مطالبات تربوية بتعميم نظام بصمة اليوم الدراسي في السعودية

بينما طبقتها بعض المدارس اجتهادا بتكلفة 666 دولارا

البصمة تخفف المهام على مديري المدارس وتضبط الشؤون الإدارية في الميدان التربوي («الشرق الأوسط»)
TT

دعا خبراء تربيون في السعودية الجهات المسؤولة في وزارة التربية والتعليم إلى سن قوانين لتطبيق نظام البصمة المدرسية، من أجل تقنين العمليات الإدارية التي تتلخص في أداء الدوامات لدى معلمي ومنسوبي التعليم، تسهل المهام المنوطة إلى مديري ووكلاء المدارس التي يقوم الجهاز خلالها بكافة الإجراءات التي تصل إلى أكثر من 30 مهمة إدارية دون تدخل المدير وخارج المجاملات بين الكوادر التعليمية.

وقال خالد سعد المذكوري، مدير إحدى المدارس التابعة لإدارة تعليم محافظة الطائف (غرب السعودية): «إن لتحقيق أهداف البصمة في الدوائر الحكومية إيجابيات، تدفع بنا كمديري مدارس بدعوة الجهات المخولة لتعميم نظام البصمة لضبط العملية الإدارية على القطاع التربوي، حيث إن النظام يقلص من المهام التي يقوم بها مدير المدرسة، في الوقت الذي صعدت فيه صلاحيات المديرين إلى نحو 52 لتزيد من عبء الشؤون الإدارية، لذلك فإن المهمة التي سيقوم بها جهاز البصمة تحقق الكثير من الفوائد داخل الميدان التربوي».

وأضاف المذكوري في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «إن المدير يعلم أن على عاتقه مهمة وطنية ورسالة سامية يبثها للكادر التعليمي داخل فناء مدرسته، ومسؤول عن كافة الإجراءات التي يقوم بها، مما يضع بعضا من القيادات التربوية في حرج مع المعلمين والإداريين لقبول أو رفض الأعذار التي قد تدخل المجاملات بينهما، مما ينعكس على الأداء، لذلك قد تكون البصمة أمرا محتما لتجنب جميع تلك الإشكالات وزيادة الانضباط داخل المدارس».

من جهته، قال محمد عمر الشهري، مشرف إدارة مدرسية في محافظة جدة (غرب السعودية)، لـ«الشرق الأوسط»: « من خلال تجربتي الميدانية في إحدى المدارس الثانوية، فقد كان للبرنامج الكثير من الإيجابيات التي حققت ما يصبو إليه مديرو المدارس من انضباط وتوزيع المهام والحصص وطباعة المساءلات لتوضيح سبب تأخر المعلم أو الانصراف المبكر ونحوها، مما أدى إلى زيادة التنظيم بين المدير والمعلم بعيدا عن مراقبة المعلم الذي يبذل كافة جهده في أداء رسالته التعليمية والتربوية، ولكن يخفف العبء على القيادة التربوية في المدارس من خلال طباعة النماذج وتسجيل الخروج والانصراف ومتابعتها بشكل إلكتروني، وتسجيل حصص الاحتياط والكثير من الأمور الإدارية في المدارس».

وأضاف الشهري أن «الجهاز عبارة عن آلة تحمل برنامجا متكاملا بنظام يضع لكل معلم وموظف بالمدرسة (كود) معين يدخله، ومن ثم يقوم الجهاز بإعطاء إشارة إدخال اليد (بصمة اليد) في مكان مخصص لوضع اليد، وبهذا يتم تسجيل وقت الحضور والانصراف والاستئذان لمنسوبي المدرسة من خلال الاستعانة بإحدى الشركات المتخصصة في أنظمة أجهزة البصمة».

وبين الشهري: «يأتي تطبيقها في وقت أثبتت البصمة نجاحا كبيرا في الكثير من المؤسسات والشركات الكبرى في القطاع الخاص، لذلك فإن عددا من الجهات الحكومية بدأت تطبيقه من أجل الارتقاء بالأداء، بالذات في القطاعات المهمة مثل المراكز الصحية والمستشفيات، والبلديات، كون هذه الجهات لها علاقة كبيرة بخدمة الجمهور لتقليص التسرب في ظل ضعف الرقابة الداخلية من قبل بعض الإداريين على الموظفين والموظفات في مختلف القطاعات الحكومية».

من جهته، قال حامد المالكي، مدير ثانوية سهيل بن عبد الله (سابقا) ومصمم برنامج البصمة المدرسية في إدارة التربية والتعليم بمحافظة جدة لـ«الشرق الأوسط»، «إن الجهاز يعمل على ضبط عملية الحضور والانصراف والاستئذان، ليكون أفضل من النظام السابق وهو نظام تسجيل الاسم والوقت الذي حضر فيه المعلم للمدرسة وضبط مواعيد الدوام، إضافة إلى عدد من المهام مثل زيارات المدير للمعلمين والغياب ونحوه من المهام الإدارية التي تصل إلى أكثر من 30 مهمة إدارية، تيسر الأمر على مديري المدارس، وتحفز المعلمين على الحضور المبكر، وكل ذلك يصب في مصلحة الطالب من خلال الاستعانة بإحدى الشركات المتخصصة وإشراف إدارة التربية والتعليم في المحافظة».

