رئيس الجمعية العلمية السعودية للغة العربية يؤكد ازدياد الاهتمام العالمي بلغة الضاد

ستحتل المرتبة الثالثة عام 2050 من بين لغات العالم

TT

أكد الدكتور أحمد بن عبد الله السالم، رئيس الجمعية العلمية السعودية للغة العربية، لــ«الشرق الأوسط»، ازدياد الاهتمام العالمي باللغة العربية، مشيرا إلى أن التحولات العالمية التي تسارعت بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) سببت التفاتا إلى اللغة العربية بوصفها لغة يتكلم بها ملايين من البشر، ويتعبد بها ما يقارب المليار.

وقال السالم: «المتابع لما ينشر في الصحافة العالمية والعربية وعلى المواقع الشبكية يلحظ عدة مؤشرات على مستقبل جديد للغة العربية، وهو ما دفع القوات البريطانية إلى عقد دورات لتعليم اللغة العربية لعدد متنامٍ من جنودها في إطار الجهود للفوز بقلوب العراقيين وعقولهم؛ إذ يرى الجيش في جنوده الذين يتحدثون العربية رصيدا مهما لكسب ثقة السكان.

وقد زاد عدد الجنود البريطانيين الذين يتعلمون العربية إلى ثلاثة أمثالهم منذ بدء الاستعدادات لحرب العراق في عام 2003. ويدرس الكثير من الجنود البريطانيين اللغة العربية في معهد للغات تابع لوزارة الدفاع البريطانية في جنوب إنجلترا قبل توجههم إلى العراق. كما يقضي بعض الجنود أسبوعا واحدا في المعهد لتعلم العبارات والتحيات الأساسية، بينما يقضي آخرون ما يزيد على العام لكي يصبحوا مترجمين، وغالبا ما يكون ذلك بغرض العمل في مجال الاستخبارات.

ومهما كان الداعي لعقد هذه الدورات وعدد المستفيدين منها، ومستوى ما يتلقونه فيها، فإنه مظهر من مظاهر الاهتمام بالعربية، وقد يكون له آثار مستقبلية تحفز على التعرف إلى العربية تعرفا أكبر.

وفي بلجيكا أوجدت وزارة التعليم البلجيكية الإطار العام لدراسة اللغة العربية في جميع المدن والبلديات البلجيكية؛ لأن هناك طلبا على العربية، خصوصا من ذوي الأصول العربية والمسلمين البلجيكيين الأصليين، بحيث أصبحت العربية تدرس في كل مدن بلجيكا وبلدياتها تقريبا، الأمر الذي زاد من الإقبال على دراستها بصورة ملحوظة.

وهناك نية عبَّر عنها وزير التعليم البلجيكي بإدخال العربية في البرامج الإعدادية والثانوية لغة رابعة (إلى جانب الهولندية والفرنسية والألمانية)؛ لأنها اللغة الرابعة الأكثر انتشارا في بلجيكا.

وفي الولايات المتحدة الأميركية زاد عدد المعاهد التي تقدم دورات في اللغة العربية، وأصبح تعلم العربية جزءا من بعض المناهج الدراسية على مستوى رسمي وآخر شعبي.

وفي الشمال الأوروبي أفرزت الرسوم المسيئة للنبي، صلى الله عليه وسلم، اهتماما عند بعض الدنماركيين والسويديين للتعرف إلى العربية والإسلام، بعد أن لاحظوا مقدار ما أحدثته الرسوم من ردود فعل سريعة.

ومن أسباب الاهتمام بالعربية أيضا تنامي أعداد المهاجرين العرب في الدول الغربية، وهو ما دعا بريطانيا - كما يقول تقرير بريطاني جديد - إلى التفكير في تدريس اللغة العربية في المدارس البريطانية حتى لا يشعر الأطفال المسلمون بالعزلة في فصولهم الدراسية.

ويرى السالم أن تدريس اللغة العربية إلى جانب اللغات الأجنبية الأخرى التي تدرس في المدارس البريطانية سيساعد على تجنب شعور المسلمين بالعزلة عن زملائهم.

وحول دور الحكومة في نشر اللغة قال السالم: «إن الحكومة السعودية وفرت البيئات التعليمية المحفزة لنشر اللغة العربية من خلال تقديم برامج تعليمية وتدريبية وبحثية رائدة في مجال تعلم وتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها وتعلمها، وإقامة شراكة مع المجتمع المحلي والعالمي، وذلك عبر الجامعات السعودية. وكذلك تمكين أبناء المسلمين من تعلم اللغة العربية والشريعة الإسلامية، وتزويدهم بقدر كافٍ من القرآن الكريم حفظا والسنة المشرفة».

وقدمت السعودية منحا دراسية سنوية لأبناء المسلمين في جميع أنحاء العالم، وتتكون مهام تلك المعاهد وأنشطتها من خلال إعداد معلمي اللغة العربية للناطقين بغيرها، وإعداد الطلاب للالتحاق بالكليات بالجامعة وإقامة الدورات التدريبية لمعلمي اللغة العربية في البلاد الإسلامية والأقليات في الخارج وكذلك البحوث والمقررات الدراسية في مجال العربية لغير الناطقين بها.

وأكد السالم وجود أنشطة عدة، منها: تأليف كتاب تعليم اللغة العربية المكون من ستة أجزاء وتأليف كتب في تعليم الصوتيات في اللغة العربية، وتأليف كتب في مجالات تعليم العربية لغير الناطقين بها للقيام بالرحلات الطلابية إلى مدن المملكة للتعرف على البيئة السعودية وإقامة الموسم الثقافي السنوي في حلقات نقاش ومحاضرات تدريب. وأكد السالم أن مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز الدولي لخدمة اللغة العربية سيكون منارة من منارات خدمة اللغة العربية، وأهلها، والراغبين في تعلمها، وسيكون تجمعا لقامات من العلماء والمتميزين من شتى أنحاء العالم العربي؛ لتقديم خدماتهم واستشاراتهم للمتخصصين، وللبحث عن وسائل تبسيط العربية، وتقريبها للمجتمعات، وضبط المصطلحات اللغوية والنقدية، ونشر الكتب المتخصصة، وتشجيع الباحثين، وتقديم الدورات المتخصصة في مناهج تعليم العربية بأحدث الوسائل والتقنيات.