أميركا: قوائم أفضل المدارس العليا.. الأرقام لا تقول الحقيقة كلها

كيف تختار لابنك أفضل مدرسة؟

TT

في هذا التوقيت من كل عام، يتم نشر قوائم أفضل المدارس العليا في الولايات المتحدة. وربما يبدو عدد القوائم مثبطا للهمة بالنسبة للجهات المهتمة بها، سواء على الصعيد القومي (مثل مجلة «الأخبار الأميركية والتقرير العالمي» وصحيفة «واشنطن بوست» ومجلة «نيوز ويك» والموقع الإلكتروني «دايلي بيست») أو المحلي (مثل مجلة «بوستون» ومجلة «نيو جيرسي الشهرية» وصحيفة «شيكاغو صن تايمز»).

وأي إنسان عاقل لا يمكن أن يستهين بهذه القوائم، فأسعار العقارات ترتفع في المناطق القريبة من أفضل المدارس العليا، وأولياء الأمور يتهافتون على إلحاق أبنائهم بأفضل المدارس العليا، وأكفأ المدرسين ومديرو المدارس يرغبون في العمل في أفضل المدارس العليا.

وقد قام محررو مجلة «نيوز ويك» مؤخرا بنشر قائمة تضم أفضل ألف مدرسة، وهي قائمة تستحق الدراسة، حتى نفهم بصورة أفضل كيف استطاعت المجلة أن تقيس أمرا على هذا المستوى من التعقيد والدقة مثل ارتفاع جودة التعليم.

ما المدارس التي تسجل أعلى الدرجات في مؤشر «نيوز ويك»؟

من بين أعلى 50 مدرسة، توجد 37 مدرسة لديها نظام التحاق انتقائي، أو ما يعرف بالمدارس «المغناطيسية»، وهي مدارس تقوم بغربلة الطلاب باستخدام وسيلة تجمع بين درجات امتحان القبول، ومتوسط نقاط التخرج، ونتائج اختبارات الولاية، وتقييمات عينات الكتابة التي يقدمونها. وباختصار، فلكي تصبح الأفضل، يتعين على المدارس العليا ألا تقبل سوى الطلاب أصحاب أعلى أداء في الصف الثامن، الذين سيصبحون - إذا لم تفسد المدرسة الأمر - أصحاب أعلى أداء في الصف الثاني عشر. وبعبارة أخرى، فإن أفضل المدخلات وأفضل المخرجات هي ما يصنع أفضل المدارس.

وهناك ثمان من ضمن أعلى 50 مدرسة على قائمة «نيوز ويك» هي مدارس خاصة ذات تمويل حكومي. ويبدو هذا مبشرا بالنسبة لمن يرون أن أحد الأدوار الهامة للتعليم الحكومي هو قبول الطلاب الذين يعانون من صعوبات في التعلم ورفع مستوى أدائهم الدراسي. ويفترض أن تقبل تلك النوعية من المدارس أي طفل يتقدم بطلب للالتحاق بها، وإذا زاد عدد المتقدمين عن سعة المدرسة، يتم إجراء قرعة. ما الذي يمكن أن يكون أكثر ديمقراطية من هذا؟

وأعلى مدرستين من هذا النوع في قائمة «نيوز ويك» هما مدرستا «باسيس» في مدينتي سكوتسدال وتاسكون، وهما جزء من سلسلة مدارس خاصة تتلقى تمويلا حكوميا في ولاية أريزونا.

وبحسب الموقع الإلكتروني لمدارس «باسيس»، فإن المنهج الدراسي يعتمد بصورة كبيرة على البرامج الدراسية التي يتضمنها برنامج «تحديد المستوى المتقدم» وبرامج دراسية على المستوى الجامعي، وهو يشمل دراسة اللغة الصينية الشمالية واللغة اللاتينية. وهذا يعني أن الطلاب الأقوى دراسيا هم فقط من سيتقدمون للالتحاق بها، وأن من لا يستطيعون مجاراة صعوبة الدراسة بها سوف يغادرونها.

كيف يبدو الطلاب في مدارس «باسيس» العليا؟

بالنسبة لمدرسة «باسيس» في سكوتسدال - وهي ثالث أفضل مدرسة عليا في أميركا طبقا لقائمة «نيوز ويك» - يتكون 95 في المائة من إجمالي عدد الطلاب البالغ 701 طالب من الآسيويين أو البيض.

