المعوقات النفسية والإدارية والنظامية.. ثلاثي يقود تردي اللغة الإنجليزية في السعودية

مصدر في الوزارة: المناهج الجديدة سيتم فرزها لمتابعة التغذية الراجعة منها ميدانيا

جهود تعليمية لخلق بيئة تعليمية جاذبة ومتنوعة في تعلم الإنجليزية
TT

كشف خبراء مناهج في السعودية عن 3 أسباب تقف خلف انحسار تعلم اللغة الإنجليزية داخل المدارس في السعودية، مبينين أن ثمة عوامل تحد من احترافية ممارستها، وتقوض العمل الممنهج والاحترافي الذي رسمت من أجله في الصفوف الدنيا والمتقدمة.

وأفصح مصدر تعليمي بارز لـ«الشرق الأوسط» أن مناهج اللغة الإنجليزية تجري تعديلات واسعة بخصوصها ولم يتم اعتمادها بشكل نهائي، سيما أنها طبقت بشكل محدود، خاصة على مرحلة الأول ثانوي بالسعودية، حيث ركزت الوزارة في تطوير مناهج اللغة الإنجليزية على مهارات اللغة المختلفة كالاستماع والتحدث والقراءة والكتابة والجانب الوظيفي للغة من خلال اختيار الموضوعات.

وأوضح أن الوزارة عملت من خلال لجنة استشارية من الخبراء والأكاديميين في تعليم اللغة والمختصين في الميدان التربوي ممن يشرفون على تعليمها على تطوير معايير تعليم اللغة الإنجليزية في المملكة، وذلك بتطوير وثيقة منهج اللغة الإنجليزية وفق الاتجاهات الحديثة والإفادة من التجارب العالمية في هذا الاتجاه ومتابعته ميدانيا للاستفادة من التغذية الراجعة من الميدان التربوي.

حالة لغوية متردية طالت اللغة الإنجليزية في صفوف التعليم بالسعودية نتيجة خلل ما قد يفسره بعض المختصين بأنه إفراز لمعوقات أساسية خلقت لدى أغلب الطلبة والطالبات عدم القدرة على نطق اللغة بالشكل السليم أو حتى إجراء محادثة بسيطة أو فهم ما يوجهه لهم من مصطلحات متراصة تشكل محادثة يقصد بها فكرة محددة.

وبين الدكتور سعيد عون الله، أكاديمي سعودي متخصص في صناعة المناهج لـ«الشرق الأوسط»، أن المعوقات كان لها الدور الكبير في إبراز تلك الظاهرة التعليمية، قائلا: تتجسد المعوقات في الكثير من الأركان ومنها المعوقات النفسية والنظامية التربوية والفنية والإدارية ولو تحدثنا عن العامل النفسي لتكشفت لنا نقاط تعود إلى ترسيخ معنى تعلم اللغة الإنجليزية لدى الطالب أو الطالبة إما من قبل المحيطين أو المدرسة نفسها.

وأفاد أن المتعلم يقبل على اللغة وهو يحمل على عاتقه قناعة بأن تعلم اللغة الإنجليزية من أصعب المواد التعليمية فيتشكل لديه حاجز رفض لأبسط المعلومات بعد أن تغذى على مبدأ صعوبة اللغة حتى وإن كانت المعلومة المقدمة له بسيطة وتحتاج فقط إلى تركيز وتنظيم وهذا يفقد المتعلم الثقة بالنفس في إمكانية الفهم والاستيعاب.

وأشار بالقول: «النظرة المسبقة لتعلم اللغة الإنجليزية تشارك العامل النفسي أسباب الإخفاق أو تردي اللغة لدى الطلبة والطالبات» حيث ذكر الدكتور عون الله نظرية الطالبة التي تصب في أن اللغة الإنجليزية ليست بذات الأهمية لتعلمها وأنها جانب تعليمي مساند فقط لرفع الدرجات والانتقال إلى مرحلة تعليمية أخرى.

واستدرك المحاضر سعيد قوله بأن أبناءنا اليوم باتوا على علم بأن للغة أهمية في تأمين مستقبل وظيفي إلى أننا وبحسب قوله نصطدم ويصطدم الطالب بضعف تشجيع أولياء الأمور لقناعتهم المسبقة بأن اللغة الإنجليزية تعليم ثانوي لا يعد رئيسيا في وقتنا الحاضر وهذا كما ذكره الدكتور سعيد يعيدنا إلى فكرة النظرة السابقة حول أهمية اللغة الإنجليزية.

الخلل الظاهر في المناهج وعدم الكفاية الزمانية والمكانية المخصصة لتدريس اللغة الإنجليزية والنقص في التجهيزات المدرسية والمصادر المساندة ذات العلاقة بتعليم اللغة الإنجليزية، وهذا يدفعنا إلى تسليط الضوء على المعوق الثاني.

