تباين حضاري في معيشة الطلاب العرب بماليزيا

التلاميذ يصفون النقود المعدنية بـ«البنك الاحتياطي المركزي»

طلاب يتناولون إفطار رمضان في مطعم عراقي بشارع بوكيت بينتانج الشهير باسم شارع العرب في العاصمة الماليزية كوالالمبور (تصوير: بدر القحطاني)
TT

يُجمع طلاب عرب تحدثوا إلى «الشرق الأوسط» على صعوبة الحصول على الأعمال الجزئية بماليزيا، والتي تتيحها القوانين الماليزية بشروط، غير أنهم يجنون بعض المال جراء الخدمات الطلابية البسيطة، كالمساعدة في كتابة البحوث أو المشاريع الخاصة بالطلاب الآخرين.

وبامتعاض شديد يعود «هان زان»، وهو شاب صيني يدرس في ماليزيا، إلى عد النقود المعدنية التي جلبها من عبوة كبيرة مدسوسة بعناية في إحدى خزاناته مرة أخرى، وما اضطره إلى ذلك هو نفاد المصروف الذي يتقاضاه الشاب الصيني من قبل والديه، نظرا لارتفاع فاتورة الكهرباء إلى جانب تسديد مبالغ دراسية متأخرة غير قابلة للتأجيل في هذا الشهر. ويصِفُ الشاب الصيني قنينة الحليب المجفف والمخصصة لجمع النقود المعدنية بالبنك الاحتياطي المركزي، ويشاركه في التسمية أصدقاؤه العرب الذين يشاركونه السكنى.

وبالكاد، استطاع زان بصعوبة جمع قوت 3 أيام.. ويقول «لم تعد تكفيني 400 دولار شهريا للعيش هنا، لا بد من البحث عن مصدر دخل سريع ولو كان بسيطا، يكفيني يوميا 35 رينغت (الدولار يساوي 3 رينغت)، وأكثر ما يأكل مصروفي هو السجائر والبنزين، أما الطعام فهو أسهل ما يمكن الحصول عليه في ماليزيا».

وقطعا لن يساور زان الشعور نفسه بالغربة مقارنة مع الطلاب الأجانب في ماليزيا، في ظل تكوين عرقي يتمثل بنحو 40 في المائة ممن يقطنون البلاد من الماليزيين ذوي الأصول الصينية، إذن فالطعام الصيني أوفر في الوجود والتكلفة، كما يستطيع تحسين دخله بالشروع في أي عمل جزئي مع أبناء جلدته.

في المقابل، تتمثل أفضل السبل لدى الطلاب العرب لتحسين الدخل في تنفيذ الواجبات أو المشاريع «الأسايمنت» لزملائهم الكسالى. ويتخذون مبالغ تتفاوت مع أهمية وندرة المشروع أو الواجب. لكن شبانا آخرين وفتيات، اتخذوا طريقة أخرى لا تختلف عن الشؤون الدراسية سوى في الجانب الأخلاقي، وشرعوا يعلمون المسلمين غير العرب فنون اللغة العربية، أو يقدمون دروسا خصوصية للعرب في اللغة الإنجليزية، وتختلف الطريقة عن المعاهد في كونها تساعد الطلاب أكثر من كونها رئيسية للتعلم، كما تقول «نيقورا بكايفا» وهي طالبة أوزبكية تتلقى دروسا في اللغة العربية والقرآن الكريم لدى طالبة ماجستير أردنية.

وتشير بكايفا (26 عاما) إلى أنها تعلمت اللغة لتستخدمها في تصفح المواقع الإسلامية على الإنترنت، وتضيف «أنا أتحدث العربية، لكنني أحتاج إلى اللغة المتقدمة التي أستطيع من خلالها الكتابة بشكل مناسب، والتواصل مع العرب على الإنترنت خصوصا العلماء المسلمين، مما يعتبر دافعا قويا لهذا التعلم». المفارقة أن الطالبة الأوزبكية تتلقى الدروس مجانا، والمقابل هو التسويق نظرا لكثرة أصدقائها كما تقول، وتجني معلمتها نحو 500 دولار شهريا من إلقاء الدروس العربية والإنجليزية للطالبات.

إلى ذلك، يتباين الطلاب العرب في كيفية تصريف الأمور المادية، فبعضهم استطاع التغلب على الحاجز الثقافي في المأكولات والمشروبات، وأخذ ينكب على المطاعم الشعبية «الماماك» وتنطق بالملاوية «مامأ» بشد الألف، وهي نوع منتشر في ماليزيا نشره الهنود المسلمون، ويقدم خدماته عادة على مدار الساعة، وتحتوي غالبية المطاعم على الأرز الأبيض المغلي من دون طعم أو رائحة، ويُمزج عادة بأحد الإدامات المتنوعة أو يؤكل مع الدجاج المشوي أو «التندوري». يقول عباس سالم، وهو شاب عراقي يدرس القانون «تعجبني مطاعم المامأ في تكوينها، ووفرتها، لكني لا أستطيع المداومة عليها»، وهو ما يفتح المجال للحديث عن الجانب الآخر من الطلاب العرب الذين يفضلون الأكل العربي أو الوجبات السريعة من مطاعم «الفرانشايز». ويضيف سالم (23 عاما) «إن انتشار المطاعم العربية جيّد، لكن المفارقة أن أسعارها مرتفعة نوعا ما»، ولا يمكن لوم الشبان في انتقادهم لأسعار المطاعم العربية، إذ تفرض المواقع المميزة التي تتخذ منها مقرا أو موقعا في الغالب، في المناطق السياحية في العاصمة كوالالمبور، لكن بعض المطاعم العربية فضلت أن توجد بالقرب من تجمعات الطلاب مقابل السعر الأقل، ولا يمكن أن نقول إنه منخفض تماما، لكنه على الأقل أفضل من أمثاله في شارع العرب من حيث السعر».