروس أو تكاليف جلب مدرس خاص».

«أود الاستفادة الكاملة من المعرفة الإضافية التي توفرها تلك الدروس. سوف أعرض ما أعرفه وما لا أعرفه عن طيب خاطر، فأنا شخصية ودودة ومفعمة بالنشاط، وهو الشيء الذي أريد مشاركته مع البرنامج. لا أريد أن تحكم علي الكليات بناء على درجات ضعيفة حصلت عليها في اختبار ما، مع علمي أنني أفضل من ما تشير إليه تلك الدرجات».

تمثل الفتيات أكثر من 70 في المائة من إجمالي عدد الطلبة الملتحقين بهذا البرنامج، وتتراوح أعداد الفتيات في أحد أقسام اختبار الكفاءة الدراسية في بوسطن بين 310 إلى 690.

يلتحق أكثر من 80 في المائة من الطلبة المنضمين للبرنامج بكليات مدة الدراسة بها أربع سنوات، على الرغم من أن الفضل في ذلك لا يمكن أن ينسب إلى البرنامج وحده. فمعظم هؤلاء الطلبة طموحون، مثل ناتالي، ولا ينامون إلا ساعات معدودة ويأتون من مدراس عليا متميزة في بوسطن بعد خضوعهم لاختبارات قبول.

تستقل جيسيكا تشارلز حافلتين ومترو أنفاق كل صباح للذهاب إلى مدرسة «بوسطن لاتين». وبعد المدرسة، تحضر جيسيكا دروسا في رقص الخطوات «ستيب دانسينغ» ثم تأخذ حافلتين أخريين ومترو أنفاق للوصول إلى موقع برنامج «دعونا نستعد».

تتلقى جيسيكا المساعدة في كتابة مقالات الجامعة من مولي كيلي، وهي طالبة في العام قبل الأخير في جامعة هارفارد. تكتب جيسيكا مقالا حول رسوبها في برنامج التعيين المتقدم لعلم الأحياء (دورة أو اختبار يقدمه مجلس الكلية لطلاب المدارس الثانوية للفوز بفرصة لحضور دورة في علم الأحياء على مستوى الكلية) في أحد الفصول الدراسية نتيجة لعدم طلبها المساعدة من أحد. كتبت جيسيكا قائلة: «لقد كنت دوما مترددة، فلم أرغب في أن يتشكك الناس في ذكائي». أدى حصول جيسيكا على تقدير «إف+» إلى تغيير تلك الفكرة.

يندهش البعض عندما يعرفون أن الدورة الخاصة بمساعدتهم على معرفة كيفية التقديم للالتحاق بالكليات ليست في الحقيقة منصبة على التعلم. تقول باربرا أفوغو، طالبة في السنة النهائية في مدرسة «بوسطن لاتين»، التي تحلم بأن تصبح طبيبة: «يعلموننا بعض الخدع التي يحاول مجلس الكلية إيقاعنا فيها».

يتعلم الطلاب، في الاستعدادات الخاصة باختبار الكفاءة الدراسية لمادة الرياضيات، طريقة «التوصل للحل الصحيح»، حيث يقومون باختيار أرقام من إجابات أسئلة الاختيار من متعدد تتناسب مع الأسئلة. أما في الإعداد الكتابي لاختبار الكفاءة الدراسية، فيتعلمون أكثر الأخطاء النحوية التي سيطلب منهم التعرف عليها على الأرجح، وهي مسألة الاتفاق بين الفاعل والفعل.

ويطلب من الأشخاص الذين يجرون المقابلات أن يقوموا بتحضير أسئلة مسبقا.

تتساءل باربارا: «إن لم يكن بمقدورك التفكير في أي شيء، فهل ممن الممكن أن تقوم بطرح سؤال ما تعرف الإجابة عنه؟».

وعندما طُلِب من ناتالي أن تصف نفسها في ثلاث كلمات، انتقت ناتالي الكلمات التالية: «جديرة بالثقة، ودودة، مدمنة عمل».

تقول السيدة ليشتمان، مدرسة الرياضيات، إن تلك هي الكلمات الصحيحة التي ستمكن ناتالي من الحصول على خطاب تزكية.

حصلت ناتالي في أول فصلين دراسيين على درجتي 89 و86 في مادة الرياضيات، ولكنها حصلت على تقديرات أقل ف يما بعد في حساب المثلثات واللوغاريتمات والأسس. تقول ناتالي: «الكسور وثابت الدائرة.. يا إلهي كم هي حسابات صعبة!».

على مدار أسابيع، كانت ناتالي تبقى في المدرسة بعد انتهاء أوقات الدراسة لتلقي المساعدة.

يطلب القليل من الطلبة الذين يحلمون بالالتحاق بإحدى الكليات المرموقة، توصية من معلم أعطاهم تقدير «سي»، ويوافق عدد قليل من المعلمين على منح توصية قوية لطلبة حاصلين على تقدير «سي». تقول السيدة ليشتمان: «أنا لا أبالي بالتقدير النهائي. لقد أظهرت ناتالي أخلاقيات عمل ستجعلها ناجحة في حياتها الجامعية والشخصية، وهذا هو الأهم».

إن التفكير المكثف في عملية القبول بالكليات قد يدفع ناتالي إلى الجنون، حيث يقوم الآباء والمستشارون بكتابة مقالات نيابة عن الطلبة ويذهب الأطفال إلى معسكرات صيفية خاصة باختبار الكفاءة الدراسية (سات) وتقوم مشاريع الخدمة المجتمعية بتسريع عملها للحصول على سيرة ذاتية.

* خدمة «نيويورك تايمز»