وعلى ذلك قال الدكتور سعيد: المتابع للمناهج الحالية يلاحظ أنها تعد من أبرز معوقات تعليم اللغة الإنجليزية وذلك تعكسه المناهج المطبقة حاليا والتي تخلو أحيانا من الأهداف الجلية، والمحتوى الذي يتناسب مع تلك الأهداف، وربط طرق التدريس بالمحتوى وأساليب التقويم، وتفتقر إلى الترابط والتسلسل المنطقي للموضوعات والوحدات التي يدرسها الطالب، وزاد «المناهج المقررة فيها تفتقر إلى جودة الإخراج الفني حيث إن الصور الملونة تجذب الطالب وتجعل الكتاب محببا إليه بالإضافة إلى أن الطريقة المتبعة في الامتحانات والتقويم تعود الطالب على الحفظ لتجميع الدرجات بعيدا عن التعليم الحقيقي المطلوب».

كما تطرق الدكتور في حديثه إلى المناهج التي ينصب تركيزها بقوة على المعلومة أو الجانب المعرفي قبل المهارة أو خلق مساحة أوسع للجانب المهاري التطبيقي. ولذا وبحسب قول الدكتور فإنه لا توجد أوقات مخصصة في المنهج تتيح للطالب التدرب على ما تلقاه من تدريس، وقال: كما يتبين لنا أن المنهج لا يولي اهتماما كبيرا بمتطلبات ورغبات الطلاب والطالبات، ولا تحتوي في الغالب على موضوعات تربط بين واقع الطالب والمستقبلة.

وإلى جانب المعوقات النفسية والفنية السابقة نجد أن هناك مجموعة أخرى من المعوقات الإدارية، والنظامية التربوية والتي تتضمن خللا في برامج إعداد معلمي اللغة الإنجليزية، والطرق المتبعة في تدريس اللغة الإنجليزية، وعدم فتح باب التعاون والشراكة مع الخبرات والمراكز العلمية المتخصصة محليا، وإقليميا، وعالميا.

وأفاد الدكتور سعيد أن البرامج أو الأقسام التي تهيئ معلمي ومعلمات اللغة الإنجليزية في أقسام اللغة الإنجليزية بالجامعات والكليات السعودية تعمل على تأهيل معلمي اللغة الإنجليزية وتقوم بتخريج عدد من المعلمين والمعلمات، وتركز جهودها على إعطاء الطالب (المعلم) كما كبيرا في مواد الأدب الإنجليزي، والترجمة، والنقد الأدبي، والمواد اللغوية الصرفة كالنحو، والصرف والصوتيات وغيرها، وتتجاهل أو تهمل إلى حد كبير مواد طرق التدريس، وتدريس نظريات تعلم اللغة الأجنبية، وسواها من القضايا المتعلقة بتعلم اللغة الإنجليزية، إلى جانب تهميش تنمية مهارات الطالب (المعلم) اللغوية وبخاصة المهارات الأساسية الأربع: الاستماع، والمحادثة، والقراءة، والكتابة.

من جانبها ذكرت علية الخالدي معلمة لغة إنجليزية مكثت في إحدى الدول الأوروبية ما يقارب الخمس سنوات تلقت من خلالها اللغة الإنجليزية بنطقها الصحيح وقواعدها السليمة من حيث الاحتكاك بالمجتمع الغربي واستخدام اللغة باستمرار وبعد أن بدأت عملها المهني في إحدى المدارس السعودية كمعلمة تقول علية: كان من الصعب جدا مواجهة واقع المعلمة والطالبة في صروح التعليم بالسعودية حيث إن المعلمة تلقت تعليمها للغة بطريقة غير احترافية وينقصها الإبداع في استخدام اللغة وتقديمها للطالبة وهذا بدوره ينعكس على استخدام الطالبة للغة الإنجليزية ليصبح تردي اللغة لدى مجتمعنا التعليمي وراثيا أكثر من كونه نقص إمكانيات ومهارات تعليمية.

إلى ذلك ذكر حميد اليافعي، مشرف وزاري، أن تعليم اللغة الإنجليزية في مرحلة مبكرة يعتبر كسلسلة متلاحقة، يتم تأسيس الطالب عليها، ليصل إلى مراحل متقدمة في المرحلة المتوسطة والثانوية، مكتسبا تأسيسا عاليا في تعلم مبادئ اللغة في وقت مبكر في حياته التعليمية.

وبين اليافعي أن وجود البيئة المدرسية الفاعلة، والبيئة الصفية الفاعلة، تساعد على تدريس اللغة الإنجليزية، وغيرها من المناهج التعليمية الأخرى، ومدارس المملكة بيئتها الصفية ممتازة ومهيأة، ونسبة 90% إلى ما يقارب 100% من المدارس في السعودية فيها تنوع في مصادر التعلم، ولديها شاشات ومبتكرات تعليمية متقدمة، كفيلة بنجاح تعلم أي لغة، لا سيما اللغة الإنجليزية، ووفقا لتعميم سابق لوكيل وزارة التربية والتعليم للتطوير التربوي، الدكتور نايف الرومي، الموجه لإدارة تعليم جدة، فقد تم اختيار تعليم جدة لتطبيق التجربة في مدارسها، وقامت شركة متخصصة في إعداد منهج اللغة الإنجليزية الجديد، وستتولى تدريب المعلمين والمشرفين على المنهج الجديد، كما ستقوم بتوفير كل ما يتعلق بالكتب والمنتجات التعليمية المساعدة على نفقتها.