خبراء يدعون إلى تحديد 14 طالبا في الفصل أسوة بالمدارس الأوروبية

قالوا إن مستوى المعلم تراجع بسبب زيادة الكثافة الطلابية في الفصل

زيادة أعداد الطلاب في الفصل تؤدي إلى تراجع الجودة في العملية التعليمية
TT

طالب خبراء في التربية والتعليم بإعادة النظر في قرار وزارة التربية والتعليم الرامي إلى تقليص أعداد الطلاب في الفصول، مطالبين باستنساخ التجربة الأوروبية وتحديد 14 طالبا في الفصل الواحد بغية تحقيق مفاهيم الجودة النوعية في السعودية.

وأتت مطالبات شرائح تعليمية واسعة على غرار ما حددته وزارة التربية والتعليم بأن يكون عدد الطلاب في الفصول الدراسية 30 طالبا في الفصل الواحد في الصفوف الأولية (الأول والثاني والثالث) من المرحلة الابتدائية، و33 طالبا في الفصل الواحد في الصفوف العليا (الرابع والخامس والسادس) من المرحلة الابتدائية، بينما تم تحديد عدد الطلاب في الفصل الواحد في المرحلتين المتوسطة والثانوية عند 38 طالبا.

وعلق الدكتور فهد الشمراني، المستشار في جمعية «تربويون» في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، قائلا إن «في مدارسنا نجد اختلافا في عدد الطلبة في الفصول باختلاف المنطقة التي تقع فيها المدرسة، فالمناطق الجبلية أو البعيدة عن المدينة نجد عدد الطلبة في الفصل الواحد يتراوح بين 8 و15 ولا يزيد كثيرا على هذا الحد، بينما في المدن نجد كثافة طلابية في الفصل الواحد تتجاوز أحيانا 35 طالبا». وواصل الشمراني حديثه بالقول: «في المقابل نجد أن المعلمين في المناطق البعيدة عن المدن نصاب حصصهم أقل، واهتمامهم بالطلبة أكبر، ومستوى التحصيل أكبر، بينما في المدن نجد نصاب المعلم أكثر، والاهتمام بالطالب أقل نوعا ما والمستوى التحصيلي أقل عنه في المناطق الأخرى، وهنا نجد أن هناك علاقة عكسية بين كثافة الطلبة وبين المستوى التحصيلي».

وطرح الشمراني تساؤلا حول السبب في أن لا يتم تعزيز المدارس الأكثر كثافة طلابية بمعلمين زيادة، لأن الجهد الذي يقوم به معلم مع 35 طالبا أكبر من الجهد الذي يقوم به ولو كان معه أقل من 20 طالبا، وبالتالي عندما ينتقل للصف الآخر وحصة أخرى فإن جهده سيكون أقل عما كان عليه في الصباح.

إلى ذلك، أشارت الدكتورة هند اليافعي، أستاذة المناهج في جامعة أم القرى، لـ«الشرق الأوسط»، إلى مشكلة زيادة عدد الطلاب في الفصول الدراسية نظرا لما تعانيه الفصول الدراسية من ضغط شديد، حيث يبلغ عدد الطلاب في الصف الواحد أكثر من 40 طالبا، مما يؤثر على سير العملية التربوية والتعليمية ويسبب مشاكل صحية للطلاب، وعدم الاعتماد على الفصول الخشبية كحل دائم بل يجب استبدال المباني الأكاديمية بها وضرورة زيادة عدد المدارس وعدم قبول أعداد كبيرة تؤثر سلبا على سير العملية التعليمية.

وقالت اليافعي إن الطلاب ووجودهم بكثافة داخل الفصل الواحد له العديد من الآثار السلبية على درجة استيعاب الطالب، فالكثافة العالية لا تتيح للمدرس الإجابة عن الأسئلة داخل الفصل في ظل زيادة الأعداد، كما أنه لا يستطيع أن يعطي أي اهتمام للطلاب ضعاف المستوى التعليمي ولا يستطيع أيضا معالجة العديد من المشكلات الخاصة بتعلم القيم والسلوك لأن وقت الحصة قصير جدا ولا يكفي لشرح الدرس اليومي على الوجه الأكمل.