وزاد المالكي: «إن وزارة التربية والتعليم ترحب بكل فكر تطويري جديد، ولكن الأمر متروك لمدير المدرسة إذا ما رأى أن تطبيق البصمة الإلكترونية سيخدم العمليتين التربوية والإدارية في مدرسته، لذلك فإن البرنامج عملت عليه إدارة تعليم جدة بعد الموافقة من قبلها، وتم عمل الكثير من ورش العمل التي أقيمت لمديري المدارس، وكان أكثر من 50 مديرا قد طبقوا النظام وأبدوا استعدادهم منذ أول ورشة عمل، من خلال معرفة مهمة الجهاز الذي يخفف على عاتقهم بعضا من الأمور الإدارية التي يقوم بها يوميا من أجل المسيرة التربوية».

وبين مصمم البرنامج: «من خلال تدريب المديرين وإخضاعهم لدورات تدريبية على الجهاز، أصبحوا يحرصون على تطبيقه ونقله من مدارسهم السابقة إلى الجديدة لنقل تلك الخبرات والبرامج، ليستفيد الكادر الجديد منها التي تصب في مصلحة العملية التربوية في الدرجة الأولى»، مشيرا إلى أن «البرنامج يعمل مرونة بعكس ما يتوقعه بعض المعلمين من تعقيدات ومراقبة، دون الأخذ في الاعتبار من تقليصه بعضا من المهام لدى مديري المدارس، لذلك من الضروري التنويه على كافة الإدارة في محافظات ومدن السعودية في حالة العمل على تطبيقه بعمل دورات لتأهيل المعلمين، وتهيئته لهم ليدركوا ما يقوم به وما يؤديه، لتغيير النظرة السلبية على تطبيق البصمة للموظفين والموظفات في البلاد».

واستطر المالكي: «في بداية الأمر، كانت هناك خطط لوضعه بشكل معمم على بعض المدارس، ليعمم على البقية في المستقبل القريب، من خلال ربطه بمكاتب التربية والتعليم التي ترتبط بإدارات المدن والمحافظات، وبدورها تنقل إلى وزارة التربية والتعليم عبر الشبكة العنكبوتية ليتم أخذ قاعة بيانات لجميع المدارس، ومعرفة مدى الانضباط بشكل أسرع من الطرق القديمة والذي لا يتجاوز قيمته نحو 2500 ريال (666 دولارا)».

وكان محمد بن سعد الدخيني، المتحدث الرسمي باسم وزارة التربية والتعليم في السعودية، قد صرح في وقت سابق بأن الوزارة ستشرع في تطبيق البصمة فقط في بعض الإدارات داخل مقر وزارة التربية والتعليم، وليس لدى الوزارة أي نية لتعميمه في مدارس التعليم العام للبنين والبنات، مشيرا إلى أن «أنظمة الوزارة الإلكترونية تخضع للتطوير المستمر ولا تزال في مراحلها الأولى من التطبيق، وستحقق بإذن الله النقلة النوعية المأمولة للأداء العام في المدارس الذي سينعكس، بشكل إيجابي، على مخرجات التعليم».

يشار إلى أن الوزارة لقيت نجاحا في تطبيق الأنظمة الإلكترونية من خلال نظام «نور» للإدارة التربوية الموحد، ونظام «فارس» للأنشطة الإدارية والمالية، وغيرها من الأنظمة التي تمثل الحكومة الإلكترونية في وزارة التربية والتعليم، تستهدف العمل على راحة المعلمين والمعلمات وتمكينهم من الحصول على الخدمات المتعلقة بالجانب المهني أو الوظيفي بسهولة، تستهدف تيسير إجراءات العمل والرفع من مستوى الإنتاجية، مشددة على عدم وجود بند ضمن خطة تطوير التعليم التي سيتم تنفيذها أو في مراحل تلك المشروعات نية لتطبيق البصمة على منسوبي مدارس التعليم العام.

يذكر أن الوزارة عملت مؤخرا على تنفيذ رؤية في تطبيق اللامركزية، وفي إطار سعيها لتطوير العمل في الميدان التربوي على كافة المستويات الإدارية والتربوية، ورغبة في أن يتجه جهاز الوزارة لوضع السياسات والتخطيط والإشراف العام، وتتجه إدارات التربية والتعليم إلى تولي كثير من الجوانب والممارسات التنفيذية، فقد أصدرت حزمة من الصلاحيات لمديري التربية والتعليم في المناطق والمحافظات بدءا، تشمل صلاحيات إضافية تمكن إدارات التربية والتعليم من ممارسة مهامهم الموكلة لهم، بما يضمن تحقيق قدر جيد من الاستقلالية الإدارية والمرونة وسرعة الإنجاز، واتخاذ الأفضل من القرارات بحكم الاحتكاك المباشر بالميدان التربوي.