مشروع «تطوير»: أندية الأحياء ستحول مدارس السعودية لـ«محاضن لإكساب المهارات»

الحكمي لـ «الشرق الأوسط» : البداية بـ200 مدرسة من أصل 1000.. والرياض تقص الشريط

السعودية تستهدف 1000 مدرسة لإنجاح المناشط الصيفية («الشرق الأوسط»)
TT

يستقبل عدد من مدارس العاصمة السعودية الرياض هذه الأيام الطلاب والطالبات والأسر وبعض شرائح المجتمع المحيط في البرنامج المجتمعي الجديد الذي تنتهجه وزارة التربية والتعليم السعودية، وهو المشروع الذي انطلقت فكرته منذ عام تقريبا، لجعل المباني المدرسية في المساء محاضن لاكتساب المهارات وممارسة كل الهوايات والنشاطات.

وأكد الدكتور علي بن صديق الحكمي، مدير عام مشروع «تطوير»، لـ«الشرق الأوسط»، أن مشروع الملك عبد الله بن عبد العزيز لتطوير التعليم العام انتهى فعليا من التهيئة لعدد 200 نادي حي في 10 إدارات تعليمية، من خلال تحديد المدارس التي ستطبّق البرنامج وتدريب الطواقم وتأهيلهم للقيام بمتطلبات البرنامج على أكمل وجه.

وأضاف الحكمي أنه تم تدريب 1400 من منسوبي ومنسوبات وزارة التربية والتعليم في الرياض ومكة المكرمة وجدة والطائف وعسير وجازان والمدينة المنورة والقصيم والمنطقة الشرقية والأحساء، لتشغيل قرابة 200 نادي حي (بنين - بنات)، وذلك بإكسابهم المهارات القيادية والإدارية اللازمة لإدارة الأندية.

وأشار مدير مشروع الملك عبد الله لتطوير التعليم إلى أن تدريب هذه الكوادر على مهارات تنظيم الأنشطة والفعاليات وأي مجالات تتناسب مع المجتمع المحيط بالنادي، قد تم الانتهاء منه، على أن يتم تدشين أولى مدارس البرنامج في مدينة الرياض خلال الإجازة الصيفية، ثم تدريجيا يتم تدشين بقية الأندية الـ200 في المناطق المحددة.

وأبان الدكتور علي الحكمي أن البرنامج يهدف في مرحلته النهائية إلى تهيئة 1000 مدرسة في أحياء مختلفة من مناطق ومحافظات السعودية، من خلال فتح أبواب تلك المدارس خلال الفترة المسائية لاستقبال الطلاب والطالبات والأسر وشرائح المجتمع المختلفة المحيطة بالمدرسة، بغرض إتاحة الفرصة لهم وتوفير وتهيئة المكان المناسب لممارسة مختلف الأنشطة والهوايات، وكذلك توفير خدمات تعليمية إضافية ودورات مسائية تهدف إلى مساعدة الطلاب والطالبات وأسرهم للتغلُّب على الصعوبات التي تعوق تحصيلهم العلمي. وزاد بالقول «الأندية ستقدم خدمات رعاية الموهوبين والمبدعين وتوفير كل الوسائل التي تمكنهم من الإبداع واحتضان مواهبهم».

واستطرد الدكتور الحكمي أن البرنامج يهدف أيضا إلى تفعيل البرامج الموجّهة إلى الأسرة لرفع قدرتها على مساندة تعلم أبنائها وبناتها، وتوفير بيئة تعليمية لهم داخل المنزل تعزز من فرص التعلم والتميز، وتساعد على التعامل الفعال مع المشكلات التربوية، وتحقيق التواصل المستمر مع المدرسة، وهو مجال رحب لتطوير برامج النشاط الصيفي وغير الصيفي داخل مدارس التعليم العام جميعها، بما يحقق سمات المدرسة التي يطمح لها من خلال الاستراتيجية التي وضعها مشروع «تطوير» ضمن رؤيته المستقبلية لتطوير التعليم العام في المملكة.