وحل هذه المشكلة كما تقول اليافعي يجب أن يكون على عدة محاور، أولها بناء العديد من المدارس وبالتالي توفير فصول كثيرة تستوعب هذا الكم الهائل من الطلاب وهناك بعض الإدارات التعليمية تعمل بنظام الفترات الصباحية والمسائية وهو نظام له العديد من السلبيات لكننا إذا بحثنا عن حلول أخرى فلا نجد إلا بناء مدارس جديدة، وهذا الأمر يخضع للعديد من الخطط والمناقشات وتخصيص ميزانيات.

إلى ذلك، أوضح الدكتور علي الهذلي، مستشار تعليمي متقاعد، أن هناك العديد من الشكاوى من المعلمات عن المعاناة التي يواجهنها بسبب ازدحام الطلاب والطالبات في الفصول، وهي مشكلة شغلت المسؤولين في الوزارة وما زال البحث جاريا في السعي لحلها، وقال «أعلم جيدا أن هذه المشكلة لها آثار سلبية سيئة على الطلبة والطالبات، منها انتشار بعض السلوكيات الخاطئة بين الطلاب والطالبات بسبب الاحتكاك المباشر، إضافة إلى عدم قدرة المعلم والمعلمة على إتقان عملية الضبط داخل الفصل، وأخيرا عدم قدرة الطالبات على التحصيل علميا بالشكل المراد، وضعف أداء المعلمة لعملها على أكمل وجه».

وأشار الهذلي إلى أن هناك أيضا إنشاء مبان ذات الفصل الواحد وهي موجودة بالفعل في العديد من الأماكن النائية، موضحا أن مشكلة كثافة الفصول ترتبط ارتباطا وثيقا بالمعلم وأدائه وقدرته على إدارة الفصل إدارة جيدة وكيفية تحقيق الجودة التعليمية داخل الفصل، أما إذا كان المعلم لا يجيد إدارة الفصل فلا يستطيع حل المشكلة من جذورها. وهناك أيضا العديد من الحلول لحل مشكلة ارتفاع الكثافة الطلابية داخل الفصول عن طريق تقسيم الفصول إلى مجموعات كل مجموعة يكون لها قائد.

وقال الهذلي: «في بعض المحافظات التي بها كثافة عالية تم حل هذه المشكلة عن طريق التعليم التعاوني النشط وتقسيم الفصل إلى فرق حيث ينتقل المعلم من مجموعة إلى مجموعة أخرى، ومن الممكن أن يتحدث قائد كل مجموعة بالنيابة عن فرقته، وهذه الطريقة تعطي إنتاجا جيدا لمحصلة العملية التعليمية في نهاية الحصة.. إنما إذا اعتمد المدرس على أسلوب المحاضرة القديم فستجد نصف الفصل في حالة نوم وخمول، وهذه الطريقة هي إحدى استراتيجيات التعلم النشط».

من جهتها، أشارت الباحثة التربوية علياء طاشكندي، إلى أنه من أهم أسباب عزوف بعض أولياء الأمور عن المدارس الحكومية وتوجههم نحو المدارس الخاصة هو الأعداد الكبيرة من الطلاب التي تكتظ بها هذه المدارس.. فبعض المدارس لا يقل عدد الطلاب فيها عن 50 طالبا في غرفة صفية لا تتسع أصلا لأكثر من 30 – 35 طالبا. وأضافت: «لعل هذا أحد الأسباب وراء ضعف التحصيل وتدني نسب النجاح في المدارس الحكومية قياسا بالمدارس الخاصة التي يعد مردودها المادي الذي تحصله من الطلبة سببا في تهيئة بيئة صفية نموذجية. نحن لسنا بصدد عقد مقارنات بين المدارس الحكومية والخاصة بقدر ما نريد أن نضع صناع القرار في صورة المشكلة التي تترتب على اكتظاظ الطلاب في الصفوف وما يعانيه المعلمون من مشاكل تصرف جل وقتهم على ضبط الصف بدلا من التركيز على الهدف التحصيلي للطالب فتصبح هذه المشكلة عبئا عليهم مما قد يدفع ببعض المعلمين الجدد إلى التخلي عن هذه المهنة إلى جانب غياب المكانة الاجتماعية للمعلم في وقتنا هذا.. فنوعية الطلاب وأولياء الأمور والتشريعات والانفتاح المعرفي.. كلها أسباب زادت من حدة المشكلة وجعلتها أكثر تعقيدا.. لذا يعد التدريس بالصفوف ذات الأعداد الكبيرة تحديا بالنسبة للمعلم».