ويشكل الآسيويون 2,8 في المائة من إجمالي عدد السكان في الولاية، إلا أنهم يمثلون 41 في المائة من طلاب مدرسة «باسيس» في سكوتسدال. وهناك 15 طالبا من أصول لاتينية (2 في المائة)، في ولاية يتكون نحو ثلث عدد سكانها من الأميركيين اللاتينيين.

ولا يوجد أي طلاب مسجلين من سكان أميركا الأصليين على الموقع الإلكتروني لإدارة التربية والتعليم بولاية أريزونا، رغم أنهم يشكلون 5 في المائة من سكان الولاية. ويسجل الموقع وجود 13 أميركيا ذا أصول أفريقية، ولا يسجل أي أبناء لعمال مهاجرين، كما لا يوجد أي أطفال يستحقون الحصول على وجبات غداء مدعومة أو يحتاجون إلى فصول للتربية الخاصة.

وبالطبع، فإن أفضل المدارس تبذل أقصى ما في وسعها كي لا تتورط في تقديم الخدمات إلى طلاب لا يعتبرون الأفضل.

وتقع المدارس الخمس المتبقية من أعلى 50 مدرسة في ضواح سكنية يكون الالتحاق بالمدارس فيها مفتوحا للجميع، طالما أنهم من أهالي المنطقة. والشيء المشترك بين هذه المدارس الخمس هو أنها تمتلئ بأبناء الأسر الأكثر ثراء في البلاد.

ومن ضمن أفضل 50 مدرسة توجد مدارس عليا من ضاحية برونكسفيل التابعة لمدينة نيويورك (رقم 40)، التي يبلغ متوسط دخل الأسرة بها 166 ألف دولار، وضاحية جيريتشو بنفس المدينة (رقم 41)، التي يبلغ متوسط الدخل بها 128 ألف دولار - مقارنة بمتوسط 54 ألف دولار لولاية نيو يورك - وكذلك مدينة فولز تشرش بولاية فرجينيا (رقم 45)، التي يبلغ متوسط الدخل بها 111 ألف دولار، في مقابل 59 ألف دولار للولاية نفسها.

وينبغي لمن يشعرون بحماسة كبيرة من أجل إلحاق أبنائهم بأفضل المدارس أن يبتعدوا عن الإقليم الأوسط من الولايات المتحدة، الذي تصفه مجلة «نيوز ويك» بأنه منطقة قاحلة تعليميا. فمن ولاية مونتانا شمالا حتى ولاية مسيسيبي جنوبا - مسافة ألفي ميل - هناك 14 ولاية متجاورة دون مدرسة عليا واحدة ضمن أفضل 100 مدرسة، ومن بينها ولايات ويسكونسن ومينيسوتا وميسوري ونبراسكا وكنساس. وحتى ولاية ماساشوستس لا توجد لديها سوى مدرسة وحيدة ضمن أفضل 100 مدرسة، وهو أمر مفاجئ نظرا لأن طلاب الولاية كانوا باستمرار يتصدرون اختبارات القراءة والرياضيات الفيدرالية على مستوى البلاد.

ولكن من الناحية الأخرى، فإن هذا هو ما يجعل من أميركا بلدا عظيما: أن أي أحد يستطيع أن يضع أي صيغة لقياس أي شيء، مما يمنح الكثير من الأماكن الفرصة في أن تصبح الأفضل في شيء ما.

هل تريد لابنك أفضل المدارس العليا؟

انتقل إلى ولاية تكساس أو فلوريدا، فالأولى لديها 15 من ضمن أفضل 100 مدرسة، مما يضعها في المركز الثاني على مستوى البلاد، والثانية لديها 10 مدارس، مما يمنحها المركز الرابع. وهذا يعود من دون شك في معظمه إلى جهود الإصلاح التي بذلها جورج دابليو بوش وشقيقه جيب، اللذان صنعا - على غرار مجلة «نيوز ويك» - من نتائج الاختبارات الموحدة مقياسا دقيقا للتفوق الدراسي.

* خدمة «نيويورك تايمز»