ويرى مدير مشروع «تطوير» أن أهم ما يميّز برنامج «أندية الحي» بعد وضع الأنظمة وإجراءات الجودة أنه يدار وفق استراتيجية تعتمد على اللامركزية في الإدارة والتخطيط والتنظيم، حيث يتاح لكل ناد وضع الخطط التي تناسبه واختيار الأنشطة والبرامج وفق الميول والرغبات التي تتناسب مع الأعضاء والمرتادين، فكل ناد يملك صلاحية اختيار البرامج والأنشطة التي يقدمها بناء على رغبات الفئة السكانية المحيطة بالنادي.

ويشمل ذلك الخدمات التعليمية والثقافية والرياضية والعلمية والاجتماعية والترفيهية، بما في ذلك دروس التقوية والتهيئة للاختبارات العملة والتحصيلية وقياس القدرات، ودورات حاسوبية وتقنية، وخدمات رياضية وأنشطة اجتماعية وترويحية ورحلات.

وقال الدكتور علي الحكمي إن وزارة التربية تسعى من خلال هذا البرنامج إلى شغل أوقات الشباب من البنين والبنات بما يعود عليهم بالنفع ورفع مستوى الإبداع في العملية التربوية، فضلا عن الاستغلال الأمثل للمباني المدرسية وتجهيزاتها. وشدد مدير عام مشروع «تطوير» على أهمية دور القطاع الخاص في المشاركة في تنفيذ البرامج المتنوعة التي ستقدمها أندية الحي، وهناك دراسة جدية تعد حاليا لإمكانية إتاحة الفرصة لمشاركة القطاع الخاص المتخصص في إدارة الأندية، إيمانا من «تطوير» بأهمية الشراكة مع القطاع الخاص في مجال التعليم لبناء تنمية مستدامة بكل جوانبها ومجالاتها.

من جانبه، قال فهد الحربي، مستشار تربوي في تعليم مكة المكرمة، إن «الأندية الصيفية أصبحت ظاهرة اجتماعية، وكيانا قائما تفرضه معطيات العصر الحديث، وتؤدي دورا تربويا مهما له سماته وخصائصه المتعددة، إضافة إلى أنها جسدت لونا من ألوان العمل المؤسسي التربوي، الأمر الذي يدعو إلى إجراء عمليات مراجعة وتقويم، انطلاقا من أهداف وزارة التربية والتعليم في إعداد طلاب التعليم العام إعدادا متكاملا من الناحية الوجدانية والعقلية والجسمية والسلوكية والاجتماعية».

وأشار الحربي إلى أنه يجب إشغال الطلبة في الميادين التربوية الهادفة وتهيئتهم للحياة العامة ومتطلباتها وتربيتهم تربية حسنة مبنية على أسس تربوية سليمة، وذلك من خلال استغلال الوقت الحر لديهم في ما يعود عليهم بالنفع والفائدة، وضمان استمرارية الرعاية التربوية لهم بإتاحة الفرص لممارسة ألوان الأنشطة التربوية المختلفة، وتطويرها بما يتناسب ومقتضيات العصر واحتياجات الطلاب المتزايدة.

وزاد بالقول «احتواء الشباب ورعايتهم والعناية بأفكارهم الإيجابية وحفظهم من مزالق الأفكار الضالة المنحرفة وحمايتهم من مخاطر الفراغ وحفظ سلوكياتهم كان اهتمام الدولة، فأقرت من خلال وزارة التربية والتعليم ممثلة في الإدارة العامة للنشاط الطلابي اعتماد مناشط طلابية صيفية والعناية بالبرامج المقدمة لهم بما يسهم في إعداد جيل واع، متزن في شخصيته، متفاعل مع قضايا أمته ووطنه، مساهم في بناء حضارة بلاده ورفعة شأنها، مطيع لولاة أمره».