أميركا: المعلمون يواجهون صعوبات كبيرة في بناء مهارات ومعارف مهنية

«إيمباكت» نظام تعليمي يعصف بالمدارس ويصف المعلمين بعدم الكفاءة

TT

أكد كتاب «التعليم ومآزقه» (صادر عن جامعة هارفارد) أن تجزئة إدارة المدارس في الولايات المتحدة إلى جانب غياب بنية تحتية تعليمية متماسكة تجعل من الصعب تحسين التعليم على نطاق واسع أو امتلاك معرفة صحيحة حول مدى هذا التحسن.

لم تكن لدى الولايات المتحدة أي بنية تحتية موحدة ومشتركة للمدارس، نتيجة للانقسام الحكومي (بما في ذلك الرقابة المحلية) ومظاهر التوجيه الضعيفة في الولايات بشأن مناهج وتدريب المعلمين.

وكحال العديد من الجهود الإصلاحية الأخيرة التي تركز على أداء المعلمين والمحاسبة. لم يحاول قانون «إيمباكت» إنشاء بنية تحتية، لكنه افترض بدلا من ذلك أن المعلمين ضعاف المستوى هم المشكلة. صحيح أن هناك بعض المعلمين ضعاف المستوى، لكن النظام غير الفاعل لم يقدم توجيها أو دعما لنظام تدريس أو تعليم قوي ويرجع تحديدا إلى عدم وجود بنية تحتية. وقد حاول «إيمباكت» جعل الإصلاح نوعا من حل المشكلات الفردية عندما يكون الضعف ممنهجا.

يهدف قانون «إيمباكت»، والبرامج المشابهة إلى التمييز بين المعلمين الأكثر والأقل كفاءة عبر استخدام معايير طولية لإنجازات الطالب - خاصة حسابات القيمة المضافة - لتقييم إسهامات كل معلم لتعليم الطالب. والهدف من ذلك هو مكافأة المعلم الذي يحصل طلابه بصورة أكبر، أو استبعاد المعلمين الذين كانت نسبة تحصيل تلاميذهم أقل. هذه البرامج التي تعد بإنجازات كبيرة في أداء الطالب دون استثمار جاد في إعادة تصميم النظام، كان عليها إقبال واسع بسبب تقديمها حلا مبسطا وقليلة التكلفة. وقد أعرب وزير التعليم في إدارة الرئيس أوباما آرني دانكان عن تفضيله لمثل هذه البرامج، كحال أعداد متزايدة من الحكام، ومشرعي الولايات وقادة الشركات والعديد من المؤسسات الضخمة. وكما هو الحال بالنسبة للعديد من الولايات والحكومات المحلية فقد تم تنفيذ جهود واشنطن بدعم من الحوافز الفيدرالية وحوافز المؤسسات.

لكن الإصلاحات القوية كهذه لا يمكن أن تقدم من تلقاء نفسها إصلاحا حقيقيا، على الرغم من أنهم كانوا دقيقين وموضع اعتماد، وهو ما ليس كذلك.

والمشكلة الأخرى هي أن الاختبارات القائمة لا تدعم نتائج يمكن الدفاع عنها من جودة التدريس، عدا ربما في حالات استثنائية من التوزيع (أحد الأسباب لهذه النقطة الأخيرة أن الاختبارات لها مصداقية محدودة.. النتائج في إحدى الإدارات لاختبار أسبوعي توقعت نتائج في إدارة أخرى لنفس الاختبار بعد أسبوع أو أسبوعين).

لا تتوافق الاختبارات أيضا بشكل تام، فالأجزاء المختلفة من نفس الاختبار التي تحاول قياس نفس المحتوى الأكاديمي قد تثمر نتائج متشابهة. علاوة على ذلك، لا يحصل الطلبة الذي يتقدمون لمثل هذه الاختبارات ومدرسوهم على فرص متساوية في الوصول إلى المصادر التعليمية في الوقت الذي يحصل فيه بعض المدرسين بصورة منهجية على الكثير أو القليل من الطلبة المتميزين. لهذه الأسباب ولأسباب عديدة أخرى، يمكن للاختبارات القائمة أن تحدد المعلمين كأكفاء أو غير أكفاء بصورة خاطئة. ومن ثم فإن هذه الطريقة تصبح موضع شك حتى في وجود مؤشرات قوية.

وبجعل المدرس مسؤولا عن فشل التعليم، فقد افترضت هذه السياسات أن أسباب ضعف تعلم الطالب تكمن بشكل رئيسي في غياب شعور المعلمين بالمسؤولية، والتصميم والعمل الجاد. صحيح أن بعض المعلمين لا يتمتعون بحس المسؤولية أو الرغبة في العمل الجاد لكن التعامل مع هذا الجزء البسيط من قوة التعليم لن تقدم سوى جزء من الحل لعلاج الأسباب الرئيسية المتعلقة بضعف أداء التلميذ - غياب شفافية منهجية بشأن ما ينبغي تدريسه وتعلمه وأفضل السبل لتدريسه ودعم المعلمين لتعليم تلك الأشياء - وكل الأشياء التي يمكن للبنية التحتية أن تقدمها.

كان غياب البنية التحتية مدمرا على نحو خاص في المدارس المنتشرة في المناطق الفقيرة والتي كانت تركز بشكل رئيسي على محاسبة المعلم. وكان من بين نتائج تدشين سياسة المحاسبة سلسلة من النتائج المثيرة للإحباط، شملت المغامرة بالامتحانات من قبل الولايات التي تخفض من معيار المحاسبة أو المقاطعات وموظفي المدارس الذين يلجأون إلى الغش (آخرها ما وقع مؤخرا في أتلانتا).

وكي نكون منصفين، فإن الجهود الرامية إلى تطوير إصلاحات قوية كان لديها الكثير من التأثيرات البناءة؛ فقد ساعدت في لفت الانتباه إلى أطول مشكلات تعليمية للولايات المتحدة، وحفزت العمل العام والخاص على حل هذه المشكلات. وجذبت الانتباه إلى عدم المساواة في التعليم العام، لكنها لم تسهم بشكل كبير في دعم منهجي محدود يمكن للبنية التحتية أن تقدمه لبناء جودة يحتاجها الطلاب.

الوجود المحض لهذه الأشياء لن يؤكد بطبيعة الحال على جودة التعليم. فهذا يعتمد بشكل كبير على كيفية تصميم البنية التحتية وكيف استخدمها المعلمون، واستخدام يعتمد على قدرات أنظمة المدرسة والأفراد العاملين فيها وكيفية دعم المجتمع لعملهم.

ونتيجة لافتقار المعلمين في الولايات المتحدة إلى هذه الموارد، فإنهم يواجهون صعوبة كبيرة في بناء مهارات ومعارف مهنية. ولم يكن لديهم أي إطار مشترك للتوصل إلى أحكام واضحة بشأن عمل التلاميذ ومفردات عامة لتحديد واستقصاء ومناقشة وحل مشكلات التدريس والتعلم.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ «الشرق الأوسط»