بريطانيا تلجأ إلى «ثورة» هروبا من الورطة اللوجستية في المدارس

لكل مدرسة طريقة مختلفة في التعامل مع سياسة الغذاء

TT

الجميع يتفق على نظرية تغذية الأطفال بشكل جيد، غير أن التحدي يكمن في تطبيق تلك النظرية بشكل مادي ملموس على أرض الواقع.

لقد حاولت جاهدا تحويل أطفالي إلى ذواقة صغار. لدى أكبر أطفالنا، جورج، الذي يبلغ من العمر 4 سنوات، رقعة صغيرة خاصة بالخضراوات في حديقتنا الخلفية، عاونته في زراعة فجل وخس وفراولة برية فيها. علمته كيفية انتقاء البلطينوس من الصخور التي يلتصق بها ومضغ لحمها المالح، حتى أنه قد ساعدني في ذبح بقرة. غير أنني لو أطلقت العنان لرغباته الخاصة، لاكتفى بأكل «كادبوري فينغرز». إن غريزته الناشئة المتمثلة في تجربة الأطعمة السكرية والدهنية في كل فرصة ممكنة قوية جدا إلى درجة أنه لا يمكن أن تطغى عليها إرادته الضعيفة. إنه لم ير، بحسب معلوماتي، «تيركي تويزلر»، لكنه إذا ما رآه، فإنني متأكد من أنه سيقع في حبه من أول نظرة.

من ثم، لدي شعور جم بالتعاطف، على المستويين الشخصي والمهني، مع هؤلاء الأشخاص الذين تتمثل وظيفتهم في إنتاج غذاء صحي بميزانية محدودة لطلاب المدارس، ثم إقناعهم بتناوله.

من خلال عملي في «ليون» - وهي سلسلة مطاعم يتمثل هدفها في تقديم وجبات سريعة مذاقها جيد وذات قيمة غذائية عالية - يمكننا أن نفترض بشكل عقلاني أن العملاء الذين يدقون أبوابنا يرغبون بالفعل في تناول الأطعمة التي نقدمها. غير أن لوجستيات إنتاجها - طازجة ومتماسكة وفي حدود ميزانية معينة - أحيانا ما تكون صعبة على نحو جنوني.

ولهذا، أعتقد أنا وشريكي في العمل، جون فينسنت، أنه بإمكاننا المساعدة في جعل الغذاء المدرسي أفضل. منذ عام 2005، عندما حذر جيمي أوليفر الدولة من مستوى الجودة السيئ الذي أصبح عليه الغذاء المدرسي، أثيرت حالة من الجدل العام. قد يتفق السواد الأعظم من الناس على أنه من الصعوبة بمكان الآن تغذية عقول الأطفال الآن ما لم يتم أولا تغذية أجسامهم.

لقد زادت صعوبة تغيير تلك الحقيقة. فقد تحسن متوسط مستوى الغذاء في المدارس بالفعل، بفضل جهود العديد من الأفراد والمتطوعين، إضافة إلى أصحاب المهارات المستقلين. لقد تجاوزت بعض الأماكن حدود الأساسيات، بعدم الاكتفاء بتقديم قوائم طعام شهية فحسب، بل ثقافة غذائية تستمر على مدار فترة الحياة المدرسية. لقد زرت مدارس في وسط المدينة، حيث قد تسيل وجبات العشاء لعاب مايكل وينر؛ حيث يزرع الأطفال حدائقهم الخضراء الخاصة خمسة أيام في الأسبوع، وحيث ينتشر الدجاج في فناء المدرسة ويفقس البيض.

قد يتفق الجميع على أن هذا مثالي. لسنا بحاجة لتقرير حكومي آخر يخبرنا بما يجب أن نطمح إليه. وعلى الرغم من ذلك، فإن ما نحتاجه بالفعل هو خطة عملية منسقة لتحقيق ما نصبو إليه. تبلغ نسبة استهلاك الوجبات المدرسية في المدارس الثانوية 38 في المائة فقط، بينما تصل إلى 44 في المائة في المدارس الابتدائية. تقدم نصف المدارس الثانوية أنواعا من البيتزا والأطعمة النشوية المطهية في الزيت معظم الأيام. لا يختار ثلث الشباب وجبات غذائية متوازنة صحية. ولا ترغب أي مدرسة في أن يتناول الأطفال أطعمة رديئة، إذن فالسؤال هو: ما الذي يمنعهم من اتباع الإجراءات الصحيحة لتوفير غذاء صحي؟

إن هدفنا هو العمل مع الخبراء الحاليين في المجال من أجل التوصل إلى حلول. لن يكون الأمر هينا، فلكل مدرسة طريقة مختلفة في التعامل مع الأمور، بعضها يوظف طهاة متخصصين، بينما يستعين البعض الآخر منها بمتعهدي تقديم أطعمة ومتعاقدين خاصين. إنها ورطة لوجستية، لكننا سنخرج منها إذا ما نجحت ثورة الغذاء المدرسي.

* خدمة «الغارديان» خاص بـ«الشرق الأوسط»